تستقطب منطقة الشريعة بولاية البليدة، مع نهاية كل أسبوع، آلاف الاشخاص من مختلف ولايات الوطن من الراغبين بالتمتع بأجواء طبيعة ساحرة تُعانق فيها خضرة اشجار الأرز الضباب والسحاب بأعالي الاطلس البليدي، لتتراجع زحمة الوافدين والزائرين خلال باقي ايام الأسبوع، فتتحول الشريعة الى الملاذ الامثل للباحثين عن الراحة بعيدا عن صخب المدينة. عبر مسار الطريق الوطني رقم 37 أو عن طريق محطة النقل بالمصعد الهوائي من البليدة الى أعالي الشريعة او قدوما من الطريق الولائي رقم 35 ( تباينات - بابا علي)، تستقبل منطقة الشريعة عروس المتيجة زائريها يوميا، لتصل ذروة الاقبال عليها نهاية كل أسبوع مع حلول فصل الشتاء لاسيما ان كان الامر يتعلق بنهاية اسبوع مشمسة مزينة بالثلوج التي تضفي على المكان مسحة من السحر والجمال. وتتحول كل الطرق المؤدية الى الشريعة في موسم تساقط الثلوج الى وجهة لآلاف الزوار الذين يجدون انفسهم بعدها في زحمة سير لا تطاق، حسب تعبير العديد منهم، فالكل يقبل وفي نفس التوقيت على نفس المكان لتبدأ معاناة الوصول والعودة من اعالي الشريعة، وهو ما يدفع بالكثيرين في منتصف الطريق الى التراجع عن فكرة الوصول الى القمة تفاديا لتضييع المزيد من الوقت في الطوابير التي تشكلها المركبات بمنعرجات الشريعة، فيكون البديل تحيُن افضل فرصة لركن المركبة في مكان مناسب من اجل سويعات يتم قضاؤها بين احضان اشجار الارز. وتبدو عربات المصعد الهوائي (البليدة - الشريعة) خلال الأسبوع شبه خاوية من زبائنها مع بداية اليوم قبل ان تتغير الامور تدريجيا بمرور السويعات، بتصاعد منحنى تعداد الزوار الذين يكونون غالبا من عائلات وجماعات الاصدقاء الذين لا يحبذون الوقوف في طوابير الانتظار لاقتناء تذكرة صعود نحو الشريعة. فمنذ الوهلة الأولى من ركوب عربة المصعد الهوائي، يتمتع الزائر بمنظر يبتعد تدريجيا عن صخب المدينة بالمرور فوق سكنات ما يعرف بحي بن عاشور قبل ان تظهر في الافق ملامح مدينة سيدي الكبير (البليدة) بكل جماليتها، حيث يبرز ملعب مصطفى تشاكر واضحا للعيان لتلوح بعدها في الافق مدينة القليعة والجزائر العاصمة من بعيد، فيما يعانق جبل شنوة بتيبازة السماء بكل شموخه. أزيد من 2 مليون زائر لحظيرة الشريعة خلال سنة 2017 فاق تعداد الزوار الذين قصدوا الحظيرة الوطنية للشريعة (مشكلة من ثلاث مقاطعات هي حمام ملوان والشريعة والحمدانية بولاية المدية) خلال السنة الماضية (2017)، عتبة ال2 مليون زائر. وكان لمنطقة الشريعة النصيب الاكبر من الزوار باستقبالها لازيد من مليون زائر خلال نفس الفترة، حسبما اكده مدير الحظيرة، رمضان دهال. وتصل ذروة الاقبال على هذه المنطقة حسب اختلاف المواسم والمعروف ان الشريعة في فترة تساقط الثلوج تتحول الى قبلة لقاطني ولايات الوسط وحتى الولايات الداخلية، فيما يزداد الاقبال على منطقة حمام ملوان خلال فترة الصيف، كما هو الحال ايضا بالنسبة لمنطقة الحمدانية. وشهدت الشريعة خلال العطلة المدرسية الشتوية الأخيرة اقبالا قياسيا للزوار، حسب دهال، حيث وصل تعداد الزوار الى ازيد من 10.000 زائر في اليوم، متحدثا عن وفود من المركبات والحافلات بلغت في بعضها 11 حافلة قادمة من ولاية غليزان و50 حافلة من ولاية بسكرة لوحدها. وأوضح ان العدد الهام من الزوار يتمثل غالبا في قاطني ولايات الوسط خاصة المجاورة للبليدة في مقدمتهم سكان العاصمة، وكل من ولايات تيبازة بومرداسوالمدية خاصة وان الحظيرة تعد أول مرفق من هذا النوع عبر منطقة الوسط، كما أنها تجلب المزيد من الزوار سنويا ضمن منحى تصاعدي لاسيما في ظل وجود خط المصعد الهوائي الذي سهل من تنقل الزوار. وبالحديث عن المصعد الهوائي، فقد تنقل نحو 6500 شخص الى اعالي الشريعة عبر المصعد الهوائي (البليدة -الشريعة) خلال اول ايام السنة الجارية، حسبما اكده العربي بومدين، المدير العام المساعد بمؤسسة النقل الجزائري عبر الكوابل بالمصاعد الهوائية. وصرح المتحدث انه تم ما بين 1 الى 5 جانفي، و هي الفترة التي تزامنت مع آخر ايام العطلة المدرسية الشتوية، تنقل ما يقارب ال18000 زائر عبر نفس الخط، فيما أشارت احصائيات شهر ديسمبر المنصرم الى تنقل أزيد من 62000 زائر عبر هذا الخط بمعدل لا يقل عن 4000 شخص يوميا. وتبقى الشريعة بانتظار قاصديها فيما تبقى من عمر فصل الشتاء، بينما ينتظرالزوار تهاطل المزيد من الثلوج للعودة إليها للتمتع بأجواء المنطقة. اما من يرغب في الهدوء والسكينة، فالشريعة تبقى موجودة طيلة السنة لمحبي الطبيعة الباحثين عن أجمل اماكن الاسترخاء والراحة.