التنمر ظاهرة تُهدّد تمدرس تلاميذ أكّد مختصون في علم النفس و الاجتماع في حديثهم للنصر، بأن ظاهرة التنمر، أصبحت تهدد تمدرس الكثير من التلاميذ من خلال الآثار النفسية التي تخلفها عليهم، حيث يصابون في الكثير من الحالات بتعقيدات نفسية، تصل درجة الاكتئاب الحاد و التسرب المدرسي، و قد تبلغ حد الانحراف و ولوج عالم الإجرام، في محاولة لرد الاعتبار، و إثبات الذات، خاصة وسط الفئة التي تفتقر لسند أسري و دعم نفسي، و في غياب اهتمام مدرسي بالظاهرة، ما جعل الدعوات ترتفع مطالبة بضبط إستراتيجية تربوية، ترتكز على ترسيخ تعاليم الدين الإسلامي و غرس فكرة أن الطعن في الناس كبيرة من الكبائر. فيما نقلت أمهات معاناة أبنائهن من الاعتداء اللفظي و كذا الجسدي، الناجم عن وجود اختلافات في المظهر، أدخلت فلذات أكبادهن في دوامة، و أصبحت تهدد مستقبلهم الدراسي و حياتهم، نتيجة تعرضهم لمضايقات، بلغت حد الاعتداء عليهم. ملف: أسماء بوقرن أخذت ظاهرة التنمر المدرسي أبعادا اعتبرها مختصون خطيرة، لكونها أصبحت تهدد مستقبل الضحايا و المجتمع على حد سواء، حيث ظهرت حالات عديدة للعلن في الفترة الأخيرة، و هناك حالات عديدة لتلاميذ ضحايا تنمر أساتذتهم و الطاقم التربوي بمؤسستهم التعليمية، و ذكر أحد الأولياء أن ابنه تعرض للتنمر من قبل أستاذته، لأنه يتلعثم أحيانا في كلامه، و عندما ذهب إليها، بررت اعتداءها اللفظي على ابنه، بأنها لم تكن تقصد الإساءة إليه، و كانت فقط تداعبه. و تنقل النصر تجارب أمهات تعكس معاناتهن و معاناة أبنائهن من هذه الظاهرة، التي قالت إحداهن بأنها أدت إلى توقف ابنها عن الدراسة. كلمة «الوهواه» دفعت ابني للتوقف عن الدراسة تعتبر أم من الأمهات اللائي عانين و لا يزلن يواجهن انعكاسات مشكلة التنمر، حيث أن ابنها يتلعثم في كلامه و يواجه صعوبة في النطق، و لم يكن في البداية يعاني من عقدة لهذا السبب، و يتحدث مع الناس بشكل عادي، لكن بمرور سنوات الدراسة الأولى، أصبح يقول لها بأنه يريد أن يتوقف عن الدراسة ، بالرغم من أن نتائجه حسنة. كان كتوما و يرفض البوح بما يتعرض له في المدرسة، بالرغم من إلحاح والدته لمعرفة السبب ، لكن بمرور الوقت، اكتشفت بأن أغلب زملائه ينعتونه ب»الوهواه»، و لم تعد سوى القلة القليلة فقط تناديه باسمه. محدثتنا أكدت بأن ابنها كان في البداية يتظاهر بأن ذلك لا يؤثر عليه، غير أن نتائجه الدراسية، أكدت تدريجيا عكس ذلك، فقد سجل تراجعا ملحوظا. وعندما ذهبت إلى المدرسة، قال لها المعلمون بأن ابنها أصبح يرفض المشاركة في القسم، لتجنب الحديث أمام زملائه، و يفضل الجلوس في الصف الأخير، بعد أن كان يتشاجر على الطاولة الأمامية، و أصبح دائم الشرود، مضيفة بأنها بذلت قصارى جهدها لمساندته، و تقديم الرعاية النفسية له، إلى أن بلغ السنة أولى ثانوي، عندئذ كانت علاماته ضعيفة، فقرر التوقف عن الدراسة، حاول الأساتذة إقناعه بالعدول عن قراره، و وعدوه بمساعدته لتحسين مستواه، لأنه يملك قدرات كبيرة، لكنه رفض، و اتجه لتربية الحيوانات، فهو يفضل قضاء وقته في رعي الأبقار و العناية بحيواناته الأليفة. ابني يعاني من العزلة و يرفض اللعب مع أقرانه أما السيدة أ ، والدة الطفل م، البالغ 10 سنوات من عمره، فقالت للنصر من جهتها، بأن ابنها يعاني من تنمر زملائه، لأنه يعاني من البدانة، و طول القامة، فيبدو و كأنه يكبرهم سنا، فينعتونه بمختلف الصفات المشينة ، و يسخرون منه.و أضافت أن سخرية زملائه، تدخله في دوامه من الغضب، فيثور عليهم و يتشاجر معهم داخل القسم، كما يتعرض لسرقة أدواته، و بلغت درجة المضايقات و الاستفزازات التي يتعرض لها من زملائه، إلى حد تهديدهم بتحطيم سيارة والدته، و حاولوا فعلا ذلك، لكونهم يتلذذون، كما قالت، عند رؤيته غاضبا و يصرخ. أم مهدي قالت بأنها ترافقه يوميا إلى المدرسة و تحاول دائما محادثة زملائه، و نهيهم عن مضايقته، كما تطلب من الأستاذة و الطاقم التربوي، مساعدتها على وضع حد للتنمر اليومي الذي يتعرض لها، لكن كل المحاولات لم تجد نفعا، كما أكدت، مشيرة إلى أن ابنها أصبح يعاني من انعدام الثقة بالنفس، كما أنه دائم التوتر و القلق و الوسواس، و يغضب بمجرد أن يشاهد شخصا يضحك أمامه، معتقدا بأنه يضحك بسبب شكله. كما يرفض اللعب مع أقرانه، و يرفض الذهاب إلى المدرسة، و يكرر دائما بأنه لا يرغب في العيش و لا اللعب مع أي كان، فيقضي وقته في البيت، و يعاني من الانطواء في المدرسة، لدرجة أن الأساتذة اعتقدوا بأنه يعاني من التوحد، و نصحوها بعرضه على مختصين لمعالجته. و تابعت المتحدثة بأن المضايقات اليومية التي يتعرض لها أثرت على تحصيله الدراسي، حيث سجلت تراجعا في نتائجه، بعد أن كان يحتل المراتب الأولى في السنتين الثالثة و الرابعة ابتدائي، عندما كانت المعلمة تتعامل معه كحالة خاصة، و تسعى لتحسين و توطيد علاقته بزملائه. و أضافت أنها تبذل حاليا قصارى جهدها للتكفل بابنها، و تخصص الكثير من الوقت، للحديث معه و التركيز على كل الجوانب الإيجابية في شخصيته، لتعزيز ثقته بنفسه، كما قامت بتسجيله في نادي للملاكمة، و نادي للسباحة، حيث يوجد أطفال بدناء مثله، لمساعدته على الاندماج. و قالت السيدة ع، أم الطفل ي، الذي يعاني من كبر حجم رأسه، و يدرس حاليا بالسنة الثالثة ابتدائي، بأنه يعاني كثيرا من التنمر من الجيران و الأصدقاء و حتى الأقارب، لأنه يعاني من تشوه خلقي على مستوى الرأس. و أضافت بأنها لم تكن تهتم بذلك في البداية، لكنها بعد أن لاحظت تأثر ابنها و بكائه بعد عودته من المدرسة، أصبحت تتأثر كثيرا و ترافقه إلى المدرسة لتفادي شجاره مع التلاميذ. الأخصائي النفساني كمال بن عميرة التنمر المدرسي قد يُؤدي إلى الاكتئاب و الانحراف أكّد الأخصائي النفساني كمال بن عميرة في حديثه مع النصر، بأن التنمر المدرسي بات ظاهرة تهدد كيان المجتمع، لما يترتب عنها من انعكاسات خطيرة، على شخصية الضحايا، الذين غالبا ما يقعون في فخ الانحراف و الإجرام، و يتعرضون لتعقيدات نفسية، كالاكتئاب الحاد و الانطواء و انعدام الثقة بالنفس و حتى الهروب من المدرسة، خاصة بالنسبة للفئة التي لا تجد الاحتواء و المساندة الأسرية التي تمكن من تجاوز كل المضايقات التي تتعرض لها. و قال المختص بأن التنمر المدرسي، لا يقتصر على الفئة التي تعاني من تشوهات خلقية و إعاقات جسدية، بل يشمل أيضا التلاميذ الممتازين و بالأخص الذكور، فغالبا ما تطلق عليهم تسميات و صفات سلبية، تؤثر على تحصيلهم الدراسي، و تنفرهم من المدرسة و تدفع البعض إلى طلب التحويل منها، على أمل إيجاد محيط دراسي آمن. و هناك فئة ترفض البوح بما تتعرض له من سلوكيات سلبية في المدرسة أو في محيطها، و تفضل التكتم، ظنا منها من أن ذلك يقلل من شأنها أمام أوليائها و يظهرها في صورة المغلوب على أمرها، و خوفا أيضا من ردة فعل الأسرة، خاصة إذا كان الطفل ينتمي إلى وسط غير متسامح، لا يجيد التواصل و التعامل بليونة مع الأبناء. و قدم المختص المؤشرات و الأعراض التي تظهر على الطفل الذي يتعرض للتنمر، إذ له انعكاسات نفسية تتجلى في شكل اضطرابات سلوكية، ناجمة عما يتعرض له، و تتمثل الأعراض في الكبت، و الشرود الذهني، و العزلة، و الانطواء، و سرعة الغضب، و كثرة الشجار مع الإخوة و أفراد الأسرة في محاولة لرد الاعتبار و إظهار قوة شخصية الطفل، إلى جانب فقدان الثقة بالنفس و عدم تقدير الذات، حيث يكرر بشكل كبير، عبارات سلبية تعبر عن عدم رضاه عن نفسه و فشله في ما يقوم به، و النفور المدرسي و الرغبة في تغيير المؤسسة التعليمية، و رفض اللعب مع أقرانه، لتفادي الكلمات و الصفات السلبية التي تصدر منهم اتجاهه، كما يسعى للقيام بسلوكيات لفرض وجوده، فيصبح عدوانيا يتقمص دور المعتدي و المتنمر. و حث النفساني العيادي بن عميرة الأولياء، إلى أن يكونوا واعين بضرورة معالجة الاضطرابات المذكورة، في بداية ظهورها، لتفادي التعقيدات النفسية الخطيرة، مؤكدا بأن للمحيط دور مهم و محوري في الحد من انعكاسات التنمر و احتواء و مساندة الطفل، على تخطي كل العقبات، و ذلك من خلال مشاركته مخاوفه، و تلقين الطفل سبل التعامل مع المعتدين، و تعزيز ثقته بنفسه، بتنمية الجوانب الإيجابية في شخصيته، وإيجاد حلول كفيلة لاحتواء الابن، و متابعته عند نفسانيين في حال ملاحظة تغييرات عليه، مع بناء علاقة ثقة و أمان بين الطفل و الأولياء، تجعله مرتاحا و يجيد التواصل مع أبويه، و الإفصاح عما يتعرض له، لتفادي تعقد وضعه الذي قد يصل لحد الاكتئاب الحاد، و محاولة إيجاد فضاءات ترفيهية و ممارسة نشاط رياضي، إلى جانب محاولة الحد مما يتعرض له، من خلال التنقل إلى المدرسة و الاقتراب من المعتدين عليه و التحدث إليهم، إن أمكن، و نقل المشكلة إلى الأساتذة و الطاقم التربوي. و أشار المتحدث إلى أن كل هذه الأسباب، تجعل من الضروري أن يشرف نفسانيون على التكوين و المتابعة النفسية داخل المؤسسة التربوية للتلاميذ، لتبقى في إطار تربوي و أكاديمي، و بإمكان الأولياء أن يطرحوا على هؤلاء النفسانيين المشاكل النفسية و السلوكية التي يعاني منها أبناؤهم، على غرار تعرضهم للتنمر، من أجل التعاون لإيجاد حلول مناسبة لها. أ.ب المختص في علم الاجتماع الدكتور بوبكر جيملي المتابعة الأسرية ضرورية لتفادي انعكاسات التنمر أرجع المختص في علم الاجتماع بجامعة عبد الحميد مهري الدكتور بوبكر جيملي، أسباب تفشي الظاهرة، إلى التفاعل السلبي بين التلاميذ، الذين يصعب المتحكم فيهم من قبل الأساتذة و الإداريين، لأن التنمر يحدث في الغالب خارج قاعات الدرس. وأضاف في حديثه مع النصر، بأن هناك عوامل أخرى تتعلق بالتنشئة الاجتماعية، حيث يكتسب الطفل سلوكيات من محيطه العائلي، و يعد التنمر من السلوكيات المنتشرة بكثرة وسط العائلات الجزائرية، حيث تطلق على الجيران و المعارف أسماء نسبة إلى صفة في شخصهم، إلى جانب الوضع الاقتصادي و الاجتماعي. كما اعتبر استخدام التكنولوجيا أحد العوامل المؤثرة ، حسب ما نراه في المحتويات الموجهة لهذه الشريحة، التي تشجع على العنف و تروج إلى أن البقاء للأقوى، كما تزرع سلوكيات خاطئة، تتسبب في الإخلال بتوازن شخصية الطفل. و بخصوص انعكاسات هذه الظاهرة المجتمعية، قال الدكتور جيملي، بأنها قد تؤدي إلى تفشي الإجرام و أعمال الشغب، لسعي الضحايا لإثبات الذات و رد الاعتبار، و حث على ضرورة المتابعة الأسرية، لتجنب انعكاسات التنمر على الضحية و المجتمع. أ.ب عضو جمعية العلماء المسلمين الجزائريين محمد مصطفى بن عبد الرحمان اعتماد تعاليم الدين في التربية المدرسية علاج للتنمر من جهته شدد محمد مصطفى بن عبد الرحمان، عضو المجلس الوطني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، و إمام و خطيب سابق بمسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة، على ضرورة توظيف تعاليم و مبادئ الدين الإسلامي، للحد من هذه السلوكات، و إعطاء أهمية بالغة للتربية و التنشئة الاجتماعية، باعتماد تعاليم الدين الإسلامي في تهذيب السلوك و غرس قيم نبيلة في الأطفال، باعتبارهم نواة المجتمع. و على المعلم، كما قال المتحدث، قبل أن يفكر في إيصال المعلومة التعليمية لذهن الطفل، أن يضع إستراتيجية تربوية، لترسيخ بأن الطعن في الناس و الانتقاص منهم، يعدان من الكبائر، فالله عز وجل أدبنا في سورة الحجرات عندما قال «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ « و قال النبي عليه الصلاة و السلام « إن دماءكم و أموالكم و أعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا». و من دلائل أن ديننا ينبذ الظاهرة، أن النبي صلى الله عليه و سلم روى بأن الصحابة كانوا ينظرون إلى عبد الله بن مسعود على أنه قصير، حيث قال « و الله إن عبد الله بن مسعود أثقل في الميزان من جبل أحد» ، كما كان سلمان الفارسي، يتلعثم و لا يحسن الحديث بالعربية، فقال الرسول عليه السلام «سلمان منا آل البيت». إن الأصل في الإنسان ألا يطعن في الناس، و الله عز وجل نهانا عن ذلك، في كتابه الكريم، حيث قال « لا تلمزوا أنفسكم»، أي لا يطعن بعضكم بعضا، فمن طعن في غيره، كأنما طعن في نفسه، و من أساء لغيره، فإنما أساء لنفسه، فالطفل خاصة، إذا كان يعاني من إعاقة أو كان مستواه الدراسي ضعيفا، بحاجة إلى الاهتمام و التشجيع لزرع العزيمة في قلبه، حيث قال نبينا الكريم « ليس منا من لم يوقر كبيرنا و يرحم صغيرنا». و دعا الأستاذ بن عبد الرحمان، في ختام حديثه مع النصر، الأساتذة و الأولياء إلى اعتماد طرق تشجيعية و تحفيزية، و تقديم نماذج ناجحة لشخصيات أدباء و شعراء ، رغم إعاقتهم تمكنوا من تخطي الصعاب، كالأديب طه حسين و الشاعر بشار بن برد الذي كان كفيفا، و تعرض للتنمر، غير أنه رد على معتديه بأبيات شعرية قال فيها «وَعَيَّرَني الأَعداءُ وَالعَيبُ فيهِمُ...........وَلَيسَ بِعارٍ أَن يُقالَ ضَريرُ إِذا أَبصَرَ المَرءُ المُروءَةَ وَالتُقى.........فَإِنَّ عَمى العَينَينِ لَيسَ يَضيرُ رَأَيتُ العَمى أَجراً وَذخراً وَعِصمَةً........... وَإِنّي إِلى تِلكَ الثَلاثِ فَقيرُ و قدم المتحدث كذلك نماذج من المجتمعات الغربية، تؤكد أن جمال الإنسان وقيمته في روحه الطاهرة، فالله لا ينظر إلى صوركم و أموالكم و إنما ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم ، كما قال الله تعالى «إن أكرمكم عند الله أتقاكم». أ.ب مختصون يدعون إلى المرافقة الأسرية البناءة ضغوطات الأولياء تؤثر سلبا على المسار الدراسي لأبنائهم أرجع مختصون تذبذب المسار الدراسي لعديد التلاميذ، إلى الضغوطات النفسية التي يمارسها أولياء على أبنائهم المتمدرسين، و يمكن أن تؤدي إلى إصابتهم باضطرابات نفسية، و تشوش الذهن و ضعف التركيز، ما يؤثر سلبا على عمليتي الفهم و الحفظ، مؤكدين على ضرورة زرع ثقافة الحوار و المرافقة الأسرية، بين الأولياء و أطفالهم. ويمارس الكثير من الأولياء ضغوطات كثيرة على أبنائهم المتمدرسين، مما يؤدي إلى شعورهم بالخوف عند اقتراب الاختبارات، خصوصا بالنسبة للمقبلين على اجتياز الامتحانات النهائية في الطورين المتوسط و الثانوي، مما دفع أخصائيين نفسانيين و مستشارين أسريين و أطباء إلى التحذير، خلال دورة تكوينية، نظمتها مديرية الشؤون الدينية و الأوقاف لولاية قسنطينة بدار الإمام، و اختتمت فعالياتها أول أمس، من تخويف و تهديد الأولياء لأبنائهم و الضغط عليهم للمراجعة. أكدت الأخصائية النفسانية سهام حمادنة في مداخلتها خلال الدورة، أن التلاميذ يتأثرون بشكل كبير من الكلام السلبي و المحبط الصادر عن أوليائهم، بقصد أو بغير قصد، و بالتالي على الأسر أن تتقن فن التعامل مع أبنائها و تسعى لبناء علاقة وطيدة معهم، من خلال الإصغاء إليهم، و فتح باب الحوار و النقاش البناء معهم، لتعزيز ثقتهم بأنفسهم و قدراتهم، مع السعي للعطاء و بذل جهود أكبر. كما قدمت الأخصائية، جملة من التعليمات و النصائح للأولياء في ما يتعلق بتعاملهم مع أبنائهم طوال مسارهم الدراسي، و ليس فقط في فترة الامتحانات، ليتمكنوا من تحسين نتائجهم، مؤكدة على ضرورة انتقائهم كلمات إيجابية تشجيعية، و تجنب المقارنة بينهم و بين زملائهم في المدرسة، و الابتعاد تماما عن أسلوب الترهيب و التخويف و التهديد الذي يؤدي في النهاية إلى الرسوب و التسرب المدرسي، و القضاء على مستقبل الطفل التعليمي، مضيفة «بدل الأقوال و الأفعال المستفزة للطفل، فلنستعمل أسلوب الترغيب و التحبيب، من خلال تقديم هدايا و مكافآت، إلى جانب تحسيسه بالأمان» . و أكدت المتدخلة، ضرورة نشر وعي المرافقة الأسرية، و تتمثل في مجموعة من العلاقات القائمة بين الأولياء و الأساتذة، لفائدة التلاميذ، من أجل إيجاد حلول مشتركة للمشاكل التي يعاني منها، و التي ستفيد في تحسين تحصيلهم الدراسي كما ستساهم في بناء الشخصية التي سيصبح عليها ابن اليوم مستقبلا، خصوصا في ظل جائحة كورونا التي يشهدها العالم و الحجر الصحي الذي فرض سابقا حتى على المؤسسات التربوية، ما أدى إلى تذبذب المستوى التعليمي للتلاميذ. وقدم المختصون للتلاميذ الذين حضروا الدورة التكوينية، طرق المراجعة الفعالة، و التقنيات التي تسهل عملية الحفظ و التذكر وكيفية التعامل مع الأسئلة و الإجابة عنها، بطريقة سهلة و ممنهجة، إلى جانب كيفية تنظيم الوقت وتحديد المكان والوقت المناسب للدراسة. وأوضحت مسؤولة الدورات التكوينية بمديرية الشؤون الدينية وداد رحال في حديثها مع النصر في ختام الفعالية، أن دورة الطالب المتفوق تعد الدورة 13 التي نظمتها المديرية، أما الموجهة للأولياء، فتعتبر الدورة الرابعة، مشيرة إلى تنظيم دورات أخرى مخصصة للتلاميذ و أوليائهم، في عطلة الربيع المقبلة و قبل اجتياز الامتحانات النهائية. رميساء جبيل