كشفت أمس، جلسات محاكمة المتهمين في قضية رجل الأعمال محي الدين طحكوت في يومها الثاني، عن استفادة هذا الأخير من صفقات لضمان النقل الحضري بالعاصمة ووهران وفق دفتر شروط أعد على المقاس، مع استفادته من عقارات بعشرات الهكتارات لإقامة مشاريع في مجالات متعددة، مقابل نفي تام من المتهم الذي حاول الظهور في صورة الضحية، وبأنه تعرض للحقرة بسبب انحداره من حي شعبي. زعلان: لم اتدخل لمنح صفقة النقل الحضري لطحكوت وواصل القاضي رئيس الجلسة استجواب المتهمين في قضية محي طحكوت المتابع بتهم متعلقة بالفساد، وكان أول المستجوبين عبد الغني زعلان بصفته واليا سابقا لوهران ثم وزيرا للأشغال العمومية والنقل، المتهم بتبديد الأموال واستغلال النفوذ ومنح امتيازات غير مشروعة للغير، وبرر المتهم منح صفقة النقل الحضري بوهران لشركة طحكوت، بالعجز الفادح الذي كانت تعانيه الولاية بسبب عمليات الترحيل، مما عجل بإعلان مناقصة لكراء 3000 حافلة، لكنه نفى تدخله للتأثير على المناقصة لترسو على طحكوت، لأن القانون يمنعه من ذلك، فضلا عن وجود لجنة على مستوى «إيتو» أي مؤسسة النقل الحضري لوهران التي تشرف على الصفقات وتسيرها. ولما واجه القاضي المتهم بسؤال حول سبب اللجوء إلى كراء حافلات بدل شرائها، قال الوزير السابق إن ذلك يعود إلى تجميد كافة العمليات بسبب الأزمة المالية التي كانت تعيشها البلاد، وبشأن استغراب رئيس الجلسة من رسو المناقصة على رجل الأعمال المتهم طحكوت دون غيره، مع عدم وجود منافسين بارزين، أفاد المتهم بأنه لم يكن يعلم بوجود اختلالات وأن غرضه كان معالجة مشكل النقل والحد من احتجاجات المرحلين إلى الأحياء الجديدة بوهران. كما سأل القاضي المتهم عن سبب اتخاذ نفس الإجراء بالعاصمة عوض اقتناء 1000 حافلة لسد النقص، قال المتهم إن ذلك كان استجابة لطلب تقدم به الوالي السابق زوخ لدعم خطوط النقل بالتوسعات العمرانية الجديدة للعاصمة، ولمواجهة إشكالية تأخر شركة السيارات الصناعية بالرويبة، في الوفاء بالتزاماتها وتزويد الولاية ب 1020 حافلة للنقل الحضري. وتمسك المتهم عبد الغني زعلان بعدم ضلوعه في خرق قانون الصفقات العمومية، أو بالتدخل لصالح طحكوت لأن القانون يمنعه من ذلك، أو التأثير على جهات معينة لصالح الشركة المعنية، مؤكدا بأن تكاليف استغلال حافلات «إيتوزا» تمثل ضعف مرتين ما تكلفه الحافلات المستأجرة، بسبب مصاريف الصيانة والتأمين وغيرها، لذلك تم اللجوء إلى الكراء عوض الشراء. طحكوت يقول للقاضي إنه تعرض للحقرة لانحداره من حي شعبي ونفى من جهته المتهم الرئيس في القضية ورجل الأعمال صحة ما تضمنه تقرير الخبرة القضائية، من بينها تهمة الغش الضريبي وتبديد الأموال وتحريض موظفين عموميين، وحاول المتهم الذي منحه القاضي قسطا من الوقت للإدلاء بإفادته، الظهور في صورة الضحية بدعوى تعرضه للظلم والحقرة من قبل أويحيى الوزير الأول السابق ووزيره للصناعة يوسف يوسفي المتهمين في ذات القضية، لكونه ابن حي شعبي، قائلا : «أنا ولدت بالرغاية بالعاصمة وترعرعت فيها وما زلت أقطن بها، وبدأت مع جدي كوسيط لتوزيع الخضر، وفي 84 أنشأت أول مصنع للأحذية بنفس البلدية، لتستمر نشاطاته إلى بلوغ ما وصل إليه اليوم». ونفى المتهم حصوله على قرض بقيمة 27 ألف مليار سنتيم، أو أية قروض بنكية، وأن كل ما أنجزه من استثمارات من ماله الخاص، ولما سأله القاضي عن سبب عدم تطبيق نسبة الإدماج بمصنع «هيونداي» قال إن ذلك يكون بعد ثلاث سنوات من النشاط، وعن الشريك الأجنبي أفاد بأنه لم يكن أبدا شرطا ملزما، وأن مجلس الاستثمار منحه الترخيص لإنتاج 100 ألف وحدة في السنة، معترفا بعدم بلوغ مرحلة التصدير، في تعقيبه على استفسارات رئيس الجلسة. وسأل القاضي عن كيفية انطلاق مصنع «سوزوكي» في النشاط دون موافقة مجلس الاستثمار، رد المتهم بأن المصنع لم ينطلق إلى اليوم بسبب عراقيل عدة، متهما صراحة أويحيى ويوسفي وزير الصناعة السابق بعرقلته، لكن القاضي رد عليه بأن وزارة الصناعة لا دخل لها في الموضوع، فرد المتهم :» لقد دمروني سيدي القاضي ومنذ خروجي من منتدى رؤساء المؤسسات سنة 2015 وأنا أعاني»، مصرا على أن التعاقد مع «ايتوزا» ربحها 200 مليار سنتيم، و20 مليار سنتيم للخزينة العمومية. استثمارات طحكوت تتعدى مجالات عدة إلى جانب تركيب السيارات وتتنوع استثمارات المتهم محي الدين طحكوت وفق تأكيد القاضي رئيس الجلسة، لتشمل مجالات مختلفة، من أراض فلاحية ومصنع للإسمنت بسكيكدة، وشركة للحراسة وعديد العقارات وعقود امتيازات لاستغلال أراض واسعة، إلى جانب إطلاق مشروع لإنجاز مصنع خاص بإنتاج المطهرات المضادة لفيروس كورونا، مؤكدا حصوله عليها بطرق قانونية ودون قروض بنكية. نجل المتهم: أنا لا أملك حفنة تراب وكنت موظفا عند والدي مقابل 100 مليون سنتيم وسارت تصريحات رشيد طحكوت شقيق المتهم الرئيسي ومسير شركة « سيما» للسيارات في نفس الاتجاه، نافيا تهمة التهرب الضريبي عن الشركة، وتفاجأ المتهم حين سأله القاضي عن ممتلكات له بالخارج من بينها اسبانيا وفرنسا، قائلا إنه لا يملك شيئا، كما نفى استفادة أحد أفراد أسرته من سكن مدعم، وبشأن عقارات استفاد منها في قسنطينة والرغاية بالعاصمة ومناطق أخرى، قال المتهم إن ذلك كان في إطار قانوني. واستقطبت أجوبه نجل المتهم الرئيسي في القضية بلال طحكوت على أسئلة القاضي حول ممتلكات وعقارات استفاد منها، اهتمام الحاضرين بقاعة الجلسات، لا سيما حينما قال إنه كان يعمل عند والده مقابل راتب ب100 مليون سنتيم، وإنه لا يملك ولا حتى حفنة تراب، وبخصوص شركة للفلاحة كان يحضر لإنشائها بولاية البيض تتربع على مساحة 8 آلاف هكتار حصل عليها عن طريق المحاباة، قال المتهم إن والده لم يتدخل أبدا في ذلك، وبأنه لم يكن يعلم بها أصلا، غير أن القاضي فاجأه باعتراف والي الولاية بان محي الدين طحكوت هو من تقدم بطلب للحصول على الأرض. في حين اكتفى الشقيق الأكبر للمتهم ناصر طحكوت بالتأكيد على عدم علاقته بشركات المتهم، لأنه انسحب منها سنة 2013 بعد مرضه، ومنذ ذلك التاريخ لم يعد تربطه أي علاقة بها، وأن شقيقه حميد هو من أصبح المسير، وعلى نفس النهج، أنكر المتهم حميد طحكوت ما نسب إليه من تجاوزات وأفعال، كما نفى علمه بعدد الحافلات التي تسيرها شركة نقل المسافرين التابعة له. ولما سأل القاضي رئيس الجلسة المدير العام لمؤسسة إيتوزا عن كيفية منح الصفقة لطحكوت، وعن معايير اختياره بالذات لتغطية العجز في النقل بالعاصمة، قال المدير العام السابق للمؤسسة والمتهم في القضية « عبد القادر بن ميلود»، إن ذلك تم بناء على تقييم مالي وتقني، وبخصوص تعمده توجيه دفتر الشروط لطرف محدد، قال المتهم إن الدفتر كان عاديا ولا يميز ما بين العروض، نافيا أيضا تلقيه طلبا من الوالي زوخ بضرورة تشغيل 1200 حافلة تابعة لشركة طحكوت، أو تلقي توجيهات لمنح الأولوية لشركة طحكوت، معترفا بعدم تسديد كافة مستحقات كراء 170 حافلة للشركة، حيث تم دفع نسبة 15 فقط كضمان. التدخل لفائدة طحكوت أسفر عن إبرام صفقة خاصة بالنقل الجامعي ومن جهته نفى المدير العام السابق لديوان الخدمات الجامعية المتهم عبد الحق بوذراع إشرافه على إعداد دفتر شروط خاص بدعم خطوط النقل الجامعي، حتى يستفيد محي الدين طحكوت من الصفقة، وقال إن العملية أشرفت عليها لجنة ضمت 15 عضوا، إلى جانب استشارة وزارة المالية، لكن القاضي استغرب من أن المعايير المطلوبة توفرت فقط في شركة طحكوت، ليتم سحب الصفقة ومنح الحرية لمديريات الخدمات الجامعية لتعد دفاتر شروط خاصة بها، بدعوى الاستجابة لتعليمة وزير القطاع بكراء 15 ألف حافلة لنقل الطلبة، لكن ذلك أسفر عن وضعية استثنائية جراء إعداد 65 صفقة على المستوى الوطني، يستطرد رئيس الجلسة. وسعى المتهم لتبرئة نفسه، قائلا إن طحكوت لم يستفد من النقل الجامعي في جميع الولايات، ولو كان دفتر الشروط في صالحه لاستحوذ على كافة النشاط، وهنا نادى القاضي المتهم محي الدين طحكوت الذي أكد تواجده على مستوى 12 ولاية في مجال النقل الجامعي، لكنه أنكر حصوله على مبلغ 3 آلاف مليار سنتيم مقابل صفقة النقل الجامعي، وقال إنه اضطر لرفع دعاوى قضائية للحصول على مستحقاته العالقة. كما أنكر جميع الإطارات التابعين لديوان الخدمات الجامعية الذين استجوبهم القاضي، من بينهم مدراء جهويين علاقتهم الشخصية برجل الأعمال محي الدين طحكوت، مؤكدين أن كل ما قاموا به خلال ممارسة مهامهم هو تطبيق القانون حرفيا، مع الالتزام بمضمون دفتر الشروط لدعم النقل الجامعي.