تشهد بحيرة سيدي أمحمد بن علي بولاية سيدي بلعباس توافدا كبيرا للعائلات التي تقصد هذا الفضاء الطبيعي الخلاب طلبا للراحة والاستجمام، لاسيما مع موجة الحر الشديد التي تعرفها المنطقة خلال هذه الأيام. ويستقطب هذا الموقع السياحي، الكائن على مقربة من مدينة سيدي بلعباس والمتربع على حوالي 50 هكتارا، أعدادا غفيرة من سكان المنطقة وحتى من الولايات المجاورة الذين يأتون إلى هذه البحيرة بحثا عن الهدوء والراحة بعيدا عن ضوضاء المدينة لاستنشاق هواء نقي وسط غطاء نباتي كثيف ومتنوع. كما يحلو لزوار هذا الفضاء الطبيعي الاستمتاع بالأكل في جلسات عائلية تتصاعد منها رائحة الشواء وسط فرحة كبيرة تتخللها ضحكات الأطفال الذين ارتاحوا بدورهم من ازدحام المدينة حيث منحهم هذا الموقع فضاء للعب في أمان. وفضلا عن ذلك، هناك من يقصد البحيرة طلبا للمتعة والترويح عن النفس لاسيما هواة الصيد القاري الذين أصبحوا يترددون على هذا المكان صيفا وشتاء لممارسة هوايتهم المفضلة في جو مريح وهاديء. بحيرة سيدي أمحمد بن علي كنز طبيعي بالنسبة لنا وهي المكان الوحيد الذي نرتاح فيه ونسكن إليه، فنحن لا نقصدها فقط لممارسة الصيد وحسب، بل نحن هنا لنتمتع بقضاء أوقات مريحة نتنفس فيها هواء نقيا ، يقول محمد، وهو صياد هاوٍ في الخمسينيات من العمر يقصد المكان بشكل دائم. وتعتبر بحيرة سيدي أمحمد بن علي أو كما يسميها العباسيون اللاك ، أحد أهم مخزون للمياه بالمنطقة فهي تتزود من وادي مكرة، لاسيما في فصل الشتاء حيث يرتفع منسوب المياه بها بفضل الأمطار الغزيرة. كما تزخر بضفاف خضراء تنمو بها أصناف متنوعة من النباتات وكذا القصب مما يجعل منها وجهة مفضلة للعديد من الطيور المهاجرة، على غرار البط والنحام الوردي. ولكونها مقصدا للمواطنين على اختلاف أعمارهم وشرائحهم، كان لابد من تعزيز الأمن بالمنطقة، حيث تقوم عناصر الدرك الوطني بدوريات منتظمة لهذا الموقع من أجل ضمان تغطية أمينة للمتوافدين عليه ومراقبة أي مخالفات قد تضر بها. عملية تهيئة واسعة لتثمين هذا الموقع الطبيعي الخلاب من أجل الارتقاء بهذا الفضاء الإيكولوجي وجعله يلبي تطلعات المواطنين، تم الشروع في عملية تهيئة واسعة لتثمين هذا الموقع الطبيعي والمحافظة عليه من جميع أشكال الاعتداء. وتم في هذا الإطار، تخصيص برنامج من قبل السلطات المعنية يتضمن إنجاز حديقة حضرية ومتحف بيئي وحديقة للحيوانات، بالإضافة إلى مسلك مخصص للراجلين وموقفين للسيارات ومطاعم ومسالك للركض وغيرها من المرافق المقرر إنجازها بالخشب لتكون في تتناسق مع الطبيعة. كما سيتم في إطار هذا المشروع جرد الثروة الحيوانية والنباتية لهذه المنطقة الرطبة المقترحة للتصنيف في إطار الاتفاقية الدولية رامسار . ويهدف هذا البرنامج المندمج والمتكامل إلى تحويل البحيرة ذات البعد البيئي إلى منطقة سياحية تجذب العديد من الزوار من سيدي بلعباس وخارجها، كما ذكر والي الولاية، محمد حطاب، لدى زيارته الأخيرة لهذا الموقع رفقة وزير التهيئة العمرانية والسياحة والصناعة التقليدية عبد الوهاب نوري. وكان الوزير قد شدد في تلك الزيارة على ضرورة استكمال أشغال هذه التهيئة في أقرب الآجال بشكل يتماشى مع خصوصية المنطقة يحافظ على الثروة الحيوانية والنباتية لجعل منها وجهة سياحية بامتياز تجلب الزوار لأن جميع المشاريع المرافقة بالمؤهلات الطبيعية تسهم في إنعاش السياحة المحلية . وفي انتظار استكمال تهيئة هذا الفضاء، تنظم عديد الجمعيات المحلية التي تنشط في مجال البيئة حملات تطوعية لتنظيف الموقع والمحافظة عليه من جميع الممارسات التي قد تهدد ثروته الحيوانية والنباتية كما تعمل على تحسيس الزوار للمحافظة على نظافة المكان وجمع النفايات. وتظل هذه البحيرة، التي أخذت اسمها عن الولي الصالح سيدي أمحمد بن علي، من الفضاءات الترفيهية الهامة في ولاية سيدي بلعباس التي تفتقر لمثل هذا النوع من المواقع، باستثناء الحديقة العمومية التي تقع داخل النسيج الحضري، ما يستدعي المحافظة عليها وتثمينها كمكان يجد فيه المواطنون راحتهم وسكينتهم.