أثارت تعليمة الرئيس عبد المجيد تبون الصادرة أول أمس، بخصوص مشروع قانون يجرم خطابات الكراهية والعنصرية والجهوية الجدل حول وسائل التواصل الاجتماعي، التي صارت مسرحا لها منذ أكثر من عشرة أشهر، بعد أن جاءت بصورة مباشرة على إثر حادثة مدير الثقافة لولاية مسيلة، الذي أساء لعبان رمضان، أحد رموز ثورة نوفمبر ، من خلال حسابه الشخصي على "فيسبوك". اعداد: سامي حباطي وتتجه الأصوات المحذرة من مخاطر وسائل التواصل في كثير من الأحيان إلى الاكتفاء بوصف طريقة الاستخدام "الخاطئة" وما يمكن أن يترتب عنها من مشاكل، مثل قضية "الحوت الأزرق" واستخدامات القصر والجرائم المختلفة، مع إغفال برمجيات هذه المنصات التي قد تحمل في منهجية عملها وتصنيفها للبيانات ما يتيح توزيع محتوى الكراهية والعنصرية على رقعة واسعة من الوعي الجماعي، مؤديا إلى تشكيل رأي عام تقوده أصوات شعبوية، ويطفو على الواجهة بسرعة مع إمكانية الانتقال من الفضاء الافتراضي إلى الواقع، فرغم أن المعطى الأصلي الذي يبنى عليه قد يحمل الكثير من المغالطات، يغيب في الظواهر المماثلة التحليل والتدقيق والمقاربات الموضوعية وتُحجب نوافذ العقلانية لصالح الضجيج. تواصلنا مع الدكتور خير الدين لعمامرة، المختص في الذكاء الاصطناعي بجامعة العربي بن مهيدي بأم البواقي، من أجل معرف المزيد من التفاصيل حول هذه القضية، حيث شرح لنا طريقة عمل منصات التواصل الاجتماعي، التي يتصدرها "فيسبوك" في الجزائر، بالقول أنها أصبحت اليوم تقوم على ثلاث تقنيات أساسية، أولها المعطيات الضخمة Big data والتنقيب عن المعطيات data mining، ثم الشبكات العصبية الاصطناعية Artificial Neural network التي تخدم تقنية «التعلّم المُعمّق»، مؤكدا أن طريقة العمل تنتهي إلى تحليل واسع ومعمق لجميع المعطيات الخاصة بالمستخدمين، يجري خلالها دراسة معناها عبر «التعرف»، ثم تصنيفها بالاعتماد على الخوارزميات، كما أشار إلى أن جميع المراحل تتم بطريقة آلية وتلقائية. وضرب محدثنا أمثلة على وظائف «فيسبوك» كنظام معلوماتي بتقنية التعرف على صور الأشخاص وتعريفهم للمستخدمين الآخرين، التي تتحقق من خلال «التعليم المُعمّق»، في حين نبه أن تصنيف الكلمات يتحقق بصورة أسهل، لأنها واضحة. وأضاف نفس المصدر أن التصنيف والتعرف استخدما منذ سنوات في المجالات الأمنية عبر دول العالم المتقدم، برصد العبارات الإجرامية أو ذات الدلالات الإرهابية، كما نبه إلى أن استخداماته تبرز داخل «فيسبوك» اليوم في تغطية الفيديوهات والصور التي قد تحمل مشاهد قاسية، وتخيير المستخدم بين مشاهدتها أم لا، كما يمكن أن يحذف بعض المحتوى تماما بصورة تلقائية من صفحات المنصة. وأضاف الدكتور لعمامرة أن ملف كل مستخدم لمنصة «فيسبوك» أو غيرها، يضم ما يعرف باسم «السمعة الإلكترونية» E-reputation، وهو سجل رقمي يضم جميع المعطيات المجمّعة حول المستخدم منذ التحاقه بالمنصة، ويتم تصنيف معلوماته بالاعتماد على الخوارزميات لمعرفة توجهاته الفكرية والاستهلاكية من خلال تتبع نشاطه، على غرار منشوراته والمواضيع التي يتفاعل معها، أو المنشورات التي يتجاهلها. واعتبر محدثنا أن الهدف الأساسي لمنصات التواصل هو تحقيق الربح التجاري، من خلال شبكة معقدة تعتمد على الإشهار، رغم أنه أشار إلى أن غايات سياسية تتوارى أيضا خلفها، وأكد أنه لا يمكن مهاجمتها كمنصات، ولكن ينبغي التنبه إلى استخداماتها. ولا تنفرد الجزائر فقط بمشكلة تراكم خطاب العنصرية والكراهية والجهوية في زوايا منصات التواصل الاجتماعي، حيث يمكن ملاحظتها من خلال تعليقات المستخدمين أو منشوراتهم ذات الصيغ المختلفة في أكثر الدول تقدما في مجال الممارسة الديمقراطية أو في المنظومة القانونية التي تجرم هذه الأفعال، على غرار خطابات العنصرية تجاه المهاجرين في دول الاتحاد الأوروبي، أو الخطاب اليميني المتطرف في الولاياتالمتحدة، وهي غالبا ما تنفخ الذات وتشجع الانكفاء على الهوية المغلقة، وتعادي الآخر وتسير من فكرة التطهير. ويرى الدكتور لعمامرة أن الكثير من الأطراف تستغل طريقة عمل نظام منصات التواصل من أجل تجييش المستخدمين تحت قبعة خطاب يخدم غاية سياسية، مشيرا إلى أن مفهوم «فيسبوك»، على سبيل المثال، قد صِيغَ ضمن منطق المشاركة وتوسيع مستمر لدائرة العلاقات والتفاعل وحشر المستخدمين المتشابهين والمتشاركين في نفس الميول والاهتمامات أو في تقاطعات منها مع بعضهم ضمن مجموعات واحدة لا تتوقف عن النمو، كما أنه يعتمد على عامل «القُرب»، جغرافيا أو فكريا أو استهلاكيا، ما يمنح، بحسب محدثنا، بعض الخطابات تضخما واسعا بطريقة مستنسخة، فضلا عن أن هذه الوضعية قد سمحت بظهور ما يعرف بحملات «الذباب الإلكتروني»، أو The trolls، التي تقود الرأي العام في مسارات تحددها الجهة التي تسخرها من خلال هذه المنصات. ويؤكد نفس المصدر أن ظهور خطابات الكراهية والعنصرية في الفترة الأخيرة التي عاشتها الجزائر، يستدعي فتح نقاش جاد ودراسات متعددة التخصصات على مواقع التواصل الاجتماعي واستخداماتها، من الجوانب النفسية والاجتماعية إلى التقنية المحضة لفهم المشكلة، في حين اعتبر أن تطوير الوعي من خلال زرع الحس النقدي بين المستخدمين ومحاربة الجهل بالجوانب التقنية، يظلا الأرضية التي تنطلق منها مواجهة المشكلة، ولا يمكن، بحسبه، حرمان المستخدمين من حقهم في الرأي واستعمال وسائل التواصل، في ظل حدود المسموح به، فالشتم والعنصرية وخطابات الكراهية والعنف ليست رأيا، مثلما قال. سامي .ح سوفت إقبال ضعيف على بوابة التصريح عن بعد عن العمال تعرف عملية التصريح بالعمال عن بعد إقبالا ضعيفا من طرف أرباب العمل، بالرغم من أن العملية تخفف عن أصحاب المؤسسات العمومية والخاصة عبء التنقل إلى مراكز التحصيل التابعة للضمان الاجتماعي للتصريح بالعمال، كما تقدم لهم عدة تسهيلات. وذكر المكلف بدارسة حسابات الإدارات بوكالة البليدة للصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء، على هامش حملة تحسيسية حول العملية نظمت أمس بمقر الوكالة، أن بعض الولايات لم تتجاوز فيها عملية التصريح عن بعد نسبة عشرين بالمئة، مشيرا إلى أن ولاية البليدة قدرت نسبة التصريح عن بعد ابتداء من الفاتح جانفي 2019 إلى غاية 13 جانفي الجاري بأربعة وعشرين بالمئة. وأضاف نفس المصدر أن التصريحات عن بعد السنوية للأجور والأجراء، التي أطلقتها المديرية العامة للصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء، توفّر على أرباب العمل والإدارات العمومية والخاصة عناء التنقل إلى مراكز التحصيل للتصريح بالعمال، مشيرا إلى أن إقبال المؤسسات الخاصة يعد مرتفعا مقارنة مع المؤسسات العمومية. ودعا نفس المتحدث أرباب العمل إلى التقرب من مصالح تحصيل الاشتراكات لولاية الانتساب، حيث يمنح المعني رقما سريا، يمكنه الولوج من خلاله إلى بوابة التصريح عن بعد (https/teledeclaration.cnas.dz) مضيفا أن هذه الخدمة متوفرة طيلة أيام الأسبوع على مدار 24 ساعة، كما قال في ذات السياق أن رب العمل يمكن أن يفتح ملفا خاصا بالعمال عن طريق البوابة الالكترونية المذكورة، أين يحتوي الملف على كل المعلومات الخاصة بعمال المؤسسة، ومن ثم التصريح عن بعد دون التنقل إلى مراكز التحصيل، مضيفا أن البيانات الموجودة في البوابة مؤمّنة، ولا يمكن الحصول عليها إلا باستخدام كلمة السر الخاصة برب العمل. من جهة أخرى، تركزت مداخلات الحضور في اليوم التحسيسي حول بعض الصعوبات والمشاكل التقنية التي تواجه أرباب العمل في الولوج إلى الموقع، كما قدمت لهم شروح حول استخدام البوابة. ويُذكر أن الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء قد حدد تاريخ 31 جانفي الجاري كآخر أجل لإيداع التصريحات الخاصة بالعمال، وفي حال التأخر عن التاريخ المذكور، فإن رب العمل يتعرض لعقوبات وفقا لما ينص عليه القانون.