تُحيي أمهات تلاميذ السنة أولى ابتدائي عادات مرتبطة بالدخول المدرسي، تفاؤلا بمسار دراسي ناجح، حيث تحضرن أطباقا تقليدية حُلوة على غرار « البغرير المعسل» و»السفنج» و»طمينة الغرس» أو « الطمينة البيضاء»، و من هن من تعد عشاء خاصا، للتعبير عن فرحة الأسرة بانطلاق مسار ابنها الدراسي و كشكل من أشكال التحفيز، لبداية المسيرة بكل شغف وحُبِ. يعد الالتحاق بالمدرسة لأول مرة حدثا مهما لدى أسر، حيث تحضر لموعد الدخول المدرسي من قبل، من خلال تهيئة الطفل نفسيا و كذا اقتناء مستلزمات مدرسية و ألبسة جديدة، ناهيك عن حلق شعره و تحميمه ليلة الذهاب للمدرسة، و الحرص على مرافقته في أول يوم له لتسهيل اندماجه في المحيط التربوي، هذا راجعا لمدى إدراك الأولياء بأهمية الخُطوة الأولى في رسم مسار الطفل وتحديد آفاقِه المستقبلية. عادات و طقوس لتحفيز الطفل ورفع معنوياته و من العادات المتوارثة عن الجدات، و التي لا تزال أمهاتنا تحافظ عليها، إعطاء الطفل قبل مغادرته المنزل كأسا من الماء ممزوج مع ملعقة من السكر أو العسل، للحفاظ على نشاطه وطاقته، و كذا تيمنا بالمذاق الحلو الذي تعتبره جداتنا فاتحة خير عليه، و تفاؤلا بمستقبل زاهر، فيما تُقدِم عائلات أخرى على رمي السكر أو الماء خلف الطفل بعد مغادرته المنزل، حتى تكون كل شؤونه مُيسرة وسهلة، وهي طقوس شعبية يُراد منها تحفيز الِطفلِ ورفع معنوياته، وجعل هذا اليوم مميزا وخاصا بالنسبة له، حتى يظل راسخا في ذاكرتِه، وبذلك يُحِبُ المدرسة ويتعلق بها. يُغادِر الطفل نحو المدرسة إما برفقه أمه أو والده أو أحد أشقائه أو لوحده، وأثناء تواجده بالقسم، تبدأ الأم في تحضير «القرصة» أو «البغرير» أو «الغرايف» بخلط الدقيق مع الماءِ الدافِئ والملح والخميرة، للحصول على خليط أبيض متجانس تبدأ في طهيه على « الطاجين» بعد تخمره لمدة معينة، لتقوم بعدها بسقي دوائر البغرير بالزبدة السائلة والعسل أو رشِها بالسُكر، فيما تختار نساء أخريات تحضير « السفنج» بعدد أفراد الأسرة وحتى الجيران، وكلما انتفخت حبة السفنج بشكل أكبر وتضاعف حجمها، كان الفأل بمسار الطفل الدراسي مبشِرا، إذ يُعتقد أن انتقاله من مرحلة لأخرى سيكون أمرا سهلا ولن يجد صعوبة في النجاح والتفوق، فيما تتبرك أُسر أخرى بها وترى أن الطفل سيتميز بخفة في الفهم والحفظ. تقوية للجسد ومقاومة للجوع كما تنتشر في ولايات أخرى على غرار قسنطينة، عادة تحضير طمينة الغرس أو الطمينة البيضاء، أين يتم سكب الخليط في صحون وتزيينها بالمكسرات أو الحلوى الملونة أو الزبيب الأصفر أو الأسود، فيما قد يُفضِل آخرون تقطيعها على شكل معينات صغيرة، فضلا عن إعداد « لبسيسة» في الصباح ليتناولها الطفل مع الحليب، وتُفضل كثير من الأمهات إعدادها لفوائدها الصحية التي تُقوي الجسد وتُغذيه وتساعد الطفل على مقاومة الجوع لمدة طويلة، فالبسيسة عبارة عن تحلية تقليدية تُصنع من القمع والتمر اليابس والعدس والحمص وحتى المكسرات، أين يمزج الخليط بعد الطحن مع الزبدة أو العسل، أو يخلط في الماء والسكر وتُعرف ب « الروينة»، فيما تفضل أسر أخرى مزجها مع زيت الزيتون وأكلها بحبات التمر. للجيران نصيب من الحلاوة تقُول الشيف نصيرة فصيح، إنه قد جرت العادة لدى الأُسر القسنطينية مُنذُ القِدم، أن تُعِد « البغرير» بكميات كبيرة تكفي كل أفراد الأسرة والجيران، بحيث يكون لكل جار بالعمارة أو الشارع نصيبا من الطبق التقليدي، ليُعيد الجيران الصحن به كمية من السكر، حيث كلما شملت الكمية الموزعة عددا أكبر، كلما دعا له أكبر عدد من الأشخاص بالنجاح. كما تختار أسر أخرى علىحد قول فصيح، وضع حبات من الحلوى بجيوب الأطفال قبل ذهابهم للدراسة، من أجل رفع مستوى السكر في الدم من جهة، ولضمان بداية جميلة بمذاق حلو ومميز. مواقع التواصل تُشارك الأطفال يومهم وبعد ساعات معدودة من انطلاق الموسم الدراسي الجديد، بدأت النسوة وحتى الأساتذة في مشاركة صور احتفالية بهذا اليوم الخاص، الذي يعني الكثير لمن وطأت أقدامهم المدرسة لأول مرة، أين تظهر المنشورات صورا لأطباق متنوعة افتتحت بها السيدات مسار أبنائهن التعليمي، على غرار « لغرايف» و» الطمينة البيضاء» أو « طمينة الدقيق».وذهبت النساء، للتعليق على مثل هذه المنشورات، و استرجعن ذِكرياتهن القديمة مع أمهاتهن وآبائهن، وكيف كانت أجواء التحضير والاستعداد للموسم داخل أسوار المنزل. كما نشرت مدارس خاصة وأكاديميات، احتفالاتهم بالموسم الدراسي الجديد، وشاركت متابعيها ما تم إعداده من أطباق وحلويات تقليدية، على غرار « لمشلوش» و» الطمينة» و» الغرايف» و» الرفيس القسنطيني»، بغية رسم معالم الفرحة على وجه الأطفال من جهة، وإدخالهم في الجو الدراسي ومساعدتهم على التأقلم بسهولة. رميساء جبيل