أكد نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح امس، بالجزائر العاصمة أن عظمة الثورة التحريرية وثراء تاريخنا الوطني يستوجب المزيد من الجهد و الرعاية المخلصة وتسليط الضوء على المحطات المضيئة لهذه الثورة . وقال الفريق قايد صالح بمناسبة افتتاح أشغال الندوة التاريخية بعنوان انتصارات إستراتيجية لثورة نوفمبر1954 أن ثورة بهذه العظمة وشعب بهذه المواصفات هما جديران بكل التقدير لاسيما في مجال تدوين التاريخ الوطني الذي ينبغي بل ومن الضروري أن يولى له الاهتمام ويسلط الضوء على النقاط والمحطات المضيئة لهذه الثورة الشعبية والعالمية . وأضاف يقول أن هذا الانتصار المحقق هو خير دليل على سمو هذه الثورة وعلى علو شأنها وشأن شعبها وهي مكرمات يليق بنا أن نجزل التقدير والاحترام لمن صنعوها ومهدوا درب نجاحها والتنويه بجهود كل من ساهم في كتابة التاريخ الوطني، غير أن عظمة الثورة التحريرية وغزارة وثراء تاريخنا الوطني في عمومه يستوجب المزيد من الجهد والمزيد من الرعاية المخلصة . واعتبر الفريق أن قيم الثورة التحريرية المجيدة ومبادئها السامية التي حررت الجزائر بالأمس هي ذاتها التي ينبغي أن تغرس في النفوس وترسخ في العقول لتكون بذلك الضمانة الأكيدة لحاضر بلادنا ومستقبلها وتلكم مسؤولية ثقيلة يتعين على أبناء الجزائر جيلا بعد جيل أن يتحملوها بكل مثابرة ووفاء وإخلاص . وذكر بهذا الخصوص حرصه الدائم على تلقينه لأفراد الجيش الوطني الشعبي لاسيما فئة الشباب منهم عظمة ثورة نوفمبر المجيدة التي تمثل إنجازا عظيما بكل المقاييس بشهادة كافة أحرار أمم وشعوب العالم وأنها بقدر ما تبعث في النفوس آيات العرفان والتقدير لمن صنعوها والاعتزاز بالانتماء إلى هذا الشعب الذي أنجبهم فإنها أيضا تعد مصدر تحفيز على التمسك بالسير على خطاهم . وأشار في نفس الإطار إلى أن ذكرى مجازر 8 ماي 1945 هي محطة نستقرئ من خلالها بواعث ومدلولات تلك الفترة العصيبة في تاريخ الجزائر التي كشفت عن الوجه الحقيقي البشع للاستعمار الفرنسي الذي كان يعتقد أن أسلوب الترهيب والتقتيل والإبادة الجماعية ستقمع الجزائريين وستحول دون تفكيرهم في المطالبة بحريتهم واستقلالهم . هذه الثورة المظفرة--أضاف يقول-- التي نقدرها حق قدرها في الجيش الوطني الشعبي ونعتز دوما بالرجوع إلى منابعها والتسلح بقيمها النبيلة ونعمل دون هوادة في ظل قيادة المجاهد فخامة رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني على ترسيخ مبادئها الخالدة في عقول أفراد قواتنا المسلحة حتى تسمو بنفوسهم وهمتهم إلى ما تستحقه الجزائر من مقام عال ومراتب رفيعة بين الأمم والشعوب . واسترسل الفريق قائلا أن الأصفياء من المجاهدين هم من أكسبوا ثورتنا التحريرية ميزتها العالمية وأثروا على مجرى الأحداث الدولية لفائدة الإنسانية جمعاء وبهذا الوعي الكامل بمتطلبات تحقيق النصر نفذ هجوم الشمال القسنطيني الذي كان نصرا إستراتيجيا على المستويين الداخلي والخارجي ازداد معه الالتحام الشعبي بثورته قوة علاوة على الانتصارات الأخرى على غرار تكسير الحصار الدبلوماسي الذي حاول الاحتلال فرضه على القضية الجزائرية. وواصل يقول أن بعد النتائج الباهرة لهجوم الشمال القسنطيني استوجب التفكير في بلوغ مستويات تستلزم بالضرورة وقفة تقييمية وتنظيمية تبناها مؤتمر الصومام في شهر أوت 1956 وبذلك حلت مرحلة جديدة في كفاح الشعب الجزائري أرست وبصفة نهائية أسس الثورة على جميع الأصعدة تزاوج معها العمل المسلح للمجاهدين مع التضامن الشعبي بما أسهم في زيادة اشتعال لهيب الثورة وتكثيف الكفاح المسلح وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى رضوخ الاستعمار الفرنسي وإرغامه مذعنا على التفاوض حيث سجل الوفد الجزائري المفاوض نجاحات باهرة بددت أطماع المستعمر وفتحت أفقا جديدة أمام الجزائريين من أجل استعادة استقلالهم وسيادتهم الوطنية. إن الحديث عن هذه المحطات--أضاف يقول-- ليس على سبيل الحصر وإنما لما كان لها مثل غيرها من المحطات من وقع إيجابي على مسار كفاح الشعب الجزائري ولما أحدثته من تأثيرات وانعكاسات في صفوف العدو الفرنسي فثورة نوفمبر المباركة بكل تفاصيلها كانت في الواقع نصرا إستراتيجيا لكل الشعوب التي كانت ترزح تحت سيطرة الاحتلال وستبقى هذه الثورة مرجعا تستوحى منه القيم النبيلة من تضحية ووفاء ووطنية . وحضر هذه الندوة التاريخية التي نظمتها مديرية الإيصال والإعلام والتوجيه لأركان الجيش الوطني الشعبي، كل من وزير المجاهدين الطيب زيتوني ووزير الاتصال حميد قرين وعدد من الشخصيات الوطنية والتاريخية وإطارات وطلبة من الجيش الوطني الشعبي وطلبة جامعيين. وتم خلال نفس الندوة عرض شريط وثائقي حول المناسبة ليتابع الحضور بعدها مداخلات كل من المجاهد عبد القادر العمودي عضو مجموعة 22 بعنوان خيار العمل المسلح والمجاهد الوزير السابق صالح قوجيل بعنوان تأثير هجومات 20 أوت 1955 في تنظيم مؤتمر الصومام 1956 . كما نشط المجاهد رئيس الحكومة الأسبق رضا مالك محاضرة بعنوان: الأحداث الكبرى للثورة في مرحلتها الأخيرة فيما تمحورت مداخلة الدكتور جمال يحياوي حول تحليل المحطات التاريخية للثورة التحريرية .