عرض المتحف الوطني للفنون الجميلة مساء الخميس الماضي شريطا وثائقيا بعنوان خمسون سنة من الفن الجزائري عبارة عن رحلة في تاريخ الفن التشكيلي الجزائري، من خلال فعاليات معرض بنفس العنوان نظّم بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال. يأخذ هذا الشريط الذي أنجزه و أخرجه بوعلام عيساوي بطلب من إدارة المتحف المشاهد على مدى 58 دقيقة في رحلة تقص مسيرة الفن التشكيلي الجزائري في فترة تمتد من بداية الاستقلال إلى مطلع الألفية الثانية وذلك من خلال رصد الكاميرا لوقائع المعرض الضخم الذي احتضنه متحف الفنون الجميلة بالحامة، في إطار إحياء الذكرى الخمسين لاستقلال الذي امتدي من جويلية الى ديسمبر 2012. وقد تجولت كاميرا عيساوي في أروقة المتحف التي تحولت بمناسبة ذلك المعرض الذي ضم 125 عمل من إنجاز فنانين تشكيليين ينتمون لأجيال ومدارس واتجاهات مختلفة متنقلة من التجريدي للواقع مرورا بالمنمنمات وفن الخط ومن الرسم إلى النحت وتقنيات إبداعية أخرى للتعريف بإنجازات المبدع الجزائري وللتأريخ لهذا الفن الذي هو الآن في حاجة اليوم إلى اهتمام اكبر من قبل مؤرخي الفن والباحثين في هذا المجال. كما قدّم الشريط شهادات العديد من الفنانين الذين تحدثوا، على غرار الفنان بشير يلس، أول رئيس لاتحاد التشكيلين الجزائريين، عن واقع وتطور الفن التشكيلي الجزائري بعد الاستقلال ومختلف الاتجاهات التي ظهرت مثل جماعة اوشام التي ميزت المشهد الفني التشيكلي. وتحدث الفنان والنحات ارزقي زيرارتي بعفوية وصدق عن تجربته مع هذا الفن التي بدأها كحرفي في البناء والزخرفة ومنها استمد، كما قال، حبه للرسم والنحت، معتبرا أن الفنان الحقيق يستلهم أعماله من محيطه وبيئته. وفي الشريط أيضا شهادات لفنانات وفنانين تركوا بصمات عميقة في سجل هذا الفن الأصيل مثل عميدة التشكيليات الجزائريات سهيلة بلبحار والفنانة زهرة سلال عاشقة الصحراء ورسومات الطاسيلي والفنان مصطفى عدان وصالح حيون و دنيس مارتيناز والخطاط عبد الحميد إسكندر وغيرهم، كما أعطيت الكلمة في الشريط للأستاذة الجامعية والأديبة نجاة خدة للحديث عن علاقة زوجها الراحل الفنان الكبير محمد خدة بعالم الريشة واتصاله من خلال اعماله ومعارضه بكافة الفئات لتقريب هذا الفن من الجميع. ولم يغيب طيف الفنان الكبير محمد ايسياخم عن المعرض وعن الشريط حيث كان حاضرا بأعماله و أيضا من خلال حديث زملاءه والنقاد عن إبداعاته. وفي ختام العرض، تواصل الحديث عن الفن التشكيلي الجزائري وعن واقعه وتطلعات المبدعين من خلال النقاش الذي سمح للحضور من فنانين ونقاد وباحثين من طرح بعض المسائل منها ضرورة الاهتمام بحفظ وإثراء أرشيف المتحف وأيضا إنجاز أبحاث حول مسار واتجاهات الفن التشكيلي الجزائري، كما دعا البعض الى انجاز المزيد من الأشرطة حول هذا الفن ومماريسيه و تقريبه من جميع الفئات لاسيما الأطفال لان في أعماق كل طفل، كما قيل فنان بدليل معرفته للرسم قبل الكتابة.