كأس الجزائر لكرة القدم سيدات : برنامج مباريات الدور ثمن النهائي    تحضيرات رمضان: التكفل بجميع طلبات رخص التوطين البنكي لمستوردي عدة مواد غذائية    الأمم المتحدة: دخول أكثر من 900 شاحنة مساعدات إنسانية لغزة    الفريق أول السعيد شنڨريحة يستقبل رئيس قوات الدفاع الشعبية الأوغندية لتعزيز التعاون العسكري    كأس افريقيا للأمم 2025: عملية القرعة تجرى يوم 27 يناير الجاري    المجلس الشعبي الوطني: التوقيع على اتفاقيتين في مجال الرقمنة    شايب يتباحث مع الوزيرة المحافظة السامية للرقمنة حول سبل تفعيل آليات عصرنة ورقمنة الخدمات القنصلية    بوغرارة: وقف إطلاق النار هو بداية مسار جديد للقضية الفلسطينية    مجلس الأمن: عطاف يترأس اجتماعا رفيع المستوى حول مكافحة الإرهاب في إفريقيا    بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية: سايحي يستقبل بأنتاناناريفو من قبل رئيس مدغشقر    شرفة يترأس لقاءا تنسيقيا مع أعضاء الفدرالية الوطنية لمربي الدواجن    مجلس الأمة: وزيرة التضامن تعرض نص قانون حماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وترقيتهم    الآلية الإفريقية لمراجعة النظراء: منصوري بجوهانسبرغ لترأس أشغال اجتماع لجنة توجيه ومتابعة نقاط الاتصال    شايب يلتقي المحافظة السامية للرقمنة    وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية في زيارة عمل وتفقد إلى ولايتي سطيف وجيجل    وزير التجارة الداخلية و ظبط السوق الوطنية "الطيب زيتوني" تعبئة كافة الإمكانيات لضمان استقرار السوق الوطنية خلال رمضان    إصابة عدد من الفلسطينيين في هجوم للمستوطنين على منازل ومنشآت تجارية ومركبات شرق قلقيلية بالضفة الغربية    العدوان الصهيوني على غزة: انتشال جثامين 58 شهيدا من مدينة رفح جنوب القطاع    عطاف يترأس اجتماعا وزاريا لمجلس الأمن حول القضية الفلسطينية    ضرورة أن تخلص الجلسات الوطنية للسينما إلى مخرجات وتوصيات    هل فلتت منا صناعة التاريخ..؟!    رئيس الجمهورية ينهي مهام والي بشار    سوسطارة في الصدارة    الجزائر لا ترضخ للمساومات والابتزاز    بوجمعة يجتمع ببن مولود    الجزائر ملتزمة بدعم تحقيق أهداف الطاقة النظيفة إقليميا ودوليا    دومينيك دي فيلبان ينتقد بشدة الحكومة الفرنسية    الاحتلال المغربي يطرد ثلاثة إسبان من مدينة الداخلة المحتلة    الرئيس تبون يواصل سنّة التشاور السياسي تمهيدا للحوار الوطني    مواقف شجاعة في مناهضة الفكر الاستعماري    كرة اليد الجزائرية "مريضة" منذ سنوات    استشارة الأبناء تأسيسٌ لأسرة متوازنة    الدرك الوطني.. انتشار في الميدان لفك الاختناق وتأمين السياح    ارتفاع في منسوب المياه الجوفية والأودية والينابيع    أولياء تلاميذ متوسطة "جعبوب" بقسنطينة يناشدون الوزير التدخل    "الكناري" لتعزيز الصدارة وبلوزداد للتصالح مع الأنصار    توقع داربي جزائري ومواجهة بين المولودية وبلايلي    تعزيز آليات التمويل وترقية الإطار التنظيمي والرقمنة والتكوين أهم توصيات الجلسات الوطنية للسينما    العاب القوى/ البطولة الافريقية 2025 لأقل من 18 و20 سنة : مدينة وهران مرشحة لاحتضان الحدث القاري    بورصة الجزائر: انطلاق عملية فتح رأسمال بنك التنمية المحلية ببيع 44.2 مليون سهم جديد    الحماية المدنية: اجتماع اللجنة الثنائية المشتركة الجزائرية-تونسية بولاية الوادي    صحبي: خطاب رئيس الجمهورية التاريخي في الجلسات الوطنية للسينما يؤسس لثورة ثقافية حقيقية للفن السابع    الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري    عرقاب يشارك هذا الثلاثاء بروما في اجتماع وزراء الطاقة المعنيين بمشروع ممر الهيدروجين الجنوبي    الجوية الجزائرية: المسافرون نحو السعودية ملزمون بتقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بداية من 10 فبراير    الجزائر تخسر أمام تونس    الجزائر تشهد حركة تنموية رائدة    رئيس الجمهورية: كل رموز المقاومة والثورة التحريرية المجيدة يجب أن ينالوا حقهم من الأعمال السينمائية    سينمائيون يشيدون بعناية رئيس الجمهورية لقطاع السينما    صحافيون وحقوقيون يتبرّؤون ويجدّدون دعمهم للقضية الصحراوية    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    المتحور XEC سريع الانتشار والإجراءات الوقائية ضرورة    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    ثلاث أسباب تكتب لك التوفيق والنجاح في عملك    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسرح التفاعلي بين إشكالية البناء وأزمة التلقي
نشر في النصر يوم 18 - 12 - 2017

في ملف «كراس الثقافة» لهذا الأسبوع، يتحدث مجموعة من الدكاترة والباحثين المهتمين بشؤون المسرح، عن أهمّ القضايا والإشكالات التي أحاطت بموضوع المسرح والوسائط أو ما سميّ ب «المسرح التفاعلي» و»الفُرجة الوسائطية». هذا النوع من المسرح انتشر في الغرب وصار له رواده ومريدوه. لكن لم تتسع رقعته بعد في العالم العربي. وحسب الدكاترة الذين شاركوا في ملف «المسرح التفاعلي» فإنّ المستقبل كلّ المستقبل لهذا النوع من المسرح. لكن يبدو أنّه عربيا مازال الوقت مبكرا عن الكلام عن مسرح رقمي وهذا لعدة أسباب على رأسها الأمية الرقمية سواء من طرف المبدعين أو المتلقين، وعدم تعوّد الجمهور على هذا النمط من العرض المسرحي.
الملف يحاول أيضا طرق بعض القضايا المُتعلقة بالمسرح التفاعلي وتسليط الضوء على بعض جوانبه.
إستطلاع/ نوّارة لحرش
صورية غجاتي: كاتبة وباحثة أكاديمية –جامعة قسنطينة
ثورة سينوغرافية أخرجته من عباءة «النصّ» وسُلطته وتقاليده
إنّ الحديث عن المسرح الوسائطي هو حديثٌ عن التحوّلات التي طالت المُمارسة المسرحية العالمية والعربية بانتقالها من شِعرية النصّ إلى شِعرية الصّورة، ومن ثمّ تقويضها لمنظومة الدراما التقليدية بكلّ مفاهيمها ومقولاتها التي يُمكن اختزالها في سيادة النصّ وثنائية «الهُنا» و»الآن»، وهو ما ولّد جدلاً في أوساط المشتغلين في المسرح الذين انقسموا بين مؤيد ومعارض، أو بين مُنتصرٍ للفرجة الوسائطية ومنتصرٍ للفرجة الحية، حيث يذهب (فيليب أوسلاندر-Philip Auslander) إلى الاعتقاد بأنّهما مترابطان لا متباعدان من حيث أنّ الفُرجة «الحيّة» قابلة للتوثيق والحفظ في وسيطٍ آخر. أمّا (بيكي فيلان) فقد اعتبرت أنّ الفُرجة الحية المباشرة زائلة وغير قابلة للحفظ والتوثيق في وسيطٍ آخر، ذلك أنّ خاصية الزوال هي الشرط الجوهري لوجودها ومن ثمّ فإنّ أيّ محاولةٍ لتوثيقها في وسيطٍ آخر، تُفرغها من محتواها وتجعل منها شيئاً مختلفاً، بالنظر إلى أنّ منظورنا لها سيكون مُقيداً بزاوية نظر الكاميرا التي سجّلتها. وتتحدث الألمانية (إريكا فيشر لشته)، في السياق نفسه، عن خاصية (الحلقة المُرتدة لتبادل الأثر) التي تجعل عملية التواصل في الفرجة الحية عملية لولبية يتبادل فيها المُرسل والمستقبل الأدوار فيما بينهما، فيتحوّل المُستقبِل إلى مُرسل والمُرسل إلى مستقبِل.
إنّ المسرح الوسائطي في مواجهة مقولة «تلوّث المسرح»: يقودنا الموقف الثاني وهو الموقف المنتصر للفرجة الحية المباشرة، إلى ما أسماه (أنطونيو بيتزو) ب»تلوّث المسرح» مستنداً إلى فرضية «نقاء» المسرح، ومن ثمّ تلوّثه بفعلِ تأثيرات العالم الرقمي ووسائطه وهو ما يدفعنا إلى طرح التساؤلات الآتية: -هل كان المسرحُ فيما مضى فنّاً خالصاً؟ وهل يُشكّل البُعد الرقمي والوسائطي في المسرح خطراً على وجوده، وتهديداً بزواله، موتِه، ونهايته، أو نهاية الفنّ عموماً؟. وإذا كنا قد تجاوزنا في الدرس النقدي المسرحي هاجس «التأصيل» وما اقترن به من معاني: «الأصيل» و»الدخيل» و»الهجين»، أفلا يعني ذلك تجاوزَنا لفكرة «النقيّ» و»الخالص» وثنائية (الفني/التقني) لصالح فكرة «التناسج» في ظلّ عالمية الفنّ من جهة وعالمية الوسائط الإلكترونية من جهة أخرى؟. أيضا إذا كانت الخلفية التي أطّرت التحوّلات السياسية العربية الأخيرة وما نتج عنها من تحولات سوسيو-ثقافية بِفعل ما سُميّ بالربيع العربي، خلفيةً إلكترونية وسائطية وليست خلفية تقليدية، فكيف يمكن إنكار تأثيرها على عالم الفن عامة والمسرح بخاصة؟
إنّ المسرح الوسائطي مثلما له من الإشكالات الكثير له أيضا من المنجزات الكثير. فقط تمكّن المسرح الوسائطي من تحقيق دراماتورجيا بصرية مُغايرة على عدة مستويات أبرزها مستويي الأداء، والسينوغرافيا: فعلى مستوى الأداء، أزيح الممثل عن مركزيته بوصفه عنصراً محورياً في الشّعرية الكلاسيكية، وتحوّل إلى أداة كباقي الأدوات والأجهزة ذات البعد السمعي البصري، فظهر أسلوب المضاعفة عن طريق الجمع بين الأداء الحي المباشر للمثل، والأداء عبر وسيط، ومثال ذلك عروض (روبرت لوباج/Robert Lepage) التي جمّع فيها شاشات متعدّدة، تُبثّ فيها صور مسجّلة قبلاً وأخرى مباشرةً للممثل نفسه. وعلى مستوى الفضاء السينوغرافي: لم يعُد الفضاءُ منظوراً، مادياً، ملموساً، ثابتاً في الزمن، بل تحوّل إلى «فضاء افتراضي/Cyberspace» من حيث هو معمار مائع، مجرّد، متحرّك في الزمن، «معمار سائل/Liquide Architecture» نُحسّ به ولا نلمسه، كما هو الحال في الفضاء ثلاثي الأبعاد 3D، وكلّ فضاء متخيّل منفتح على المستقبل.
وعلى العموم فقد أحدث المسرح الوسائطي ثورةً سينوغرافية أخرجت المسرح من عباءة «النصّ» وسُلطته وتقاليده، وجعلته يُحلّق في سماء دراماتورجيا بصرية، أثبتت أنّ المسرح هو الفنّ الأكثر عبورية من بين باقي الفنون، الفن الأكثر مرونة واستيعابا لباقي الفنون والتقنيات. ورغم أنّ البُعد الوسائطي في المسرح قد أثار الكثير من الإشكالات في التلقي، غير أنّ السعي لتغيير الخبرة الجمالية كفيلٌ بتجاوزها.
علاوة كوسة: كاتب وناقد وأكاديمي –المركز الجامعي –ميلة
رهان المسرح في مسعى الانفتاح على الوسائط
راهنت كثير من الفنون والآداب والثقافات على التكنولوجيات الحديثة واستثمرت في ممنوحاتها التي تزيد هذه الفنون والآداب انتشارا، وتطورا، ولقد منحت الوسائط التكنولوجية المعاصرة مساحات فنية قرائية شاسعة للمتلقي، وفتحت بوابات كثيرة بين المبدعين والقراء، ليس فقط من حيث اطلاع طرف على منتج الطرف الآخر، وإنّما من حيث تشارك الطرفين في صياغة المنتج الأدبي أو الفني، بصيغ تفاعلية عديدة، منحتها الوسائطية المعاصرة، التي لها الكثير من المزايا على إنتاج المادة وانتشارها والتفاعل بين أطرافها المنتجة، ويُعد المسرح أحد هذه الفنون المعاصرة التي انفتحت على المتتبعين والمهتمين وسائطيا، واستثمرت في ما تمنحه الوسائط التكنولوجية المعاصرة، فتحقق التفاعل بهذا الانفتاح، ولم يعد النص المسرحي ثابتا في صيغته وبالصورة الأولى التي خططه به كاتب هذا النص، وإنّما صارت النصوص المسرحية تأخذ صيغا متعدّدة، ولم يعد الناص وحده من يتحكم في بنيات النص المسرحي، وإنّما صار للمتلقي الافتراضي التفاعلي عبر الوسائط دورٌ في صياغة وبناء هذه النصوص، وذلك من خلال ما يمنحه الناص الأصلي من خيارات، واحتمالات اختيار للقراء التفاعليين، وهذا ما من شأنه أن يفتح مساحات دلالية وقرائية كبيرة، ولا يقوض معاني النص الواحد ويجعله حكرا على منتجه، كما امتدت سلطة الوسائطية في المسرح لتمس جوانب العرض المسرحية أيضا وذلك من خلال انفتاح الشركاء الفنيين في إنتاج النص المسرحي على الوسائط المعاصرة مع المتلقين والمتابعين والجمهور الافتراضي أيضا، عبر قنوات مختلفة وعبر مسايرة ومتابعة -عن كثب- للجمهور المسرحي لكافة مراحل إنتاج النص المسرحي وتحويله مسرحا على الركح، ومشاركته في تغيير بعض الأحداث أو طريقة عرضها كما يمكن للجمهور أيضا وعن بعد المساهمة في مشاهد العرض وإبداء رأيه في كلّ الجوانب الفنية للعرض، كإبداء رأيه في السينوغرافيا والتراكيب الموسيقية وفي كلّ تفاصيل الركح، وهذا ما يجعل المخرج على لقاء أولي بجمهور افتراضي قبل الجمهور الواقعي بدور المسرح، وهو ما يمكننا من القول: إنّ المسرح صارت تتنازعه أطراف افتراضية وأخرى واقعية بصيغ تفاعلية مختلفة، وإذا كان رهان المسرحيين كُتابا وممثلين ومخرجين وشركاء فنيين في مجال المسرح رهانا كبيرا لما يمنحه من انتشار وسرعة في التفاعل، فإنّ للوسائطية بعض السلبيات أيضا لأنّها تسير بأبي الفنون نحو الافتراضية والعوالم العنكبوتية بصورة مدهشة قد تحرمنا وهج المسرح الواقعي والركح الأصيل والجمهور الواقعي الّذي يحب أن يمتلئ متعة بين مدرجات المسارح بطقوسها وتقاليدها التي عمرت آلاف الأعوام، ما دامت المسارح الافتراضية قد تجعل المشاهدين رهيني البيوت والأنامل الأنترناتية بعيدا عن حميمية المسرح الّذي عرفناه، وهذا ما لمسناه في قراءات ودراسات وأبحاث بعض المتخصصين في المسرح التفاعلي ومنهم الدكتور حمزة قريرة والدكتورة صورية غجاتي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.