أشرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أمس، على مراسم دفن رفات 24 شهيدا من المقاومة الشعبية، التي تم استرجاعها أول أمس الجمعة من فرنسا، والتي شيعت في جنازة عسكرية رسمية حضرها كبار القادة السياسيين والعسكريين. وتنقل الرئيس إلى قصر الثقافة للترحم على شهداء المقاومة الشعبية، وقرأ فاتحة الكتاب على أرواحهم الطاهرة حيث رافقه الطاقم الحكومي ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق السعيد شنقريحة. مراسم دفن رفات شهداء المقاومة الشعبية ال24، بدأت صباحا من قصر الثقافة مفدي-زكريا، من أجل نقلها ودفنها في مقبرة العالية بالعاصمة. وفي حدود الساعة التاسعة و20 دقيقة، خصص لشهداء المقاومة الشعبية 8 شاحنات عسكرية مزينة بالزهور تحمل كل واحدة منها 4 شهداء، بعدما خرجوا من بهو قصر الثقافة مفدي زكرياء محمولين على أكتاف أحفادهم أشبال الجيش الوطني الشعبي. وكان انطلاق الموكب الجنائزي من قصر الثقافة (مفدي زكريا) أين تم استقبال هؤلاء الشهداء الذي كانت رفاتهم مسجاة بالراية الوطنية، بالموسيقى العسكرية، تقديرا لذكرى وفاتهم واعترافا بتضحياتهم من أجل استقلال الجزائر وبهذه المحطة وجد الموكب الجنائزي في استقباله رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المجيد تبون، الذي قرأ فاتحة الكتاب ترحما على أرواحهم الطاهرة، ، في جو من السكينة و الخشوع و الاعتزاز و الافتخار بهؤلاء الأبطال الذين قدموا حياتهم في سبيل تحرير الوطن من الاستعمار الغاشم، ومباشرة بعد ذلك وضعت رفات الشهداء على عربات عسكرية زينت بالورود قبل التوجه إلى مثواهم الأخير بمقبرة العالية، وشارك في مراسم الدفن الرئيس تبون وكبار المسؤولين في الدولة وضباط سامون في الجيش الشعبي الوطني، وقبل الوصول إلى مقبرة العالية، مر الموكب الجنائزي المهيب، الذي تقدمه الرئيس عبد المجيد تبون، ببعض شوارع العاصمة، مرورا بشارع جيش التحرير الوطني، للسماح للمواطنين بالترحم على الأرواح الطاهرة لهؤلاء الشهداء، حيث فضل العديد من المواطنين تخليد هذه اللحظات التاريخية من خلال تصوير الموكب الجنائزي بهواتفهم النقالة، تعبيرا عن فخرهم و اعتزازهم بهؤلاء الأبطال الذين قدموا حياتهم في سبيل تحرير الوطن من الاستعمار الفرنسي.وتمكن المواطنون طيلة يوم السبت من إلقاء النظرة الأخيرة والترحم على الأرواح الطاهرة لرموز المقاومة الشعبية. ووضعت الجماجم في باحة قصر الثقافة، وقام عدد من الوزراء والمسؤولين بإلقاء النظرة الأخيرة عليها وقراءة الفاتحة، كما سمح للعائلات التي تم التعرف على جماجم أقاربها، وللمواطنين أيضاً، بإلقاء النظرة الأخيرة، حتى صباح امس الأحد، قبل أن يتم دفنها في مقبرة العالية، وشارك سفراء دول عربية وإسلامية وصديقة للجزائر أيضاً، وقادة أحزاب سياسية ونواب في البرلمان في مراسم إلقاء النظرة الأخيرة. وخلال مراسم الدفن، تم قراءة الفاتحة والدعاء للشهداء من قبل إمام، ليلقي وزير المجاهدين ، الطيب زيتوني كلمة تأبينية ، نوه فيها بتضحيات هؤلاء الأبطال الذين استشهدوا في ميادين الشرف، وقال في هذا الإطار إنهم فرساننا الأشاوس أولئك الرجال شرفاء الحرية أبطال المقاومة الشعبية ، الشيخ بوزيان ، الشيخ محمد الأمجد بن عبد المالك المدعو الشريف بوبغلة ، وعيسى الحمادي وبوعمارة بوقديدة ، المختار بن قويدر التيطرواي ، وموسى الدرقاوي وكل رفقائهم ممن قاوموا الاحتلال وتصدوا للعدوان على الشعب الجزائري، مبرزا قيمة اليوم الخالد الذي يعود فيه هؤلاء المقاومون إلى أرضهم لتحتضنهم . كما أثنى الطيب زيتوني على المسعى النبيل لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ، وفاء للعهد وحفظا لذاكرة الأمة وصونها.و أبرز وزير المجاهدين بالمناسبة تضحيات الأبطال الأمجاد ، أبطال المقاومات والانتفاضات والثورات الشعبية، معبرا في ذات الوقت عن الوفاء لذاكرة أولئك الرجال الذين حملوا لواء الجهاد في سبيل الله والوطن لمدى قرن من الزمن وتمكنوا من دحر الآلة الاستعمارية وقهرها أو تعطيل تقدم زحف قواتها في الكثير من المواقع، مذكرا في هذا الإطار بمختلف مراحل المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي انطلاقا من مقاومة الأمير عبد القادر، مقاومة أحمد باي و أولاد سيدي الشيخ ومقاومة لالا فاطمة نسومر والشيخ بوبغلة و الشيخ المقراني والحداد والشيخ بوعمامة وبن ناصر بن شهرة، وغيرهم من الأبطال الذين حملوا لواء المقاومة . وأكد وزير المجاهدين، في نفس الإطار أن تلك المقاومات الشعبية المتواصلة حققت انتصارات وطنية من خلال المحافظة على الروح الثورية قائمة في الأفئدة ورسخت في النفوس معاني رفض الاحتلال بجميع أشكاله وألوانه ومظاهره، لتتواصل بعدها مسارات المقاومة خلال الحركة الوطنية، وصولا إلى ثورة أول نوفمبر الخالدة . وأبرز الوزير بالمناسبة، أن الجزائر اليوم ستبقى وفية لمبادئها وقيمها ومثلها وأنه على جيل اليوم أن يأخذ القدوة من أولئك الأفذاذ الذين نالوا بصنعهم البطولي الاستحقاق والتقدير والتبجيل وأن يكون جديرا بالانتساب إلى الأجيال التي سبقته في الدفاع عن الوطن والوفاء لرسالة رموز المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة نوفمبر العظيمة . وبعد مراسم الدفن سلم رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون الأعلام الوطنية التي كانت على رفات هؤلاء الأبطال إلى أفراد من مدارس أشبال الأمة، ، ليضع رئيس الجمهورية بعدها إكليلا من الزهور بجانب قبور شهداء المقاومة و يقرأ الفاتحة ترحما على أرواحهم الزكية.و كانت الجزائر قد استرجعت الجمعة ، رفات 24 مقاوما جزائريا ضد الاحتلال الفرنسي والذين تم إعدامهم و إرسال جماجمهم إلى فرنسا منذ أكثر من قرن و نصف قرن من الزمن، حيث كانت هذه الرفات متواجدة في متحف التاريخ الطبيعي بباريس. وقد ترأس رئيس الجمهورية مراسم استقبال رفات شهداء المقاومة الشعبية، و من بين الرفات يوجد قادة من المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي ، محمد الأمجد بن عبد المالك، المدعو بوبغلة و عيسى الحمادي، رفيق شريف بوبغلة و الشيخ بوزيان، زعيم انتفاضة الزعاطشة (منطقة بسكرة في عام 1849) و موسى الدرقاوي، مستشاره العسكري و الشيخ بوقديدة المدعو بوعمار بن قديدة وأيضا مختار بن قويدر التيطراوي. وكان مؤرخون وباحثون، قد ثمنوا استرجاع رفات ابطال المقاومة في حدث يعتبر من الأيام التاريخية التي تضاف إلى أيام الذاكرة الجزائرية والذي يأتي بعد نضال كبير، وأكدوا في السياق ذاته أن الجزائر الجديدة بدأت بتحقيق منجزات عظيمة ذات دلالات عميقة نابعة من الذاكرة الوطنية ، واعتبروا أنه إذا توفرت الظروف يمكن إلى حد بعيد استرجاع جزء كبير من الأرشيف وأوضحوا أن ملف الذاكرة سيأخذ ديناميكية مستقبلية من خلال التفاعل معه بأكثر جدية من قبل الدولة الجزائرية.