فصل فيما ورد من كلام الصحابة والسلف الصالح في فضله - عن جابر رضي اللّه عنه قال: قال عمر بن الخطاب: أبوبكر سيدنا. - عن عمر رضي اللّه عنه قال: لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم، وقال: لقد كان ريح أبي بكر أطيب من ريح المسك. - عن علي رضي اللّه عنه أنه دخل على أبي بكر وهو مسجى فقال: ما أحد لقي اللّه بصحيفته أحب إلى من هذا المسجّى. - عن جحيفة، قال: قال علي: خير الناس بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أبوبكر وعمر، لا يجتمع حبى وبغض أبي بكر وعمر في قلب مؤمن. - وأخرج في الكبير عن ابن عمر قال: ثلاثة من قريش أصبح قريش وجوهًا، وأحسنها أخلاقًا وأثبتها جنانًا، إن حدثوك لم يكذبوك، وإن حدثتهم لم يكذبونك: أبوبكر الصديق، وأبو عبيدة بن الجراح، وعثمان بن عفان. - عن إبراهيم النخعي قال: كان أبو بكر يسمى (الأواه) لرأفته ورحمته. - عن ربيع بن أنس قال: مكتوب في الكتاب الأول: مثل أبي بكر الصديق مثل القطر، أينما وقع نفع. - وأخرج عن الزهري قال: من فضل أبي بكر أنه لم يشك في اللّه ساعة قط. - عن الزبير بن بكار قال: سمعت بعض أهل العلم يقول: خطباء أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب رضي اللّه عنه. - وأخرج عن أبي حصين قال: ما ولد لآدم في ذريته بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر، ولقد قام أبوبكر يوم الردة مقام نبي من الأنبياء. - أخرج الدنيوي في المجالسة، عن الشعبي، قال: خص اللّه تبارك وتعالى أبا بكر بأربع خصال لم يخص بها أحدًا من الناس، سماه الصديق ولم يسم أحدًا الصديق غيره، وهو صاحب الغار مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ورفيقه في الهجرة وأمره رسول اللّه بالصلاة والمسلمون شهود. - وأخرج ابن أبي داود في كتاب المصاحف عن جعفر قال: كان أبوبكر يسمع مناجاة جبريل للنبي صلى اللّه عليه وسلم ولا يراه. - وأخرج الحاكم عن ابن المسيب قال: كان أبوبكر من النبي صلى اللّه عليه وسلم مكان الوزير فكان يشاوره في جميع أموره، وكان ثانيه في الإسلام، وثانيه في الغار، وثانيه في العريش يوم بدر، وثانيه في القبر، ولم يكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقدم عليه أحدًا. فصل في الأحاديث والآيات المشيرة إلى خلافته وكلام الأئمة في ذلك - عن حذيفة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر). - عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (يكون خلفي اثنا عشر خليفة: أبوبكر لا يلبث إلا قليلاً)، وفي الصحيحين أنه صلى اللّه عليه وسلم لما خطب قرب وفاته وقال: (إن عبدًا خيره اللّه)، وفي الحديث وفي آخره: (ولا يبقين باب إلا سد، إلا باب أبي بكر)، وفي لفظ لهما: (لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر). قال العلماء: هذا إشارة إلى الخلافة، لأنه يخرج منها إلى الصلاة بالمسلمين، وقد ورد هذا اللفظ من حديث أنس (سدوا هذه الأبواب الشارعة في المسجد إلا باب أبي بكر). - عن أنس رضي اللّه عنه قال: بعثني بنو المصطلق إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن سلْه إلى من ندفع صدقاتنا بعدك، فأتيته فسألته: (إلى أبي بكر). - عن ابن عباس رضي اللّه عنه عن أبيه قال: أتت امرأة إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم تسأله شيئا، فقال لها: (تعودين) فقالت: يا رسول اللّه إن عدت فلم أجدك-تعرض بالموت- فقال: (إن جئت فلم تجديني فائْتي أبا بكر، فإنه الخليفة من بعدي). - وأخرج مسلم عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في مرضه: (ادعي لي أبا بكر أباك وأخاك أكتب كتابًا، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى اللّه والمؤمنون إلا أبا بكر). - عن عائشة رضي اللّه عنها أنها سئلت: من كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مستخلفًا لو استخلف؟ قالت: أبوبكر، قيل لها: ثم من بعد أبي بكر؟ قالت: عمر، قيل لها: من بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة الجراح. - عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه قال: مرض النبي صلى اللّه عليه وسلم، فاشْتد مرضه، فقال: (مروا أبا بكر فليصل بالناس)، قالت عائشة: يا رسول اللّه إنه رجل رقيق القلب، إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس، فقال: (مري أبا بكر فليصل بالناس)، فعادت، فقال: (مري أبابكر فليصل بالناس، فإنكن صواحب يوسف)، فأتاه الرسول فصلى بالناس في حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. - وفي حديث ابن عمر: (كبر عمر فسمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تكبيره فأطلع رأسه مغضبًا فقال: أين ابن أبس قحافة؟). - قال العلماء: في هذا الحديث أوضح دلالة على أن الصديق أفضل الصحابة على الإطلاق، وأحقهم بالخلافة، وأولاهم بالإمامة. - قال الأشعري: قد علم بالضرورة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمر الصديق أن يصلى بالناس مع حضور المهاجرين والأنصار مع قوله: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللّه) فدلّ على أنه كان أقرأهم: أي أعلمهم بالقرآن. - عن أبي بكر بن عياش قال: قال لي الرشيد: يا أبا بكر كيف استخلف الناس أبا بكر الصديق؟ قلت: يا أمير المؤمنين، سكت اللّه وسكت رسوله وسكت المؤمنون، قال: واللّه ما زدتني إلا غمًا، قال: يا أمير المؤمنين مرض النبي صلى اللّه عليه وسلم ثمانية أيام، فدخل عليه بلال فقال: يا رسول اللّه من يصلي بالناس؟ قال: مُر أبا بكر يصلي بالناس، فصلى أبوبكر بالناس ثمانية أيام والوحي ينزل، فسكت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لسكوت اللّه، وسكت المؤمنون لسكوت رسول اللّه، فأعجبه فقال: بارك اللّه فيك. وقد استنبط جماعة من العلماء خلافة الصديق من آيات القرآن، عن الحسن البصري في قوله تعالى: (يا أيٌها الذين آمنوا من يرْتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي اللّه بقوم يحبّهم ويحبّونه) (المائدة: 54) قال: هو واللّه أبو بكر وأصحابه لما ارتدت العرب جاهدهم أبوبكر وأصحابه حتى ردوهم إلى الإسلام. - وأخرج ابن أبي حاتم عن جويبر في قوله تعالى: (قل للمخلّفين من الأعراب ستدْعوْن إلى قوم أوْلي بأس شديد) (الفتح: 16) قال: هم بنو حنيفة، قال ابن أبى حاتم وابن قتيبة: هذه الآية حجة على خلافة الصديق؛ لأنه الذي دعا إلى قتالهم. - وقال الشيخ أبو الحسن الأشعري: سمعت أبا العباس بن شريح يقول: خلافة الصديق في القرآن في هذه الآية، قال: لأن أهل العلم أجمعوا على أنه لم يكن بعد نزولها قتال دعوا إليه إلا دعاء أبي بكر لهم، وللناس الى قتال أهل الردة ومن منع الزكاة، قال فدل ذلك على وجوب خلافة أبى بكر وافتراض طاعته، إذ أخبر اللّه أن المتولى عن ذلك يعذَّب عذابًا أليما، قال ابن كثير: ومن فسر القوم بأنهم فارس والروم، فالصديق هو الذي جهز الجيوش إليهم، وتمام أمرهم كان على يد عمر وعثمان، وهما فرعا الصديق، وقال تعالى: (وعد اللّه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليسْتخلفنهم في الأرض) (النور: 55)، قال ابن كثير: هذه الآية منطبقة على خلافة الصديق. - عن الزعفراني قال: سمعت الشافعي يقول: أجمع الناس على خلافة أبي بكر الصديق، وذلك أنه اضطر الناس بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلم يجدوا تحت أديم السماء خيرًا من أبي بكر فولوه رقابهم. - عن معاوية بن قرة قال: ما كان أصحاب رسول اللّه يشكون أن أبا بكر خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وما كانوا يجتمعون على خطأ ولا ضلال. - عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند اللّه حسن، وما رآه المسلمون سيئًا فهو عند اللّه سيئ وقد رأى الصحابة جميعا أن يستخلفوا أبا بكر.