كثيرا ما يتلفظ الآباء والأمهات بكلمات لا يحسبون لها حسابا ولكنها تدّمر الأهداف التربوية التي ينشدونها، وهذا لجهلهم بأن الكلمة هي أساس التربية، وهو ما جعل العديد من الأسر تعيش على وقع عدة ألفاظ بذيئة يتلفظ بها أطفالها حتى داخل المنزل وأمام أوليائهم، وفي الكثير من الأحيان، يجهل الأولياء أنها عبارات اكتسبها هذا الطفل الصغير من وسطه الاجتماعي والتي تكون صادرة، في غالب الأحيان، من العائلة، وهو ما نراه كحقيقة على ارض الواقع، حيث نجد العديد من أولياء الأمور يطلقون العديد من العبارات الدنيئة والبذيئة التي قد تكون احد أسباب تفشي العديد من المشاكل الأسرية، وعلى إثر هذا، ارتأت السياسي التقرب من المواطنين والمختصين للتعرف أكثر على هذا الواقع الذي لا يحسب له حساب، وهذا لجهلهم بالمخاطر المستقبلية لهذه الألفاظ والعبارات. أولياء يشتكون وأمام تصدر الألفاظ البذيئة ألسنة الأطفال، قامت السياسي بجولة قصيرة إلى شوارع العاصمة، للتقرب من بعض أولياء الأمور، للتعرف أكثر على مدى تفطنهم للألفاظ المستخدمة في تربية أطفالهم ومدى انعكاسها على تربية الطفل، وفي هذا الصدد، تقول حكيمة، 43 سنة، في حقيقة الامر، عندما كان ابني الصغير يقلقني، كنت أتلفظ ببعض الألفاظ التي كان عليّ عدم التلفظ بها، حيث قبل بلوغه السنة، بدأ في التلفظ بعبارات، ومنذ ذبك اليوم، بدأت معاناة أخرى خاصة وأن والده يشرع في الضحك حين سماعه تلفظ ابنه بألفاظ دنيئة وهو الامر الذي صعّب عليّ إجبار الطفل على الإقلاع عنها ، أما سمية من دالي إبراهيم، فقالت هذه المشكلة لا تخص عائلتي لكن زوجة الأخ تعاني من تلفظ أبنائها لألفاظ بذيئة وحتى السباب لأن العديد من الأمهات، خلال تربيتهن لأبنائهن، يقمن بالتفوه ببعض العبارات الدنيئة والتي نجدها تتردد على أفواه العديد من الأطفال، وهو الامر الذي يتذمر له الكثير من الأولياء متجاهلين بذلك أن مصدر اكتسابها هو الوسط العائلي ، وفي ذات السياق، روت العديد من الأمهات معاناتهن مع الأطفال جراء هذه الألفاظ، وفي هذا الصدد، تقول جميلة كنت أعاتب ابني الصغير على تفوهه ببعض الألفاظ، الامر الذي جعلني اندم على تلك الألفاظ التي كنت أتلفظ بها ، ومن جانب آخر، تضيف سعاد، ربة بيت من الأبيار، قائلة عانيت الكثير في تربية ابني خاصة وأنه كان يتلفظ ببعض الألفاظ والعبارات الدنيئة الصادرة من والده، وهو الامر الذي استدعى مني استعمال الضرب وأساليب القسوة حتى يتخلى عنها، إلا أن عدم معارضة الوالد لتصرفات ابنه وهو يتلفظ بمثل تلك الألفاظ صعّبت عليّ ذلك . مختصون: أولى مكتسبات الطفل من المحيط الأسري وفي ظل تجاهل العديد من المواطنين لاكتساب الأطفال للعبارات والألفاظ الدنيئة من المحيط الأسري، تقربنا من ذوي الاختصاص، لإفادة الأسر، بالخصوص الأمهات والآباء، بخطورة هذه الألفاظ في الوسط الأسري، وفي هذا السياق، تقول المختصة في علم الاجتماع ق. وردة ، أن الأولياء قدوة الأطفال والسلوكيات النابعة منهم معظمها مكتسبة من المحيط الذي يعيش فيه الطفل سواء أكانت سلوكيات حميدة أو قبيحة، فالطفل الصغير عندما يبدأ بتعلم الكلام، فهو يلتقط عددا كبيرا من الألفاظ التي يسمعها في وسطه الأسري بالخصوص من طرف الأبوين، فإذا كانت الأم تخاطب ابنها بعبارات سخرية وألفاظ دنيئة، من ثمّ، يبدأ الطفل بترديد هذه العبارات دون فهم معناها وهو ما يثير نوعا من الضحك لدى بعض العائلات خصوصا أثناء تلفظ هذا الصغير لعبارات تفوق سنه وتزيد خطورة هذا الامر بجهل العديد من الأولياء مصير هذه العبارات في المستقبل والتي قد تنقلب عليهم لأنه كثيرا ما ترافق هذه الألفاظ الطفل خلال نموهم، وتقول المختصة في علم الاجتماع أنا كمختصة، أوصي الأولياء بتجنّب الكلمات الدنيئة داخل المحيط الأسري وإذا تم سماعها من أفواه الأطفال، يجب تجنّب الضحك لان ذلك يحفز الطفل على إعادتها مرة أخرى وباعتبار الطفل يلتقط منذ ميلاده السلوكيات والألفاظ من المحيطين به، وعليه، يمكن أن يكون الآباء والقائمون على التربية مصدرا رئيسيا لهذه السلوكيات المكتسبة ، وفي ذات السياق، يضيف الاجتماعي الأستاذ بوسعادة رشيد قائلا هناك العديد من أولياء الأمور يضحكون عندما يسمعون أبناءهم يتلفظون ببعض العبارات الدنيئة ويعتبرون ان مكتسباتهم زادت وهذا خطأ، لذا، أنصح الأولياء بأخذ الحيطة في استخدامهم لمختلف الألفاظ لان أساس تربية الأبناء قائم على أساس اللغة وتربية الأبناء يعني تربية جيل بأكمله ، وفي ذات السياق، يقول الاستاذ غرس الله إن الكلمة هي التي تصنع اطفالكم وتصنع مستقبلهم والطفل هو ثمرة العائلة، فإذا كان هناك فراغ لغوي في الوسط العائلي تبدأ ألفاظ البذاءة والشارع تتغلغل داخل الاسرة وهنا يبدأ الطفل باكتسابها وهذا الطفل عندما يكبر ويتحول الى اب، يبقى هذا الموروث الثقافي الفارغ يدور بين هذه الأوساط الاجتماعية، لذا، أوصي المقبلين على الزواج وبناء عائلة اخذ الحذر لان الطفل يتربى بالكلمة وعلى الاولياء الاحتراف لإنشاء جيل صالح لانه، كما وسبق وقلنا، الكلام هو اساس التربية، فحالات الضرب والاعتداء على الاصول سببها سوء التعامل مع الاطفال وسوء الكلام لانه كلما كانت الالفاظ والعبارات مهذبة في الوسط الاسري، تكون السلوكيات مهذبة وعلى الآباء تشديد الرقابة وترصد بعضهم البعض ومع ابنائهم .