صادق أعضاء مجلس الأمة يوم الجمعة، بالإجماع على مشروعي القانونين العضويين المتعلقين بالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات وبنظام الانتخابات، وذلك في جلسة علنية ترأسها صالح قوجيل، رئيس المجلس بالنيابة. وعقب جلسة التصويت التي حضرها وزير العلاقات مع البرلمان فتحي خويل، أكد وزير العدل حافظ الأختام، بلقاسم زغماتي أن هذين النصين "يكتسيان أهمية بالغة على أكثر من صعيد فهما يرسمان القطيعة بين الممارسات القديمة التي كثيرا ما طبعت العمليات الانتخابية في بلادنا وغالبا ما أضفت حول صحتها الكثير من الشك والجدل". كما بين الوزير أن النصين "يجسدان إرادة الشعب في التغيير وحقه في اختيار ممثليه بكل حرية وشفافية من خلال إبعاد الإدارة عن العمليات الانتخابية من بدايتها إلى إعلان نتائجها"، لافتا إلى أن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات " بحكم تكوينها والمهام الممنوحة لها تضمن شفافية الانتخابات ونزاهتها وأن في ذلك مكسب كبير لبلادنا وخطوة جبارة في تكريس انشغالات شعبنا المشروعة وتطلعاته إلى أخلقة الحياة السياسية وممارسة حقه في اختيار ممثليه بكل حرية". وأضاف مخاطبا أعضاء مجلس الأمة:" أن هذه المصادقة تعكس بصدق مؤازرتكم للرؤية الجديدة في اصلاح الاطار القانوني المنظم للانتخابات وتعزيز ثقة المواطن في مؤسسات دولة المكلفة بتأطير الانتخابات وتقبله لنتائجها"، معتبرا أن " ما عشناه اليوم تحت قبة المجلس ليس بالأمر العادي وبأن بمصداقتكم على النصين تكونون قد أمضيتم على شهادة ميلاد نظام جديد سيطبع الحياة السياسية في الجزائر فور نشرهما في الجريدة الرسمية". ولم يفوت السيد زغماتي الفرصة ليعبر من جهة أخرى عن رفضه لكلمة "مراقبة" الانتخابات التي تعهد إلى منظمات دولية واقليمية إلا أنه قال بالمقابل بأن "لدى الدولة السيادة الكاملة لممارسة حقها في هذا المجال ودعوة من تراه مناسبا لملاحظة المسار الديمقراطي وليس مراقبته". ووصف رئيس مجلس الامة بالنيابة من جهته عملية التصويت ب"التاريخية" لأنها "سايرت رغبات الشعب ووضحت الامور خاصة لدى لديهم اجندات خاصة". واستطرد مضيفا ب"أننا بالمصادقة على المشروعين نكون قد فتحنا الباب مباشرة لتطبيق المادتين 7 و8 من الدستور ولم يبق بعد ذلك سوى العمل "، داعيا بالمناسبة الى تجند الجميع لمواجهة مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية والى التحلي بالالتزام و تغيير الذهنيات. اما مقرر لجنة الشؤون القانونية والادارية وحقوق الانسان حقوق الانسان والتنظيم المحلي وتهيئة الاقليم والتقسيم الاقليمي فقد اعتبر هو الاخر بان السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات "تعتبر من الانجازات الكبرى التي انتجها العهد الجديد في الجزائر"، مشيرا الى أن هذا الانجاز " لا يعد تحولا فحسب بل ثورة و نتاج ديمقراطية وحوار وتشاور". وكان عدد من اعضاء مجلس الامة بما فيهم رؤساء المجموعات البرلمانية الثلاث للمجلس (حزب جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الوطني الديمقراطي والثلث الرئاسي) قد تدخلوا خلال مناقشة مشروعي القانونين بعد استعراضهما من طرف وزير العدل، حافظ الاختام ، اشادوا فيها بالأحكام الهامة التي تضمنها النصين ، مؤكدين تكريسها لمبدأ حرية اختيار الشعب لممثليه واضفائها الشرعية على الممارسة السياسية. كما أثنى المتدخلون من جهة على مساعي المؤسسة العسكرية في مرافقة الحراك السلمي في المطالبة بحقوقه المشروعة ومن جهة اخرى على المجهودات الكبيرة التي بذلتها لجنة الحوار والوساطة من اجل رسم نهج توافقي للخروج من الازمة الراهنة التي تمر بها البلاد . وشددت اهتمامات اعضاء مجلس الامة أيضا على ضرورة الاسراع بتنظيم انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة في اقرب وقت في كنف الامن والاستقرار، معتبرة بان مشروعي القانوني يعتبران " ترجمة صادقة لمطالب الحراك الشعبي السلمي من اجل تجسيد دولة الحق والقانون وتعزيز التجربة الديمقراطية وتدعيم الحقوق والحريات الفردية والجماعية وبناء جزائر جديدة يسودها العدل والمساواة بين المواطنين". وكان المجلس الشعبي الوطني قد صادق امس الخميس على مشروعي النصين القانونيين سابقي الذكر، علما بان نص التعديل الجزئي للقانون العضوي المتعلق بالانتخابات يتضمن عدة اجراءات جديدة لضمان النزاهة والشفافية والحياد في الاستحقاقات القادمة. وينص مشروع القانون العضوي المتعلق بالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات على تحويل "كافة صلاحيات السلطات العمومية أي الإدارية في المجال الانتخابي الى هذه السلطة"، التي ستتمتع "بالشخصية المعنوية والاستقلالية المالية والإدارية وستعهد لها مهمة تنظيم العملية الانتخابية ومراقبتها والاشراف عليها في جميع مراحلها بداية من استدعاء الهيئة الناخبة الى غاية اعلان النتائج الأولية للانتخابات". وستتولى هذه السلطة كافة الصلاحيات التي كانت موكلة للإدارة العمومية في المجال الانتخابي بحيث ستشرف على العملية في كافة ربوع الوطن وخارجه ، كما انها تتمتع بميزانية خاصة لتسييرها واعتمادات موجهة للعمليات الانتخابية. وتقوم هذه الهيئة - حسب النص القانوني المتكون من 54 مادة- بمسك البطاقية الوطنية للهيئة الناخبة وقوائم الانتخابات بالبلديات والقنصليات وكذا استقبال ملفات الترشح لرئاسة الجمهورية والفصل فيها الى جانب اعلان النتائج، و مراقبة تمويل الحملة الانتخابية. و بخصوص مشروع القانون العضوي الذي يعدل ويتمم القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات ، فإن هذا التعديلات الواردة تمحورت حول تحضير وتنظيم العمليات الانتخابية وكذا حيز خاص بالانتخابات الرئاسية. ومن أهم التعديلات التي جاء بها المشروع "إيداع شخصي" للتصريح بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية أمام رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بدلا من المجلس الدستوري إضافة الى اشتراط الشهادة الجامعية او شهادة معادلة لها في المترشح. كما تم بموجب نفس النص تقليص عدد استمارات اكتتاب التوقيعات الفردية الى 50 ألف توقيع فردي بدلا من 60 ألف توقيع مع الغاء التوقيعات الخاصة ب600 توقيع فردي للمنتخبين.