معالجة 16 ألف هكتار من الأراضي لمواجهة التصحّر بتبسة تشهد المناطق الجنوبية من ولاية تبسة، في الأعوام الأخيرة، زحفا مستمرا للرمال الصحراوية التي باتت تشكل خطرا حقيقيا على سكان المدن، الأمر الذي دفع بالمختصين إلى دق ناقوس الخطر و الاستعداد لما هو أسوأ، إذا لم يتم إعادة الاعتبار للغطاء النباتي الرعوي الذي يرون بأنه أصبح أولوية ملحة و اتخاذ قرارات سريعة و تحديد الأنشطة التي ينبغي القيام بها في إطار مشاريع مكافحة التصحر عبر المدن المعنية بالظاهرة. محافظة السهوب بولاية تبسة كانت قد بادرت بإعداد برنامج هام لمكافحة التصحر الذي مس قرابة 40 بالمائة من مجموع مساحة الولاية المقدرة بزهاء 13.850 كلم مربع، لغرس مساحات شاسعة من التين الشوكي و من الزيتون لفائدة فلاحي البلديات الجنوبية كفركان، و نقرين، و بئر العاتر، و صفصاف الوسرى، و أم علي، و العقلة المالحة. و هذا بغرض التخفيف من مخاطر التصحر الذي بات يهدد العديد من المناطق خاصة الجنوبية منها، و الحد من ظاهرة التصحر التي أصبحت تلتهم المساحات و النباتات و المناطق الرعوية بفعل زحف الرمال اللامحدود، فضلا عن ظاهرة الجفاف التي تمر بها المناطق الجنوبية بالولاية و تأثرها بالمناخ شبه الصحراوي. و هناك مساع حثيثة تعكف المصالح المعنية على دراستها من أجل حماية المناطق الرعوية و السهبية، لاستغلالها و سقيها لفائدة الموالين و مربي الماشية حفاظا على الفضاءات النباتية بهذه المناطق التي باتت مهددة بالتصحر و الانجراف. غير أن المشاريع المنجزة في إطار برامج التشجير الغابي و محاربة زحف الرمال، تبقى غير كافية و تستدعي تضافر جهود عدة قطاعات من أجل تنمية الثروة الغابية. و حسب أحد المهندسين المختصين في البيئة، فإن مكافحة التصحر و ترقية التنمية مرتبطة بالأهمية الاقتصادية و الاجتماعية للمصادر الطبيعية و إنجاز بحوث و دراسات شاملة و دقيقة لتنمية القطاع الفلاحي وفقا لخصوصيات كل منطقة. و أكد ذات المتحدث في هذا الخصوص، على ضرورة مساهمة كافة الأطراف و تفعيل دور النشاط الجمعوي، لإيجاد الحلول الناجعة للحد من ظاهرة التصحر و حماية الأنظمة البيئية. و تسعى محافظة الغابات من جهتها جاهدة لحماية التجمعات السكانية للبلديات الجنوبية من زحف الرمال جراء وجود منافذ و أروقة تحولت إلى مناطق مهددة بالتصحر عبر مساحة إجمالية شاسعة غطتها الرمال بكثافة، بعد أن زحفت الكثبان نحو مراعي عشبية أصبحت اليوم هشة و غير منتجة و تتوزع على عدة جهات من الولاية. و من أجل تطويق خطر التصحر، فقد خصصت محافظة الغابات بالولاية أغلفة مالية معتبرة ضمن البرنامج الخماسي لإنجاز مشاريع مكافحة التصحر، حيث تمت معالجة16 ألف هكتار من الأراضي، و إعادة الاعتبار للسد الأخضر في إطار إعادة برنامج التنمية الريفية، و حماية المراعي، و تهيئة و استغلال منابع الحلفاء، و العمل على فك العزلة من خلال بعث مشاريع جديدة، تتمثل في زراعة 3620 هكتارا من مادة الحلفاء. بالإضافة إلى تجسيد مخطط 153 برنامجا جواريا للتنمية الريفية، استفادت منه زهاء 6500 عائلة ريفية و سمح بخلق أكثر من 6400 منصب شغل، و غراسة أشجار مثمرة، و تصحيح مجاري المياه التي بلغ عددها 16 وحدة مياه، ناهيك عن برنامج تثبيت التربة و توقيف انجرافها و كذا حراسة الأراضي. كما تم توزيع 281 وحدة للطاقة الشمسية على مستحقيها في المناطق الريفية، لتشجيعهم على الاستقرار في الريف، كما بادرت المحافظة بغراسة 50 ألف شجيرة موجهة لحملات التشجير و حماية شبكة الطرقات الوطنية و الولائية، فضلا عن تخصيص مبلغ مالي مهم لاقتناء مصدات الرياح و الأشجار المثمرة الموجهة لحماية مناطق الاستصلاح الفلاحي، إضافة إلى استفادة الولاية من غلاف مالي قدره 470 مليون د.ج من الصندوق الوطني لمكافحة التصحر.