دراسة مشاريع نصوص قانونية حول حماية المسنين وتعزيز الدور الاقتصادي للجامعة    معرض المؤتمر الدولي للعلوم الغذائية بقسنطينة: المزرعة الذكية والمنتجات الغذائية غير الكيميائية أبرز الابتكارات المعروضة    ولاية الجزائر تحيي "اليوم الوطني للهجرة"    باتنة..مشاركة أزيد من 500 مختص في الملتقى التاسع لأمراض الكلى    الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف رفقة نظيره الموريتاني على مراسم التوقيع على بروتوكول تعاون    ممثلو 90 شركة ناشئة جزائرية يتوجهون الى الصين وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الاسبوع المقبل    الخطوط الجوية الجزائرية تلغي وتغير أوقات عدة رحلات مبرمجة    رئيس الاوروغواي يهنئ رئيس الجمهورية على انتخابه لعهدة ثانية    عرقاب يسلم للرئيس التونسي دعوة من رئيس الجمهورية لحضور احتفالات الذكرى ال70 لاندلاع الثورة التحريرية    بنك الجزائر: طالب يستقبل وفدا عن البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد "أفريكسيم بنك"    ربط أكثر من 40700 مستثمرة فلاحية بالكهرباء منذ 2020    الرئيس الأرجنتيني يهنئ رئيس الجمهورية على انتخابه لعهدة ثانية    المديرية العامة للأمن الوطني: وقفة ترحم على أرواح شهداء مجازر 17 أكتوبر 1961    حيداوي يبرز دور الشباب في الحفاظ على الذاكرة الوطنية ونقلها إلى الأجيال القادمة    وزير الصحة يشرف على افتتاح المؤتمر الدولي الثالث للسمنة والأمراض الأيضية    وزارة الخارجية تُحيي اليوم الوطني للهجرة    الخبير آلان فوري ينشط ندوة حول الغوص البحري السبت بمقر اللجنة الاولمبية والرياضية    وزيرا الثقافة والتجارة يفتتحان المعارض الفنية والإبداعية الخاصة بتظاهرة "كانكس ويكاند 2024"    حوادث المرور: وفاة 12 شخصا وإصابة 505 آخرين في المناطق الحضرية خلال أسبوع    اليوم الوطني للهجرة: تظاهرات متنوعة وإطلاق مشاريع تنموية بولايات الجنوب    جيدو/ بطولة العالم العسكرية: المنتخب الوطني يتوج بثلاث ميداليات    تنس الطاولة/بطولة افريقيا: تأهل الثنائي جلولي وكساسي لنهائي الزوجي المختلط    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا الى 42 ألفا و438 شهيدا    الصحراء الغربية: مجلس الأمن يعقد جلسة مشاورات مغلقة حول "المينورسو"    إحباط محاولات إدخال 5 قناطير من الكيف    لا حلّ في ليبيا إلا بالانتخابات    150 مؤسسة تشارك في معرض بالدوحة    8 منتخبات تضمن رسميا تأهلها    إمكانية طرح مشاريع للاستكشاف عن المحروقات في البحر    بداني يستقبل نائبا عن ولاية تيارت    مجازر أكتوبر فضحت وحشية الاستعمار    والي بومرداس تعد بالتّكفل بانشغالات السكّان    إقبال كبير للنسوة على تخليل الزيتون    684 مليار.. ديون سونلغاز الجلفة لدى زبائنها    الجزائر توجّه صفعة دبلوماسية للكيان الصهيوني    وصمة عار في جبين فرنسا    فرنسا تسمم زعماء إمارة أولاد سيدي الشيخ    الابتلاء من الله تعالى    رئيسة الهند تزور تيبازة    غليزان.. منح أكثر من 300 رخصة لحفر آبار للسقي الفلاحي    المهرجان الدولي للمسرح ببجاية: مسرحية "تيرا مادري" للفرقة الإيطالية "تياترو بلو" أو نداء نجدة الطبيعة    النعامة.. وفاة سبعة أشخاص وجرح 19 آخرين في حادث مرور ببلدية مغرار    هذا ما قالته أديداس عن قمصان الخضر ..    فتح باب الترشح للانضمام إلى قائمة الوسطاء    هذا سجل مشاركات الجزائر في كأس إفريقيا    منصّة رقمية لتسيير مصالح الاستعجالات    اللجنة الوطنية للأطباء المقيمين في إضراب وطني لمدة 3 أيام    صحة: منصة رقمية لتسيير وتنظيم جميع مصالح الاستعجالات الطبية    سايحي يشرف على لقاء حول "الرقمنة والاستعجالات الطبية والتلقيح ضد الدفتيريا"    حملة تلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    المنتخب الجزائري لتنس الطاولة في مواجه ساخنة مع النيجيري    الخضر يتاهلون إلى كأس أفريقيا للأمم 2025    المهرجان الدولي للمسرح ببجاية : رقصة السماء.. مزيج ساحر بين المسرح، السينما والفيديو    تنظمه جامعة باتنة.. ملتقى وطني حول التعددية اللغوية في المنظومة التربوية والجامعية    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لوبيات حاقدة تضع العقبات أمام تسوية العلاقات بين البلدين: الجزائر تفرض قواعد الندية على فرنسا
نشر في النصر يوم 04 - 07 - 2023

لا تزال الجراح التي خلفها الاستعمار الفرنسي في الجزائر لم تندمل، رغم مرور 61 عاما من نهاية تلك الحقبة المظلمة، فلم تُسلم فرنسا بخروجها من مستعمراتها القديمة، ولا تزال الروح الاستعمارية حية فيها، تجري على ألسنة سياسييها في كثير من الأحيان، وبسبب ممارسات بعض الأطراف الحاقدة في فرنسا و التي لا تزال تحن إلى مصطلح الجزائر-فرنسية ولم تهضم بعد استقلال الجزائر.
ظلت العلاقات الجزائرية الفرنسية رهينة التقلبات في مواقف الساسة في فرنسا وصخب الذاكرة والكلمات، وتبقى تشكل الاستثناء في العلاقات الدولية لما يطبعها من تعقيدات وتناقضات تؤكدها التطورات التي شهدها محور الجزائرباريس خصوصاً في العامين الأخيرين، حيث غالبا ما تطغى الحسابات السياسية الداخلية لا سيما بين الأحزاب الفرنسية على العلاقات الثنائية، كما أن التعاطي الفرنسي مع ملف الذاكرة يجعل أي توافق شامل أمر صعب التحقيق رغم مضي 61 عاما على استقلال الجزائر.
فالعلاقات بين البلدين ظلت تتأرجح بين التهدئة والتوتر الذي برز بشكل أوضح خلال العامين الماضيين، حيث مرت العلاقات بين البلدين بأصعب فتراتها بعد الأزمات المتلاحقة جراء التصريحات التي صدرت عن أكثر من مسؤول فرنسي على رأسهم الرئيس ماكرون، وساهمت عديد القضايا المتلاحقة في تأزيم الوضع سياسيا، بل وحتى اقتصاديا مع تراجع دور الشركات الفرنسية بالجزائر لصالح التركية والصينية والايطالية.
ورغم مرور 61 سنة على استقلال الجزائر، لا تزال نخب فرنسية، وخاصة من المعمرين والأقدام السوداء ومن اليمينيين المتشددين، تتحدث بكثير من الحنين عن الماضي الاستعماري في الجزائر، وتتحسر على فقدان «الجنة الجزائرية». وبرز الخطاب الاستعماري في تصريحات نواب حزب المتطرفة مارين لوبان، من خلال استحضارهم لنقاش يمجد الممارسات الاستعمارية الفرنسية في الجزائر.
وبرزت في أواخر العام الماضي مؤشرات تهدئة من الجانب فرنسي لإعادة بناء الثقة مع الجزائر وانتهت بزيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر التي توجت بالتوقيع على معاهدة الصداقة المتجددة، إلا أن العلاقات سرعان ما تأزمت مجددا بسبب قضية تهريب رعية مزدوجة الجنسية.
مؤشرات سلبية..
وأعطى تعيين برلماني من اليمين المتطرف، اشتهر ب«الحنين إلى الاستعمار»، نائباً لرئيس «مجموعة الصداقة البرلمانية الفرنسية - الجزائرية»، مؤشرات سلبية حول العمل الجاري في اتجاه «ترميم» العلاقات. خاصة وان النائب عن حزب «التجمع الوطني» (الجبهة الوطنية سابقاً)، رمز اليمين المتطرف في فرنسا، معروف بمواقفه من «قضية جرائم الاستعمار»، وسبق له أن أنكر في رده على سؤال صحافي أن تكون فترة استعمار الجزائر «شهدت مجازر»، ودعا إلى «مراجعة التاريخ» بخصوص هذه المسألة. كما رفض التعليق حول ما إذا كانت «منظمة الجيش السري» الفرنسية قد ارتكبت مجازر بحق الجزائريين أم لا.
وقد ظهر جليا أن العلاقات بين الجزائر وفرنسا تمرّ بأسوأ مراحلها، على خلفية التصريحات الغاضبة والمستفزة، التي أطلقها مسؤولون فرنسيون، إثر إصدار الرئيس عبد المجيد تبون، مرسوماً يقضي بأداء النشيد الوطني بشكل كامل في المناسبات الرسمية. وهو ما استدعى ردّات فعل غير مسؤولة في باريس، إذ عبّرت وزيرة الخارجية، كاثرين كولونا، عن استيائها من إعادة ما اعتبرته «قد تجاوزه الزمن». وردّ عليها نظيرها الجزائري، أحمد عطاف، ساخراً أن «بعض السياسيين والأحزاب في فرنسا أصبحوا يستغلون اسم الجزائر لأغراض سياسية».
عقبات تعترض «ملف الذاكرة»
وخلال زيارة الرئيس ماكرون إلى الجزائر، تقرر تشكيل اللجنة المشتركة الجزائرية الفرنسية للتاريخ والذاكرة، واتفق خلالها على أن تكون اللجنة المشكلة مسؤولة عن العمل على جميع أرشيفات الفترة الاستعمارية وحرب الاستقلال، بهدف معالجة مختلف القضايا، بما فيها المتعلقة بفتح واستعادة الأرشيف والممتلكات، ورفات المقاومين الجزائريين، والتجارب النووية والمفقودين، مع احترام ذاكرتي الجانبين، وسيخضع عملها لتقييمات منتظمة على أساس نصف سنوي.
وعقدت اللجنة المشتركة للتاريخ والذاكرة، أول اجتماع لها، في أفريل الماضي، وقدم خلاله الجانب الجزائري ورقة عمل وفق المبادئ الأساسية الواردة في إعلان الجزائر، وتم خلال اللقاء الاتفاق على معالجة جميع القضايا المتعلقة بالفترة الاستعمارية والمقاومة وحرب التحرير المجيدة. كما تم الاتفاق على مواصلة التشاور والاتصالات من أجل وضع برنامج عمل مستقبلي مع تحديد الاجتماعات القادمة للجنة المشتركة.
وبرأي محللين، فان قضية الذاكرة وملفاتها العالقة، تبقى حجر عثرة في طريق تطبيع كامل للعلاقات الجزائرية الفرنسية، إذ مازالت هذه القضايا تتمركز في عمق هذه العلاقات وتؤدي في الغالب إلى خلافات طارئة، واعتقد كثيرون أن استعادة الجزائر لرفات وجماجم قادة المقاومة الشعبية قبل عامين، ستكون بمثابة نقطة البداية في طريق لفك العقد التي تعيق تسوية إرث الذاكرة الذي يلغم العلاقات بين الجزائر وفرنسا، بسبب ممارسات بعض الأطراف الحاقدة في فرنسا و التي لا تزال تحن إلى مصطلح الجزائر-فرنسية ولم تهضم استقلال الجزائر.
لا تنازل ولا مساومة في ملف الذاكرة
من جهتها ترفض الجزائر أي تنازل أو مساومة في هذا الملف، حيث شدد الرئيس عبد المجيد تبون في عديد المناسبات، بعدم التنازل عن استرجاع ملف الذاكرة و»لن تتم المتاجرة فيه» في إطار العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا، وأن مسألة فتح الأرشيف، جزء لا يتجزأ من الذاكرة الوطنية. وكان رئيس الجمهورية قد دعا في رسالة للشعب الجزائري بمناسبة الذكرى الستين لإبادة متظاهرين جزائريين في 17 أكتوبر1961 في باريس، إلى معالجة ملفات الذاكرة مع فرنسا بعيدا عن «الفكر الاستعماري».
كما ألح الرئيس تبون في عديد المرات على عدم التنازل عن معالجة «ملف الذاكرة» المتعلق بالجرائم التي ارتكبتها فرنسا طوال فترة استعمارها لبلادنا، معتبرا أن معالجة القضايا المتعلقة بالذاكرة الوطنية، يكون وفق رؤية متبصرة بلا تنازل، ومعالجة قضايا الذاكرة يكون بما يرعى حقوق الجزائر عما لحقها من مآس فظيعة وجرائم بشعة على يد الاستعمار.
وذهب رئيس الجمهورية بمناسبة إحياء اليوم الوطني للذاكرة، وتخليدا لذكرى مجازر 8 ماي 1945، إلى ربط الرئيس، جودة العلاقات مع فرنسا بمراعاة التاريخ ومعالجة ملفات الذاكرة و»التي لا يمكن بأي حال أن يتم التنازل عنها مهما كانت المسوّغات». وقال إنه «لا تزال هناك ورشات مفتوحة في العلاقات مع فرنسا كمواصلة استرجاع رفات شهدائنا الأبرار، وملف المفقودين واسترجاع الأرشيف وتعويض ضحايا التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية
شراكات سياسية واقتصادية بعيدا عن فرنسا
ويرى محللون بأن فرنسا غير مستعدة تماما لتقديم اعتذارها للجزائر، على الأقل في الوقت الراهن، بسبب رفض اليمين المتطرف لأي خطوة في هذا الاتجاه، إضافة إلى محاولات متعددة من قبل مسؤولين فرنسيين لحصر النقاش في ملفات أقل شأنا من الاعتذار، وهنا يبرز التناقض بين تصريحات الرئيس الفرنسي الذي يعترف بعظمة لسانه ويقول، أن جرائم الاحتلال لا تختلف عن محرقة اليهود، لكن دون المضي قدما في هذا المسعى وترجمته على أرض الواقع والسبب أن "الدولة الفرنسية"، أو على الأقلّ لوبيات نافذة فيها، تضع العصا في العجلة، حتى لا تتقدّم الأمور.
وقد تمكنت الجزائر خلال العامين الأخيرين من الرد على كل المحاولات التي صدرت عن اللوبي الفرنسي المعادي للجزائر، وتمكنت السلطات الجزائرية من إجهاض كل المحاولات التي أخذت أوجهاً عديدة منها السياسية والاقتصادية وكذا الإعلامية في محاولة لضرب مصداقية الجزائري وتقويض دورها إقليميا ودوليا، وعلى العكس من ذلك تمكنت الجزائر من استعادة دورها الإقليمي وإعادة تحريك آلتها الدبلوماسية للعب دور فاعل في حلحلة أزمات المنطقة.
وقد برز التوجه خلال جولة وزير الخارجية، أحمد عطاف، الأولى إلى أوروبا، والتي لم تشمل باريس، الأمر الذي يدخل في سياق استكمال توجّه باتجاه البحث عن عقد شراكات سياسية واقتصادية مع دول أخرى، غير فرنسا، سواء في أوروبا، مثل إيطاليا والبرتغال، أو في الشرق، مثل روسيا والصين وتركيا. وهو ما يجبر فرنسا على مراجعة حساباتها والنظر إلى الجزائر نظرة جديدة قوامها الندّية. ع سمير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.