150 مليارا تهرب ضريبي في ملف التلاعب بسجلات تجارية فتحت أمس محكمة الجنح بالسانيا في وهران، قضية فساد أسالت الكثير من الحبر مؤخرا وتتعلق بالتلاعب بسجلات تجارية من أجل التهرب من الضرائب التي كان من المفروض أن يتم تحصيلها والمقدرة بالتقريب حسب مختصين ب 150 مليار سنتيم من رقم أعمال فاق 3 آلاف مليار سنتيم، وجهت التهم في إطارها للشركة ذات الأسهم «مشروبات الغرب الجزائري» المعروفة بشركة «كوكا كولا» والتي مقرها في وادي تليلات بوهران، وهي استعمال سجلات تجارية للغير والمضاربة غير الشرعية والتزوير واستعمال المزور. وقائع الملف تعود للسنة المنصرمة حين اكتشف احد أكبر الموزعين لدى الشركة في الغرب الجزائري السيد «ز.م.أ»، أن هناك منتجات كوكا كولا تباع في السوق بأقل ثمن، ورغم أنه تقريبا الموزع الحصري للعلامة، فراودته شكوك ولم يجد لها تفسيرا عند إدارة الشركة سواء في وهران أو على مستوى العاصمة، وحسب تصريحاته أمس أمام المحكمة، فقد قام بتتبع القضية في السوق فوجد أن أسماء الموزعين ما هي في الحقيقة سوى لأشخاص بسطاء لا يعلمون شيئا عنها سوى أنهم ذات يوم تقدموا لشركة كوكا كولا وأودعوا ملفات للحصول على ترخيص تسويق المنتوج، ولكن وفق ما أدلى به الضحية «ز.م.أ» فإن مسؤولي الشركة بالتواطؤ مع موزعين سابقين وهما أخوين، قاموا بالتلاعب بالسجلات التجارية واستخراج السلعة وبيعها بأسماء هؤلاء الضحايا وعدم استعمال سجلاتهم الأصلية بغرض التهرب من الضرائب. وهي ذات الأقوال التي اتفق حولها الضحايا الأربعة الذين مثلوا أمس بمحكمة السانيا، كما اتفقوا على أنهم رغم حصولهم على الموافقة على ملفاتهم من إدارة الشركة في العاصمة، لكن لم يتم استدعاؤهم من أجل إنهاء إجراءات الترخيص بالتسويق على مدار سنة التي انتظروا خلالها بداية التعامل مع الشركة التي كانت تقدم لهم وعودا بأن سيصبحون قريبا زبائن لها ولكن مضى عام كامل دون جدوى لغاية أن فجر الزبون المذكور سابقا «ز.م.أ» القضية. من جهته، استعرض المدير الوطني للتسويق بالشركة المدعو «ع.أ.ع» وهو متهم في القضية، كل مراحل دراسة ملفات طلبات الزبائن وكيفية الموافقة عليها، ولكن الإشكال الذي برز خلال استجواب رئيس الجلسة له و لباقي إطارات الشركة المتهمين أيضا هو أنه في حال رفض ملف لا يتم إعادته للمعني رغم أنه يتوفر على السجل التجاري وكل الوثائق الإدارية والشخصية للمعني، مما اثار الشكوك حول إمكانية استغلال المتورطين لهذه السجلات لاستخراج السلعة وتسويقها. إضافة لإشكال آخر، كون أن بعض الزبائن ومن بينهم المتهمين الرئيسيين «خ.ي» و»خ.م»، كانوا يقدمون الطلب عن طريق الهاتف وليس عن طريق البريد الإلكتروني أو بالتسليم المباشر لسندات الطلب مثلما أوضحه مدير الإدارة التجارية. كما أن أحد سائقي شركة «السهم الأزرق» المتعاقدة مع شركة كوكا كولا لتوزيع منتوجها عبر التراب الوطني، أكد أنه كانت تسلم له فاتورتين إحداها تحمل اسم صاحب السجل التجاري والثانية للمستفيد وهو «خ.ي»، وأضاف أن جهاز تحديد الموقع الجغرافي «جي بي أس» المزودة به الشاحنة أحسن دليل على أن السلع كانت تفرغ عند المتهم الرئيسي. وقد تميزت جلسة المحاكمة التي ستمرت أكثر من 9 ساعات أمس، بتصريحات كشفت عدة جوانب من التلاعبات التجارية والممارسات التي أدت لقضايا فساد كبدت خزينة الضرائب خسائر بالملايير، علما أن جلسة أمس هي أولى المحاكمات في هذا الملف الذي يتفرع لمحاكمات أخرى في محكمتي وادي تليلات ووهران لاحقا. وبالعودة لإدارة الضرائب، فإن وكيل الجمهورية كان قد أخطرها عندما طرح أمامه الملف، من أجل التحقيق في الفواتير وسندات الطلب والسلعة التي كانت محل شبهات لدى المتهمين الرئيسيين، ولكن لم يتم العثور على أي شيء خاصة في مستودعات المتهمين التي وجدت فارغة حتى من السلع القانونية. وفي شق آخر، فإن إدارة الضرائب رفعت شكوى تتابع بموجبها الضحايا في القضية المذكورة أعلاه، على أساس التهرب الضريبي الذي بلغ حسبهم ما يفوق 150 مليار سنتيم وهي القضية التي ستباشر المحكمة النظر فيها قريبا خاصة بعد أن تم استدعاء المعنيين.