ينطلق اليوم الأحد، المؤتمر الدولي حول ليبيا، في برلين ، بمشاركة عدة دول من بينها الجزائر، في مسعى دولي ، من أجل الوصول إلى توافق بين الفرقاء الليبيين، ورسم خارطة طريق للحل السياسي في ليبيا. تحتضن العاصمة الألمانية برلين اليوم المؤتمر الدولي حول ليبيا ، بمشاركة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ، ومن المنتظر أن تؤسس هذه القمة لحل سياسي للأزمة في هذا البلد الجار الذي يعيش على وقع تناحر الأطراف الليبية ، وسط تدخلات قوى خارجية زادت في تعقيد الأزمة . ويشكل هذا المؤتمر فرصة مواتية لإنهاء الصراع وترسيم وقف إطلاق النار بين الفرقاء ، و الدخول في مسارات واضحة للخروج من الوضعية الراهنة. و كانت الجزائر، قد كثفت من جهودها في الآونة الأخيرة، من أجل وضع حد للصراع الدائر في ليبيا، حيث لعبت الدبلوماسية الجزائرية دورا مؤثرا لوقف إطلاق النار بين الطرفين المتنازعين ، مع التأكيد على ضرورة الحوار بين الليبيين لحل الأزمة . وكان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، قد أكد من خلال تصريحاته، بأن الجزائر هي أكثر المعنيين باستقرار ليبيا، مبرزا أنها ستبذل المزيد من الجهود من أجل الحفاظ على وحدة ليبيا الشعبية والترابية. كما نبه رئيس الجمهورية إلى أن الجزائر يجب أن تكون شريكا في أي مسار لحل الأزمة ، وأنها لن تقبل أن يتم إبعادها عن أي حل في ليبيا، ليتقرر في هذا الصدد، وخلال اجتماع للمجلس الأعلى للأمن، إعادة تفعيل وتنشيط دور الجزائر على الصعيد الدولي، خاصة فيما يتعلق بالأزمة الليبية والوضع في مالي.. و ألقت الجزائر مؤخرا بثقلها الدبلوماسي في الملف الليبي ، مبرزة رؤيتها السليمة القائمة على الحل السياسي ، في ظل اعتراف دولي بجهود الجزائر ودورها في الدفع نحو حلحلة الأزمة ، وهو ما يتضح من خلال الإنزال الدبلوماسي في الجزائر لبحث الملف الليبي ، حيث توالت زيارات مسؤولين رفيعي المستوى، من بينهم رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج والوفد المرافق له، وكذا وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو ورئيس الدبلوماسية الإيطالية لويجي دي مايو، وأيضا وزير الخارجية المصري سامح شكري ورئيس مجلس الوزراء الإيطالي جيوسيبي كونتي ، كما حل بالجزائر أيضا وفد ممثل للمشير خليفة حفتر في زيارة اندرجت في سياق جهود الجزائر الرامية الى تقريب وجهات النظر بين كافة المكونات ومختلف الأطراف الليبية من أجل العودة إلى مسار الحوار الشامل. و منذ اندلاع الازمة في هذا البلد الجار، تمسكت الجزائر بمقاربتها لحل الأزمة والقائمة على رفض التدخلات الأجنبية و الحث على العودة الى الحوار بين الفرقاء في ليبيا، والتأكيد على الحل السياسي ، وتلقى الرؤية الجزائرية احتراما وترحيبا على الصعيد الإقليمي والدولي، خصوصا وأن الجزائر تقف على مسافة واحدة من الأطراف المتناحرة ، وتواصل جهودها لحل النزاع، بعيدا عن أي أغراض أخرى . وفي هذا الاطار، ستجدد الجزائر التأكيد على موقفها من الأزمة الليبية في قمة برلين، وتجديد دعوتها للدفع بالأمور في ليبيا نحو الانفراج . ويجمع المتتبعون، أن مسار الحل في ليبيا يمر من خلال جلوس جميع الأطراف في هذا البلد على طاولة الحوار للاتفاق على حل سياسي للأزمة. ويؤكد الخبراء على الدور الكبير الذي لعبته الجزائر لدفع الأطراف المتحاربة إلى وقف إطلاق النار وضرورة العودة إلى طاولة الحوار ، واوضحوا أن الجزائر استطاعت أن تقنع الأطراف الليبية أنه لابد من إعطاء الفرصة للحوار وأن استمرار الحرب سيأتي على الأخضر واليابس ، كما اعتبروا أن الخيار العسكري لم يعد يجد في حل الازمة ، وفي هذا الاطار أوضح المحلل السياسي الدكتور لزهر ماروك في تصريح سابق للنصر ، أن الجزائر لعبت دورا كبيرا ومهما ومؤثرا في دفع الأطراف الليبية إلى ضرورة وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة الحوار ، مبرزا أن الجزائر ستلعب دورا كبيرا جدا في مؤتمر برلين ، و ستسعى بكل ثقلها السياسي والدبلوماسي لدفع عجلة الحوار وإسكات صوت المدفعية وتعزيز الحوار بين مكونات المشهد السياسي داخل ليبيا . كما أكد الباحث في العلاقات الدولية الدكتور سليمان اعراج في تصريح للنصر، أن الحضور الجزائري في قمة برلين حول ليبيا ، سيكون له أثر إيجابي ويعول عليه كثيرا، سواء من قبل الليبيين أو من قبل الدول التي تؤمن بالمقاربة السياسية للحل في ليبيا، موضحا أن الجزائر لم تستثمر في الأزمة الليبية ، بل على العكس عملت على تقريب وجهات النظر و الوقوف على مسافة واحدة من كل الفرقاء الليبيين ، كما أن الجزائر الوحيدة من تفهم وتدرك حقيقة هذه الأزمة ، لذلك فهي تعي تفاصيل ومجريات الحل في ليبيا ، وهذا ما يؤهلها ويعطيها دورا محوريا. كما أبرز المحلل السياسي الدكتور بشير شايب في تصريح للنصر، أن المؤتمر الدولي حول ليبيا سيؤسس لخارطة طريق للحل السياسي في ليبيا ، بدءا من ترسيم وقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة ، مع الترتيبات الأمنية المصاحبة له و كذا بدء مفاوضات جادة تقود إلى حكومة ائتلافية أو سلطة موحدة ، مضيفا أن الجزائر ستدافع خلال هذه القمة عن موقفها التقليدي حول الملف الليبي بالتأكيد على وقف إطلاق النار بين الفرقاء الليبيين وضرورة مباشرة مسارات سياسية تقود إلى حل نهائي للمسالة الليبية بضمانات دولية ، مشيرا إلى أن الجزائر ستحتفظ بنفس المسافة بين الطرفين المتنازعين مع تقديم المساعدة اللوجيستيكية ، وذلك ما يتضح من خلال قوافل المساعدات الجزائرية الإنسانية للشعب الليبي و ذلك في إطار تهدئة الجبهة الاجتماعية ومحاولة مرافقة الليبيين في بناء السلام ومن جانبه، أكد المحلل السياسي الدكتور فاتح خننو ، في تصريح للنصر، أن الجزائر لعبت دورا كبيرا في بناء أولى خطوات الحل السياسي وهي وقف إطلاق النار في ليبيا من خلال دبلوماسية ظاهرة للعيان. ويأتي مؤتمر برلين، عقب محادثات موسكو للسلام التي جمعت بين طرفي النزاع الليبي مؤخرا وأفضت إلى توقيع حكومة الوفاق الوطني على اتفاق وقف إطلاق النار، في الوقت الذي طلب المشير خليفة حفتر مهلة إضافية للنظر في اتفاق التسوية. و للإشارة ، سيعرف مؤتمر برلين مشاركة الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن (الولاياتالمتحدةالأمريكية، روسيا، الصين، بريطانيا وفرنسا) ، بالإضافة إلى الجزائر، تركيا، إيطاليا، مصر، الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الكونغو التي ترأس لجنة الاتحاد الافريقي الرفيعة المستوى حول الأزمة الليبية. و سيحضر هذا اللقاء ايضا كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية.