تشهد ولاية الجزائر إنتشارا ملفتا للأسواق الموازية، بالرغم من الإجراءات التي إتخذتها كل من وزارتي التجارة والداخلية للقضاء على هذه الفضاءات، التي عادت للظهور في العديد من البلديات، بعد أن تمت إزالتها في وقت سابق موازاة مع ظهور أخرى جديدة. وتبقى أسباب عودة ظهورالأسواق الموازية أو نشأة أخرى جديدة مرتبطة بعدم تمكّن العديد من الشباب من الحصول على محلات لمزاولة هذا النشاط التجاري بصفة منظمة تلغي هذه الأسواق التي يقبل عليها المواطنون بكثرة، بالرغم من كل المخاطر التي يمكن أن تهدّد صحتهم كمستهلكين للسلع التي تعرض بها بطريقة غير مناسبة. كما يبقى التجار النظاميون الأكثر تضررا من عودة ظهور هذه الأسواق في العديد من النقاط التي سبق وأن تم تطهيرها، حيث اعتقدوا أنهم تخلصوا نهائيا من منافسين غير شرعيين، في إطار حملة إزالة الأسواق الموازية التي شرع فيها منذ سنة 2012 قبل أن يعود أصحاب الطاولات بشكل تدريجي إلى الأماكن التي غادروها دون أي عائق. وفي هذا السياق، أبدى محمد صاحب محل لبيع الملابس النسوية بسوق عين النعجة ببلدية جسرقسنطينة إستيائه الشديد من عودة الباعة الفوضويين بالقرب من محيط السوق النظامي، موضحا ذلك بالقول لقد عاد هؤلاء التجار الى نفس المكان الذي كانوا به بشكل طبيعي وعادي جدا ، مشيرا الى ان المشاكل التي يخلفها هذا الواقع معروفة لدى الجميع، فإلي جانب المنافسة غير الشرعية التي يفرضها الباعة، هناك مشاكل أخرى تتعلق بنظافة المحيط والازدحام الذي عاد ليميز مدخل السوق والمشاحنات اليومية بين الطرفين. وببلدية باب الزوار مثال آخر مشابه، عن عودة النشاط بالأسواق الفوضوية التي سبق وأن تمت إزالتها على غرار عودة أزيد من 130 تاجرا للعمل بمحيط حي سوريكال وهو الموقع الذي كان القضاء عليه بمثابة حلم تحقّق بالنسبة لسكان الحي الذين عادوا ليتعايشوا مجبرين مع واقع هذا السوق الذي شوه محيط تجمعهم السكني. وإلى جانب عودة هذه الأسواق إلى مواقعها القديمة، ظهرت أسواق فوضوية جديدة تشكّلت أيضا بصفة تدريجية عبر العديد من بلديات ولاية الجزائر وهي تضم اليوم العشرات من التجار الذين يقولون أنهم لم يجدوا بديلا عن هذا العمل الذي وفر لهم ولعائلاتهم مصدر رزق هم بأمس الحاجة اليه. ومن بين الأمثلة على ظهور الأسواق الجديدة، الموقع المحاذي للسوق المغطى ببلدية عين طاية والذي حوله أزيد من ثلاثين تاجرا إلى سوق مواز لبيع مختلف السلع، وكذا حي كوسيدار ببلدية برج البحري الذي بات يستقطب المواطنين بكثرة ما شجع التجارالفوضويين على الإستقرار فيه. غياب البديل ساهم في العودة وبقوة من جهته، أكد رئيس مصلحة ملاحظة الأسواق بمديرية التجارة لولاية الجزائر، جعطي محمد الطاهر، أن مصالح المديرية سجلت عودة 36 سوقا موازية للنشاط من بين 127 سوق، التي تمت إزالتها منذ الشروع في القضاء على الأسواق الفوضوية سنة 2012. وأوضح جعطي أن 1483 تاجر ينشطون بهذه الأسواق الفوضوية، موضحا أن سبب عودة تلك الفضاءات التجارية راجع لعدم تحصل التجارعلى محلات لممارسة عملهم، وأضاف المتحدث أن عملية تسليم المحلات لمستحقيها من الشباب لاتزال متواصلة وهي مرتبطة بإستلام المحلات والأسواق الجاري إنجازها عبر عدد من بلديات الولاية، مضيفا أن التكفل بهذه الفئة هو مسألة وقت وسيتمكّن كل التجار الذين كانوا ينشطون في تلك الأسواق قريبا من ممارسة عملهم ضمن أطر قانونية مشروعة. وفي سياق متصل، كشف جعطي عن ظهور مواقع جديدة للأسواق الفوضوية بولاية الجزائر والتي بلغ عددها 24 سوقا ينشط بها نحو 807 تاجر، علما أن العدد الحالي للأسواق الموازية بالولاية يبلغ 33 سوقا ينشط من خلالها 2229 تاجر فوضوي. يشار إلى أن وزير التجارة، مصطفى بن بادة، أكد في وقت سابق، أن أزيد من 835 سوق فوضوي على المستوى الوطني تمت إزالتها خلال سنة 2013 مع إتمام إنجاز أو مباشرة إنجاز ما لا يقل عن 1000 هيكل تجاري جديد موجّهة لإستيعاب التجار الذين كانوا ينشطون في تلك الأسواق، في إطار البرنامج الوطني الرامي إلى تطهير الأسواق الفوضوية الذي شرع في تطبيقه نهاية أوت من سنة 2012 من قبل وزارة الداخلية والجماعات المحلية بالتنسيق مع وزارة التجارة.