أنواع جديدة من الطيورالمهاجرة تتوافد على بحيرات قسنطينة الإصطناعية تتزايد كل سنة أنواع الطيور المائية المهاجرة التي تقصد بحيرة برغلة ببلدية عين سمارة ،بولاية قسنطينة،نظرا لتوفر الشروط الملائمة من ناحية النظافة و توفر الأكل ،حيث ظهرت خلال الشهر الجاري أسراب كثيرة منها،لكن طائر النورس القادم من السواحل الشرقية ،زار لأول مرة هذا الحوض المائي الاصطناعي،حسب المختصين،فشكل مع بقية الطيور المهاجرة ، لوحة طبيعية جميلة ذات ألوان زاهية ، ما يؤهل الموقع لكي يصبح محل جذب للزوار و لما لا السياح. النصر التحقت صبيحة الأربعاء الماضي بأعضاء خلية التعداد الشتوي للطيور المهاجرة،التابعة للمحافظة الولائية للغابات بقسنطينة، لدى تواجدهم بهذا المكان في مهمة عمل، و نقلت إليكم هذه الصور الطبيعية الساحرة. واجهنا بعض الصعوبات في الطريق الريفي الذي وجدنا أحد محاوره مغلقا، ما اضطر سائق المركبة التي كنا على متنها، إلى عبور مسلك اجتنابي مليء بالأوحال ، شكلته السيارات التي مرت قبلنا، لتتمكن أخيرا عجلات مركبتنا من تجاوزه والعودة إلى الطريق الريفي الذي بدا أكثر ملاءمة. بلغنا مقصدنا على الساعة التاسعة و النصف صباحا ،فوجدنا شاحنة رباعية الدفع، تحمل رمز المحافظة الولائية للغابات، وسيارة «سورنتو» وشاحنة «تويوتا»، مركونة بالقرب من ضفة البحيرة، فيما كان أربعة أشخاص بالزي الرسمي لعناصر حماية الغابات، إلى جانب مهندستين متخصصتين في البيئة، و المكلفة بالاتصال على مستوى المحافظة، يقفون بالقرب من الضفة، و قد نصبوا جهاز تيليسكوب صوب الطيور التي تجمعت في شكل أسراب على الضفة المقابلة من المياه، أين كانت تحط بين اليابسة والماء ولا تستقر في مكان واحد لوقت طويل. كانت الرياح قوية وباردة، و كانت أشعة الشمس تنعكس على مياه البحيرة، اقتربنا من مجموعة خلية تعداد الطيور، فرحب بنا رئيسها المفتش علي زغرور، بالإضافة إلى المفتش عبد الحفيظ بوذراع ، والمكلفة بالاتصال على مستوى المحافظة، و شرحوا لنا العملية التي يقومون بها على مستوى البحيرة،حيث أنهم يقومون مرتين في السنة في كل من شهر جانفي و ماي ،برصد و إحصاء أعداد و أنواع الطيور المائية المهاجرة التي تتوافد على البحيرة و جميعها محمية ،و يمنع اصطيادها ،مع الحرص على أن تنظم العملية بكل من تونس و المغرب في نفس الفترة و تختتم بجمع إحصائيات مغاربية حول هذه الطيور القادمة من أوروبا. جدل حول أنواع الطيور بسبب تشابهها باشرت مهندستا البيئة عملية رصد الطيور، التي بدت مختلفة الأنواع و الألوان بالرغم من تقاربها في الحجم،إذ أن حجمها يماثل حجم دجاجة متوسطة، و كانت تصل إلى مسامعنا من حين لآخر، أصوات البط أخضر العنق الذي كان يطفو فوق المياه، فيما كانت طيور أخرى منهمكة في غطس رؤوسها بالمياه و إخراجها بشكل متكرر، فأخبرنا أعضاء الخلية، بأنها تفعل ذلك، بحثا عن الأسماك و الديدان و الطحالب و نباتات أخرى تتغذى عليها. لاحظنا أن إطارات المحافظة كانوا يتبادلون كتيبا صغيرا، فأخبرنا المفتش ، بأنه دليل الطيور بفرنسا وأوروبا توفره الجهات الوصية لمستخدميها من أجل عمليات الإحصاء والتعداد وتحديد أنواع الطيور، حيث كشف محدثنا بأن الطيور المنتمية إلى عائلة واحدة كالبطيات، تحمل أوجه شبه كثيرة، تجعل تحديد نوعها بدقة أمرا صعبا، ما يدعو إلى اللجوء للكتيب الذي يحمل كافة مواصفات كل طائر، والخصائص التي تميزه عن غيره، كطريقة الأكل ،والسباحة والألوان، وشكل المنقار، و الأرجل، ومكان العيش، فيما أشار إلى أنه لا يتم الاعتماد على نوعية الصوت الذي تصدره الطيور المائية المهاجرة في تحديد نوعها، عكس الطيور الغابية، التي يتم تحديد أنواعها عن طريق أصواتها . ألقينا نظرة على جهاز التيليسكوب، فلاحظنا تداخل أنواع الطيور المائية في البداية ،ما يستوجب التركيز على تفاصيل شكلها لتحديد نوعها. كانت تحلق فوقنا من حين لآخر، عشرات طيور البط أخضر العنق، حيث كانت تنعكس أشعة الشمس على أجنحتها الزرقاء اللامعة ، فيما بدت مناقيرها ذات لون أصفر ذهبي ، إلا أنها لم تكن تقترب منا كثيرا ، حيث أخبرنا بعض أعضاء الخلية بأن الطيور المائية تخاف عادة من البشر، ما يدفعهم إلى المحافظة على الهدوء قدر الإمكان،حتى لا تلوذ بالفرار ، و أضاف محدثونا بأن بعض الأنواع تميل إلى العنف، في حال شعورها بخطر داهم. بعد مرور حوالي ساعة و نصف من الترقب و متابعة الفريق في هدوء لنفس الأسراب من الطيور التي لم تغادر محيط البحيرة ، أكد كريم حداد، عضو جمعية «أكوا سيرتا البيئية»، الذي رافق أعضاء الخلية كعادته، بأنه يجب الاستمرار في عملية المراقبة لتسجيل أية أنواع جديدة قد تلتحق بالمكان، إلى غاية منتصف النهار، أين تغادر جميع الطيور البحيرة من أجل العودة إلى أعشاشها بالأحراش، والأشجار القريبة، فيما أشار المفتش بيده إلى نورس كان يحلق وحيدا فوق البحيرة، قبل أن يتجه ليحط على المياه بجوار باقي الطيور، موضحا بأنها المرة الأولى التي يتم فيها رصد هذا النوع من الطيور البحرية ببحيرة برغلة، وأشار إلى أنه قدم من المناطق الساحلية لتفقد الموقع و مدى توفر الطعام به، من أجل العودة إلى بقية أسراب النوارس بمنطقته الأصلية و جلبها معه. مالك الحزين يقف وحيدا و بعيدا تمكن الفريق بعد مدة من رصد طائر مالك الحزين وهو يقف وحيدا بين عشرات الطيور على ضفاف البحيرة ، و كان رمادي اللون، ويبدو أضخم من الطيور الأخرى حجما لكنه أكثرها هدوءا، كما لاحظنا وجود غربان الماء التي كانت تسبح و تعود إلى اليابسة بشكل عنيف، حيث تحرك أجنحتها بقوة ،ما يؤدي إلى تصاعد المياه حولها، قبل أن تغير أغلب الطيور مكانها ، و تقترب منا بشكل أكبر، بعد إحساسها بالخطر لدى مرور أحد سكان المنطقة بالقرب من الضفة الأخرى للحوض المائي. المهندستان كانتا منهمكتين في مراقبة الطيور رفقة عنصرين من محافظة الغابات، قبل أن تقوم المجموعة باستدعاء رئيس الخلية، و باقي أعضاء المجموعة، نظرا لاختلافهم في تحديد نوع أحد الطيور ، حيث ظنت مهندسة البيئة المتخصصة في علم الغابات جنات ، بأنه الطائر المائي المعروف باسم «أبو ساق أبيض»، فيما رأت زميلتها نبيلة، المتخصصة في علم النباتات، بأنه طائر النكات ، لينتهي الخلاف بتأكيد أحد الحاضرين بأنه النوع الثاني، بعدما انتبه إلى طريقة أكله المختلفة عن الآخر، و حسم زميلنا المصور الجدل و أغلق باب الشك ،بتقديمه صورة واضحة للطائر،حيث بدا فيها جليا منقاره المعقوف، ولون رجليه الوردي، ما يميزه عن النوع الأول الذي يشبهه في لون جناحيه الأسود ،و الأبيض ،وحجمه، وشكل رأسه. غلق مفرغة الكيلومتر ال13 و توفر الهدوء جذبت أنواعا جديدة أثار انتباهنا الكثير من زجاجات الخمر الفارغة ،و أسلاك و معدات صيد الأسماك ،ملقاة بشكل عشوائي على ضفاف البحيرة ، حيث أوضح عضو جمعية أكواسيرتا البيئية ، بأن النفايات عموما تعتبر من أكثر الأشياء إضرارا بالطيور التي تقصد الأحواض المائية، مقدما مثالا بالعلك الذي يلقي به المواطنون بالمياه ، فيما تظنه الطيور بقايا من الخبز ، وتقوم بابتلاعه ما يسبب لها مشاكل على مستوى الأمعاء، قد يؤدي إلى موتها. العملية انتهت حوالي منتصف النهار، بتعداد ما يقارب 800 طائر مائي من مختلف الأنواع، كما أوضح المفتش عبد الحفيظ بوذراع ، مشيرا إلى تسجيل الظروف المناخية والجوية التي تمت فيها عملية التعداد، بالإضافة إلى الاستعانة بجهاز تحديد المواقع «جي بي أس»، من أجل معرفة مساحة البحيرة ، وعمق المياه. و أوضح من جهته رئيس خلية تعداد الطيور المائية المهاجرة، علي زغرور، بأن السبب وراء توافد أنواع جديدة إلى بحيرة عين سمارة في السنوات الأخيرة، يعود إلى نظافة البحيرة و البيئة المحيطة بها ، بعد غلق مفرغة الكيلومتر 13، بالإضافة إلى توفر عاملي الهدوء والطعام، المهمين أيضا بالنسبة للطيور. و أضاف بأن الحوض المائي لبلدية ابن باديس، يعد أكثر جذبا لأنواع أخرى من الطيور المهاجرة، حيث تسعى الجهات الوصية إلى إدراجه ضمن اتفاقية «رامسار» الدولية للمناطق الرطبة ، كما اعتبر رمي القاذورات والسقي العشوائي من أهم السلوكيات التي تؤثر سلبا على الطيور المهاجرة، التي شدد بأنها كائنات محمية و يمنع اصطيادها، بالرغم من إشارته إلى أن محافظة الغابات لم تسجل تجاوزات، فيما يخص هذا الأمر.