دعت أخصائية علم النفس التربوي و التعليم المكيف الأستاذة نبيلة عزوز، إلى ضرورة إنشاء الأقسام المكيفة على مستوى المقاطعات الدراسية، لأجل رصد التلاميذ الذين يعانون من صعوبات في التعلم، بحيث يكون ذلك مبكرا بما يسهم في معالجة الحالات، خاصة وأنه كثيرا ما يتأخر تشخيص المشكل بسبب عدم انتباه الأساتذة للأمر، وتفسير الصعوبات في الاستيعاب على أنها ضعف في المستوى، ما يعقد وضعية التلميذ وعملية العلاج معا، و يتسبب في مشاكل نفسية واضطرابات سلوكية، كالعدوانية و الانطوائية و التكتم. و قالت الأستاذة نبيلة عزوز، مُدرسة قسم تعليم مكيف بمدرسة قدور بوكبوس ببلدية ديدوش مراد، إن تأخر اكتشاف حالات صعوبات التعلم في أوساط المتمدرسين يهدد المسار الدراسي للتلميذ و يؤثر على تحصيله العلمي و يتسبب في رسوبه، مؤكدة بأن هناك حالات كثيرة اكتشفت متأخرة بفضل توفر أقسام مكيفة على مستوى المقاطعات، حيث يشرف عليها أساتذة مختصون في التعليم المكيف، مؤهلون لتشخيص الاضطراب في السنة الثانية من التعليم الابتدائي، فيما تعذر اكتشاف حالات أخرى لعدم معرفة الأساتذة بآليات التشخيص وجهل الأولياء بطبيعة المشكل و وجوده من الأساس وعليه يلجأون في الغالب إلى استعمال العنف لإجبار الطفل على استيعاب و فهم و حفظ الدرس. وقالت، إنه كان من اللزام على الطواقم التربوية والأخصائيين في المجال، دق ناقوس الخطر خلال آخري سنتين، لرفع الوعي بخطورة الأمر ومضاعفة اهتمام الأساتذة و الأولياء بمشاكل التلاميذ، و تحديد الطرق الممكنة للتدخل و آليات تشخيص الصعوبات مبكرا لضمان علاج آني و متواز مع الموسم الدراسي وقد ساعد هذا التوجيه حسبها، في تعافي عدة حالات وتحقيق نتائج دراسية مبهرة لتلاميذ، و كذا في اكتشاف حالات مرضية و توجيهها نحو الأخصائيين. و عرفت محدثتنا، قسم التعليم المكيف الذي يجهل كثير من الأولياء وجوده بأنه قسم دعم يتواجد على مستوى مقاطعتين بولاية قسنطينة، موجه لتلاميذ السنة ثانية ابتدائي يشرف عليه أستاذ حامل لشهادة جامعية في علم النفس التربوي تخصص تعليم مكيف، و يجمع تلاميذ يعانون من صعوبات في التعلم، و يظهرون اختلافا في التحصيل مقارنة بزملائهم، أو يعانون من تدن في بعض المهارات كالقراءة و الكتابة و الحساب و العمليات الفكرية و صعوبة التفريق بين الحروف، فضلا عن ضعف في الذاكرة و صعوبات في التمييز و التركيز وتشتت الانتباه و فرط الحركة و الغياب الذهني و نقص في السمع أو البصر، زيادة على عدم القدرة على تحديد المسافة، و كذا اضطراب في الكلام و التوحد. و فصلت الأخصائية، في ماهية صعوبات التعلم و كيفية تحديدها، بالقول بأن هناك صعوبات « نمائية»، و هي التي تنشأ مع الطفل و تبدأ من مرحلة الولادة، التي تعد ظروف حدوثها مهمة جدا في مسار التحصيل الدراسي لدى التلميذ لاحقا، فالطفل الذي تعرض لمشاكل أثناء ولادته، مثل عدم وصول الأوكسيجين للمخ أو الولادة المتعسرة، سيجد صعوبات في التعلم إن لم يتحصل على رعاية طبية. و توجيهه مبني حسبها، على إستراتيجية مدروسة، تبدأ في السنة الأولى من قبل الأستاذ الذي يتابع حالة كل تلميذ و يحدد صعوبات كل واحد مع تدوينها دون القيام بأي إجراء، لأن التشخيص الدقيق للحالة يتم في السنة الثانية ابتدائي بالتنسيق مع أستاذ التعليم المكيف، الذين يذكرون الملاحظات المتعلقة بكل تلميذ في استمارات خاصة، بشرط أن يكون الأستاذ هو من درسهم السنة الأولى، بعدها يتم جمع التلاميذ الذين تبدو عليهم أعراض صعوبة التعلم، و يتم استدعاء طبيب نفسي لتشخيص الحالة بدقة، قبل توجيه الطفل نحو قسم التعليم المكيف. كما يلتقي مستشار التوجيه بأولياء التلاميذ لمعرفة جوانب من حياة الطفل، تتعلق أساسا بظروف ولادته والتركيز على الحالة الطبية ثم الحالة الاجتماعية لضبط تشخيص دقيق و إستراتيجية علاجية دراسية. التعليم النشط استراتيجية ناجعة لحالات صعوبات التعلم و من استراتيجيات التعليم المكيف المنتهجة، طريقة التعلم النشط عن طريق اللعب، و ينصح بها الأولياء أيضا، لضمان متابعة جيدة في البيت، مشيرة إلى أن أغلب الحالات التي مرت عليها خلال المعاينات سببها مشاكل عند الولادة سبق ذكرها، إذ يتم بالموازاة مع ذلك توجيههم إلى طبيب مختص في الأعصاب لفحص منطقة الذاكرة و علاج مشاكل عصبية، علما أن هناك صعوبات ناجمة عن مشاكل نفسية أسرية، كالعنف المنزلي و هنا وجب التركيز على المتابعة النفسية والتنسيق مع الأسرة لعلاجها. واعتبرت الأخصائية الأولياء، حلقة مهمة و أساسية في الاكتشاف المبكر للحالة، غير أنهم لا يؤدون في الغالب دورهم كما يجب و يتسببون في تعقد الوضع أكثر مشيرة، إلى ملاحظة مفادها أن نسبة معتبرة من الأهل يتسببون في تعقيد حالة الطفل أكثر لجهلهم بطبيعتها، في وقت تطلب منهم المساعدة لتحديد نوع الصعوبة بدقة واتباع آليات علاجية معينة في البيت، لكنهم يميلون إلى أسلوب التعنيف كالضرب في المتابعة المنزلية، ما يزيد من تعقد حالة التلميذ و يجعل علاجه أكثر صعوبة و عليه تنصح المتحدثة، باعتماد أسلوب التحفيز خاصة و أن نسبة من هؤلاء التلاميذ يتعرضون للتنمر. كما تحدثت الأخصائية، عن ضرورة تعميم الأقسام المكيفة التي من المفروض أن تتوفر في كل مقاطعة لدورها المهم جدا في العلاج و مساعدة التلميذ على مواصلة الدراسة موضحة، بأنها تتبع نفس المنهاج الدراسي و تكيفه حسب وضعية كل تلميذ و قدراته العقلية، مؤكدة بأن عدم تشخيص الحالة و التكفل بها في السنة الثانية سيتسبب في إعادة التلميذ السنة. * كنزة بطاز أخصائية في الأرطوفونيا للنصر أساتذة يجهلون الصعوبات ويشخصونها بضعف المؤهل كشفت كنزة بطاز، أخصائية في الأرطوفونيا، عن زيادة ملفتة في حالات صعوبات التعلم وسط التلاميذ، وهي ملاحظة سجلتها كما قالت، على مستوى عيادتها، ما يستدعي حسبها، زيادة الوعي بضرورة التشخيص المبكر لضمان العلاج و التأطير الجيد للتلميذ و تكاثف جهود الأولياء و كذا الأساتذة الذين أصبح الكثير منهم في السنتين الأخيرتين، يمتلكون ميكانيزمات تشخيص مقبولة بحكم نوعية التكوين، بعدما كانت الصعوبات تفسر على أنها ضعف في المؤهل العلمي. وقالت محدثتنا، بأن صعوبات التعلم أنواع تختلف من تلميذ إلى آخر و بدرجات متفاوتة، فهناك من يعاني من إحدى الصعوبات النمائية و التي تتضمن صعوبة الانتباه و الإدراك و تكوين المفهوم و حل المشكلات و صعوبة فهم نص أو مسألة و ضعف الذاكرة، فيما هناك حالات تعاني من صعوبات أكاديمية، و تتمثل في صعوبة القراءة و الهجاء و تنظيم جملة و عدم القدرة على استيعاب الحرف، و عدم التمكن من الكتابة أو كتابة الحرف بشكل مقلوب و الخلط بين الحروف و الكتابة من اليسار إلى اليمين و عدم القدرة على استيعاب مفهوم الأرقام و الرموز و الإملاء، و يكون تشخيصها في سن 7 سنوات، و من الأعراض التي تبدو على التلميذ فرط النشاط و التشتت تماما مثل طفل التوحد و المصابين بالصرع، الذين يعانون من تأخر ذهني بسيط، و هذا ناجم عن عدة أسباب قد تكون وراثية أو متعلقة بالولادة أو وجود اضطراب مصاحب. العنف ليس وسيلة علاجية و أشارت الأرطوفونية، إلى أن هناك حالات لا تعاني من اضطراب مصاحب، غير أنها تعاني من صعوبة قد يلاحظها الأستاذ إذا كان يمتلك مهارات متعلقة بالتشخيص، إذ يلمس وجود اختلاف بين التلاميذ في صعوبة فهم النص مثلا، أو في الحفظ و إدراك ما يتعلمه و هنا على الأستاذ أن يوجه ملاحظات للطب المدرسي و للأولياء و توجيه التلميذ نحو مختص أرطوفوني لتشخيص الحالة و تحديد نوع الصعوبات بدقة موضحة، بأنها تستقبل حالات كثيرة تعاني من صعوبة تعلم في حالة متأخرة، و تتعلق بتلاميذ في السنة الرابعة ابتدائي، و ذلك لأن هناك أساتذة يجهلون مؤشرات وأعراض الصعوبات و يربطونها بعدم رغبة التلميذ في الدراسة أو عدم امتلاك مؤهلات، و المؤسف أن منهم من يعتمد أسلوب التهميش بحجة أن الطفل غير مؤهل ما يضع الأولياء تحت الضغط و يدفعهم لاستعمال أساليب التخويف و العنف، لإجبار الطفل على الدراسة فتسبب ذلك في تعقد وضع التلاميذ و تأخر تشخيص حالاتهم التي تستدعي علاجا دقيقا. يبدأ العلاج كما أوضحت، بتعليم الطفل كيفية الكتابة والحساب، موضحة فيما يتعلق بفعاليته، بأنها تختلف حسب طبيعة الصعوبة، و ما إذا كان هناك اضطراب مصاحب لها، كما أن مدة العلاج و المتابعة تختلف من حالة لأخرى حتى و إن كانت نفس الصعوبة. و بعد تسجيل زيادة ملحوظة في عدد الحالات مقابل ارتفاع معدل الوعي لدى الأساتذة، اعتبرت الأخصائية أن هناك وعيا و اهتماما بكشف هذه الصعوبات من قبل أساتذة، مقابل حرص الأرطفونيون على متابعة الحالات و التواصل مع المعلمين لبلوغ النتائج المرجوة، في المقابل لاحظت كما أضافت، زيادة الوعي لدى أولياء أصبحوا أكثر اطلاع، بما يساعد في عملية التكفل التي تتم من قبل الأرطفونيين بالتنسيق مع الأساتذة و الأولياء، غير أن هناك مطبات تؤثر أحيانا على متابعة الحالة بدقة، ترتبط أساسا بعدم امتلاك الأستاذ لفكرة عن المؤشرات التي تدل على وجود الصعوبة ما يؤخر تشخيص الحالة.