ينتشر لدينا في مجتمعنا استخدام الزنجبيل وبالذات خلال فترة الشتاء إما بإضافته للأكل كبهارات أو غليه مع الشاي أو الحليب، أو يتناوله البعض مغليا لوحده. فيسأل كثير من مرضى القلب والضغط والكولسترول: هل أستطيع تناوله؟ وهل يتفاعل مع أدويتي؟ وهل يقوم مقام الأسبرين، بحيث يمكن الاستغناء عن الأسبرين والبلافكس؟. الزنجبيل هو نبته تنتشر في جنوبالصين والهند، وتستخدم من آلاف السنين كبهارات وتوابل للأكل وكذلك في بعض الاستخدامات الصحية القديمة، ولكننا سنعرض هنا لما يخص مرضى القلب فقط. هل شرب الزنجبيل يسبب ارتفاعا في الضغط؟ بالعكس ثبت علميا أن الزنجبيل يخفض الضغط نسبيا ولا يرفعه، بل كان يستخدم كدواء لإرْتفاع الضغط في القرون الماضية. ويعمل الزنجبيل على خفض الضغط وتباطؤ نبضات القلب، وذلك بإغلاق قنوات الكالسيوم التي تعتمد عليها عضلات القلب والأوعية الدموية بالانقباض تماما مثل تأثير (دواء الفيراباميل)، بل أنه يقلل إصدار مادة الفينايلايفرين في الدم، وهذا يسبّب توسعا نسبيا للأوعية الدموية ويعطي شعورا خاطئا بالدفء لأنه لايحفظ حرارة الجسم مثل (الفروة والكوت)، بل يشتتها بسرعة ولذلك يبدأ الشخص بالإحساس بالبرودة اشد من فترة ما قبل تناوله للزنجبيل إذا لم يكن قريبا من مصدر دائم للحرارة، لكن ذلك التأثير الخافض للضغط غير كاف لإستخدامه طبيا كعلاج، لأنه محدود جدا لايتجاوز 5 ملم من الزئبق في الانقباضي. وهذا الانخفاض قد يكون واضحا جدا في من كان قوامهم نحيلا جدا ولديهم انخفاض ضغط مزمن يعانون منه فيكون الزنجبيل القشة التي قصمت ظهر البعير، فيعاني من الدوخه بعد شرب الزنجبيل وقد وجدت ثلاث حالات يعانون من هذه الظاهرة حديثا. ويسأل كثير من المرضى أن ضغطهم يرتفع بعد الزنجبيل، ونستطيع أن نؤكد لهم أن هذا ليس بالتأثير الكيميائي للزنجبيل، ولكن قد يكون ضغطهم متقلبا أو غير متحكم به وصادف ارتفاعا بعد التناول. وكذلك من الظواهر المعروفة أن المرضى غير المتحكمين بالضغط أو كانوا قريبين منه، يرتفع الضغط لديهم في الشتاء بسبب برودة الجو الخارجي. هل الزنجبيل آمن ولا يتفاعل مع أدوية القلب؟ الزنجبيل كمادة غذائية من التوابل آمن لوحده، ولكنه يتفاعل مع عدة أنواع من الأدوية فمثلا يسبّب ارتفاع سيولة الدم فيمن يستخدم الورفارين. ويزيد من تأثير الأسبرين والبلافكس على الصفائح الدموية، بل ويزيد من تأثير أدوية السكر في من يعانون من مرض السكر وبالتالي فإنه من الممكن أن يسبب هبوطا للسكر. هل الزنجبيل يؤثر على القلب؟ غالبا لايؤثر إذا كانت الكمية اليومية لتناوله أقل من 2 غرام يوميا، ولكن إن زاد عن ذلك فقد يسبّب هبوطا للضغط وانخفاضا في النبضات لأنهما يشتركان في نفس طريقة تأثير الزنجبيل، وهو إغلاق قنوات الكالسيوم جزئيا في خلايا لقلب وبالذات في الأذينين. هل الزنجبيل يخفض الكولسترول؟ نعم، ثبت علميا أن الزنجبيل يخفض الكولسترول الضار بنسبة 10 %، وهي لا تتعدى نسبة تأثير الحمية فقط، ولذلك هي نسبة غير فعالة في مرضى القلب الذين يحتاجون خفض للكولسترول الضار بنسبة 50 إلى 60 %. هل الزنجبيل يغني عن الأسبرين والبلافكس؟ لا، وقد وجدت كثيرا من المرضى يقعون في هذا الخطأ الفادح ويضرون نفسهم بحدوث جلطة القلب وتدهور العضلة لأنهم فهموا فهما خاطئا، فالزنجبيل يزيد من سيولة الدم نسبيا، ولكنه لايصل إلى الدرجة المطلوبة علميا لمنع التخثر وتكوين الجلطة وبالتالي فهو لا يفيد المريض، بل يزيده ضررا إذا كان يتناول الأسبرين ولا يعطيه حماية إذا تناوله لوحده. الخلاصة الزنجبيل مشروب شعبي يجب ألا يعطي خصائص سحرية تجعله البلسم الشافي من كل داء، وفي الجهة المقابلة يجب ألا يحارب ويمنع الناس من الاستمتاع به والاعتدال في تناوله هو المطلوب بحيث لا يزيد تناوله يوميا عن 2 غرام على وجه العموم، ولكن من يأخذون أدوية السيولة والسكر ألا يزيد عن غرام واحد يوميا.