* المياه، الكهرباء والغاز يغيبون عن القرية منذ 30 سنة يتكبد سكان «دشرة القلعة» الواقعة بولاية بجاية، معاناة حقيقية فرضتها ظروف قاسية جعلت السكان يتخبطون وسط مشاكل كثيرة أمام انعدام العديد من ضروريات الحياة على غرار الغاز، الإنارة والمياه الصالحة للشرب، ليزيد عامل التهميش واللامبالاة من قبل الجهات المسؤولة من غبن السكان، إذ يعيش سكان القرية حالة من التخلف التنموي جراء الركود والجمود الذي طال أمده على مستوى المشاريع التنموية بها، الأمر الذي أدخل المواطنين في رحلة البحث عن مخرج يقيهم شرّ الوقوع في المعضلات التي يحدثها تعطل المشاريع ويعمل على الإسهام في تفاقم حجم فراغهم اليومي بالقرية، حيث يشتكي السكان من غياب عدة متطلبات تعتبر من الضروريات الأساسية في حياتهم اليومية جعلتهم يتذمّرون على مدار السنة، وعلى إثر هذا قررت «السياسي» التقرب من سكان الدشرة لرصد معاناتهم الطويلة. يعيشون تحت وطأة التهميش «فقر.. حرمان... قسوة وتهميش» هي يوميات تطبع حياة سكان دشرة «القلعة»، فمع غياب أبسط ضروريات الحياة يجد المواطن نفسه وسط دوامة أنهكت قواه واستهلكت أعصابه، لا سيما وأن الوضعية المزرية التي يتكبّدونها لا يستطيع أي عقل تحمّلها أو التعايش معها، خاصة وأنّهم يعانون من الوضع القائم منذ سنوات عديدة، فالحياة البدائية اعتاد عليها سكان «القلعة»، حيث لا يزال التخلّف يسيطر على يومياتهم أين بقي السكان يتجرعون مرارة البؤس والحرمان وسط ظروف قاسية لتفرض العزلة الخانقة والتهميش سيطرتها على البسطاء الذين حرموا من حقوقهم، رغم مناشدتهم للمسؤولين بضرورة رفع الغبن عنهم من خلال برمجة المرافق الواجب توفّرها بأي مجمع سكني، فالمواطن القاطن بهذه القرية لا يزال ينتظر ساعة الفرج رغم التهميش وسياسة اللامبالاة التي رمت بكل تداعياتها على نفسية ومعيشة أهالي هذه الأخيرة التي أثرت سلبا على مستقبل شبابها وكسرت من طموح متمدرسيها ليجد المواطن الساكن بالأرياف نفسه وسط دائرة التخلف والإهمال. غاز المدينة.. الحلم المنتظر وعلاوة على المشاكل التي يعيشها سكان القرية، فهم يعانون من نقائص تنموية عديدة جعلتهم يعيشون ظروفا جد صعبة، حيث أكدوا في تصريحاتهم ل«اللسياسي» عن حرمانهم من مختلف الحاجيات والمرافق الحيوية وفي مقدمتها انعدام الغاز الطبيعي، الذي يعتبر الشغل الشاغل للسكان منذ سنوات، والذي يبقى الهاجس الأكبر لهؤلاء في ظل معاناتهم مع قارورة غاز البوتان التي أرهقت كاهلهم المادي والمعنوي. وفي هذا الصدد، أكد سكان القرية أنهم راسلوا الجهات المعنية في الكثير من المرات لتزويدهم بالمادة الحيوية وإنجاز المشروع في أقرب الآجال، خاصة وأن المنطقة معروفة ببرودتها في فصل الشتاء، أين تضطر العائلات إلى إقتناء قارورات غاز البوتان من أجل استعمالها في التدفئة والطهي. وعلى إثر هذا، أعرب ذات المتحدثين عن قلقهم واستيائهم من تجاهل السلطات المحلية لمطالبهم المرفوعة، والتي لقيت وعودا لم ترَ التجسيد الفعلي على الواقع، وهذا بعد أن تلقوا وعودا من قبل المسؤولين بالتكفل بهذا الإنشغال، إلا أن ذلك كان مجرد وعود وهمية تبقى تنتظر التجسيد، حسب سكان المنطقة. حنفياتهم جافة على مدار السنة إشتكت العائلات القاطنة على مستوى دشرة قرية «القلعة» من غياب المياه الصالحة للشرب، وهو ما جعلهم في رحلة يومية للبحث عن قطرة ماء من القرى المجاورة، إذ أصبحوا يتحصّلون على الماء بطريقة بدائية بجلبها من الحنفيات الجماعية المتواجدة بالقرية ويستعملها جميع السكان، وينقلون المياه عن طريق الحمير، وتزيد معاناة رحلة البحث عن قطرة الماء مع جفاف الحنفيات، حيث تلجأ العائلات إلى إقتناء صهاريج الماء بأسعار مرتفعة وهو ما زاد من حدة معاناة هؤلاء خاصة أصحاب الدخل الضعيف منهم، وفي هذا السياق يناشد قاطنو القرية الفلاحية المعزولة تنمويا، الجهات المعنية التدخل قصد توفير هذه المادة الحيوية التي لا يمكن الإستغناء عنها لا في فصل الصيف ولا في فصل الشتاء، وفي ذات السياق يقول (عمي سالم) القاطن بهذه القرية لأزيد من 35 سنة (إننا محرومين حتى من قطرة الماء التي نحن بصدد البحث عليها، لذا نطالب السلطات المعنية إيجاد حل لنا للحدّ من هذه المعاناة التي أصبحت سلسلة حياتنا). غياب شبه كلي للنقل إضافة إلى ما تعرفه طرق القرية من تدهور، يعرف النقل أيضا غيابا شبه كلي، مما يجعلهم في الكثير من الأحيان يستعينون بسيارات «الطاكسي» وهذا إن وجدت، فمعاناة هؤلاء لا تتوقف عند غياب ضروريات الحياة بل يشتكي السكان من انعدام النقل الريفي وعدم وجود خطوط كافية على مستوى القرية، ما يضطر بالقاطنين إلى استعمال سياراتهم الخاصة أو كراء سيارات التي لا يستطيعون دفع تكاليفها الباهظة سيما ذوي الدخل الضعيف، وعلى إثر نقص وسائل النقل وانعدامها في بعض الأحيان، يضطر بعض السكان إلى قطع مسافات طويلة على الأقدام بغية الوصول إلى الأماكن التي يتوفر فيها النقل، ولهذا يطالب هؤلاء من السلطات المعنية وعلى رأسها مديرية النقل لولاية بجاية، توفير خطوط نقل لفك العزلة عن قريتهم، حيث تكون التغطية على مدار اليوم لتسهيل تنقلاتهم رفقة عائلاتهم وقضاء حاجياتهم اليومية، ويلتمس العشرات من سكان القرية، من الجهات المعنية ضرورة التدخل العاجل وإيجاد حلول كفيلة لحلّ هذا المشكل الذي طال أمده خاصة ونحن في الألفية الثالثة والقرية تشهد حياة التخلف، وفي هذا الصدد أكد سكان قرية «القلعة» أن تزويد قريتهم بحافلة أصبح بمثابة حلم يصعب نيله، فمعظم العمال والتلاميذ يصلون إلى مقرات عملهم أو مقاعد الدراسة متأخرين، ناهيك عن المخاطر التي تحدق بالأطفال أثناء تنقلهم إلى مؤسساتهم التربوية. وعلى إثر هذا، يطالب سكان القرية من السلطات المحلية المعنية ضرورة التدخل العاجل من أجل التكفل بانشغالهم المتمثل في تهيئة طرقات القرية من خلال تعبيدها على اعتبار أنها تتواجد في وضعية مزرية وكارثية منذ سنوات طويلة، معبرين عن معاناتهم المتواصلة في فصل الشتاء، حيث تكثر الأوحال والبرك المائية بالمنطقة بالإضافة إلى الغبار المنبعث في فصل الصيف، هذه الوضعية صعّبت حياتهم ولا سيما تنقلاتهم، حيث أكد هؤلاء بأن الوضع على ما هو عليه بالرغم من عديد الشكاوى والمراسلات التي رفعوها إلى المصالح المعنية، كما طالبوا من السلطات المحلية بضرورة التدخل العاجل من أجل برمجة مشاريع تهيئة الطرقات التي تحوّلت إلى هاجس يؤرّق يومياتهم. النفايات تُحاصر الدشرة من جهة أخرى، إشتكى سكان الدشرة من الحالة الكارثية التي آلت إليها الحالة البيئية في الحي، فبالرغم من أن البلدية خصّصت شاحنة تجوب الأحياء مرتين أو ثلاثة، إلا أن عدم تطبيق البرنامج بشكل محدد ومضبوط جعل النفايات تتكدس في أرجاء الحي لتتحول إلى مصدر للإشمئزاز والروائح الكريهة ومصدر لجلب الكلاب الضالة ناهيك عن تشويه المنظر العام للحي. ويذكر السكان أن الوضع البيئي بالحي أدى إلى انتشار عدد كبير من الحيوانات الضالة كالقطط والكلاب المتشردة بغضّ النظر عن أسراب البعوض والذباب والروائح الكريهة التي أضحت تخنق الأنفاس، خصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة، كما تزايدت مخاوفهم في الآونة الأخيرة من إصابتهم بأمراض مزمنة مثل الحساسية والأمراض الجلدية، مطالبين السلطات المحلية بتدارك الوضع في أقرب وقت ممكن. وفي ذات السياق، قالت جميلة وهي ربة بيت قائلة (أنا أعاني كثيرا مع مرض ابني الصغير وذلك بسبب النفايات والحشرات المنتشرة في هذا الوسط الكارثي، فأنا أرجوا من السلطات المعنية وضع قوانين صارمة في هذا الجانب للحدّ من هذه الظواهر سواء في دشرتنا أو في مختلف أرجاء الوطن، لأن المسألة تمس المجتمع ككل). غياب فرص العمل هاجس شباب الدشرة مشكلة أخرى يُعاني منها شباب القرية، وهي غياب فرص العمل، إذ أن ظاهرة البطالة تفشّت بشكل واسع في صفوفهم، فبلديتهم تفتقر لكل أنواع الإستثمار، ولأجل الحصول على لقمة العيش يمارس البعض منهم المهن الحرة كالعمل في ورشات البناء، والبعض الآخر يمتهنون الفلاحة ويستغلون فرص الشغل الموسمي، كما عبّر شباب القرية عن قلقهم الشديد تجاه مستقبلهم، الذي خيّم عليه نوع من الضبابية والغموض، نتيجة غياب فرص عمل حقيقية في القرية خاصة الجامعيين منهم، الذين تحصّلوا على شهادات عليا في تخصصات مختلفة ليجدوا أنفسهم بعد الإنتهاء من الدراسة يعودون إلى حياة الفقر في قريتهم النائية التي لا يوجد فيها أدنى فرصة للعمل حتى في ميادين أخرى غير تخصصاتهم، وعن هذا المشكل الذي طال أمده، طالبوا من السلطات المعنية توفير فرص عمل لائقة للشباب البطال بالقرية. وفي هذا الصدد، عبر سكان القرية من الفئة الشبابية عن أسفهم من النقص الملحوظ في المرافق والهياكل الشبابية، الثقافية والترفيهية المجهزة التي من شأنها استقطاب المواهب الشابة في ظل غياب فرص العمل بالمنطقة، حيث أضحى هذا النقص الحاد في المرافق الترفيهية يؤثر عليهم وينغص حياتهم، أما عن المشهد الثقافي والمرافق الثقافية والهياكل التابعة لها فحدّث ولا حرج، إذ يشتكي شباب القرية تهميشا كبيرا من طرف السلطات، فلا وجود لدار شباب ولا ملعب، حيث يحتم عليهم التنقل إلى الحقول والمزارع غير المحروثة بحثا عن أوقات للرفاهية، في حين يزاول شباب المدن كل الرياضات في أماكنها المخصصة لكل رياضة، وهذا ما اعتبره هؤلاء تهميشا و«حڤره» من طرف المسؤولين المعنيين جراء ما يعانيه شباب القرية، وفي هذا الصدد يقول فارس (لم نعد نرى أنفسنا مثل باقي الشباب وهذا من جراء الفراغ الذي نعانيه خاصة مع انعدام المرافق الترفيهية التي تساهم في محو الملل الذي نعيشه بشكل يومي). وأمام هذه الأوضاع التي يتكبدها سكان دشرة «القلعة» ببجاية لأزيد من 30 سنة، فإنهم يطالبون عبر صفحات «السياسي»، من السلطات المعنية التدخل العاجل لإخراجهم من دائرة الغبن التي أصبحت مفروضة عليهم وقدر محتوم لهذه الدشرة، وفي هذا الإطار يقول أحد القاطنين بالدشرة (مللنا من سلسلة الوعود الزائفة التي يتقدم بها المسؤولين في كل مرة ونحن نأمل اليوم وعبر «السياسي» أن تكون لنا آذان صاغية لإخراجنا من دائرة الغبن التي نعيشها لأزيد من 30 سنة).