دعت نقابات التربية إلى ترك قضية اعتماد العامية في التدريس إلى البيداغوجيين، والابتعاد عن الجدل الذي شغل مؤخرا بال الأولياء وكذا الرأي العام، ملمحة إلى تلقي تطمينات من الوزارة الأولى لوضع حد لهذا النقاش قبيل الدخول المدرسي المقبل. و قد أبدت نقابة «الكنابست» ليونة في التعامل مع الموضوع الذي شغل اهتمام الأسرة التربوية، وأثار قلق الأولياء، معتبرة بأن التوصية التي خرج بها المشاركون في الندوة الوطنية حول إصلاح المنظومة التربوية، هي قضية بيداغوجية بحتة، ينبغي أن يتناولها أهل الاختصاص من البيداغوجيين. وأوضح المنسق الوطني للتنظيم نوار العربي في تصريح للنصر، بأن استعمال العامية من قبل المدرسين بالنسبة للتلاميذ الذين يلتحقون بالأقسام التحضيرية أو السنة الأولى ابتدائي، بغرض تمكينهم من تحويل المصطلحات التي رسخت بأذهانهم من العامية إلى العربية الفصحى لا يطرح أي إشكال من الناحية البيداغوجية، شريطة أن يتم اعتماد هذا الأسلوب كمرحلة انتقالية فقط، أي خلال الثلاثي الأول من أول اتصال للطفل بالمدرسة، بغرض الأخذ بعين الاعتبار التنوع الثقافي بين مختلف مناطق البلاد، وكذا تباين اللهجات من منطقة إلى أخرى، وأعطى على سبيل المثال الولايات التي تنتشر بها لهجات مختلفة كالشاوية. وشدد نوار العربي على أن اللغة العربية تمثل هويتنا ووجودنا، «فهي اللغة الرسمية التي نص عليها الدستور، وكذا القانون التوجيهي للتربية الذي اعتبرها لغة تدريس»، وأنه من المستحيل أن يلجأ أي طرف إلى إلغائها أو استبدالها بلهجة أو لغة أخرى، معتقدا بأن بعض «المدرسين المفرنسين» هم من يريدون إقحام العامية، في حين أنه كان حريا بهم أن يستعينوا بالمصطلحات العربية الفصحى في تلقين اللغات الأجنبية، لتسهيل الأمر على التلميذ، وتمكينه من إتقان لغات أخرى، مع جعل العربية لغة أساسية، معترفا بأن الكثير من الأساتذة يعتمدون أكثر على العامية في شرح الدروس، خصوصا في المواد العلمية، كالرياضيات أو الفيزياء، في حين يتم الاستعانة بالفصحى في تدوين الخلاصات والملاحظات التي يعتمدها التلميذ في المراجعة والحفظ.وأفاد من جانبه المكلف بالإعلام للاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين مسعود عمراوي، بأن تنظيمه متمسك بموقفه الرافض لاستعمال اللهجات المختلفة وكذا العامية في التدريس، بدعوى استحالة تلقين لغة بلغة أخرى من الناحية البيداغوجية، معلنا عن استعداد نقابته لاتخاذ موقف صارم فيما يتعلق بهذا الموضوع في اجتماع للمجلس الوطني سيعقد قريبا، إلا أنه أبدى بعض الارتياح حول إمكانية تراجع وزارة التربية الوطنية عن التوصية التي خرجت بها الندوة الأخيرة، والمتعلقة باستعمال العامية في التدريس، موضحا بأن النقابات تلقت إشارات إيجابية وكذا تطمينات تتعلق باستعداد الوزارة الأولى لوضع حد للجدل القائم قبيل الدخول المدرسي المقبل، معربا عن أمله في أن يتم ذلك بالفعل، بغرض ضمان بداية موسم دراسي هادئ خال من التوترات. ويعتقد مسعود عمراوي بأن ما يثار حاليا هو مجرد نقاش لا غير، لأن الوزارة لم تتخذ بعد قرارا رسميا ونهائيا، وأن اقتراح اعتماد العامية في التدريس هو مجرد توصية على غرار 450 توصية التي خرجت بها الندوة الوطنية حول التعليم الإلزامي، وكذا 200 توصية أخرى حول تطبيقات إصلاح المدرسة، متسائلا عن السبب الذي جعل الحديث عن اعتماد العامية يأخذ كل هذا المنحى، ولماذا تغير مفهوم اللغة الأم، الذي كان يقصد به دائما اللغة العربية الفصحى، إلى العامية أو اللهجات المنتشرة عبر مختلف المناطق، معتبرا بأن تحايلا وقع حين الشروع في بلورة توصيات الندوة الوطنية المنعقدة نهاية شهر جويلية، كاشفا عن استعداد نقابته لاتخاذ موقف واضح وصريح مع الدخول المدرسي، إن لم يتم التراجع عن التوصية، فضلا عن التنسيق ما بين نقابات القطاع لاتخاذ موقف موحد، إلى جانب طلب لقاء مع الوزيرة لتوضيح المسألة ورفع اللبس.