فيلم بن مهيدي يفتح شهية جمهور عنابة للسينما حقق العرض الأول لفيلم العربي بن مهيدي للمخرج بشير درايس، نجاحا باهرا خلال برمجته ضمن فعاليات مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، حيث حظره جمهور كبير امتلأت به مقاعد المسرح الجهوي الذي احتضن الفعالية، فيما اضطر الكثيرون للانتظار خارجا، ويعتبر العرض الأول على المستوى الوطني للفيلم. وقد أجمع مشاهدون على الاحترافية العالية في تصوير العمل و على المستوى التقني، الذي قدم صورة أوضح عن هذه الشخصية النضالية المتفردة، كما علق مواطنون قابلناهم على هامش العرض، حيث يعد بن مهيدي مهندسا للثورة وأحد أهم رجالاتها. قصة نضال مهمة من النشأة إلى الاستشهاد بدأ الفيلم بإبراز التنشئة النضالية لبن مهيدي، وهو طفل صغير بقرية الكواهي بعين مليلة، ولاية أم البواقي، وقد كان واعيا مند البداية بالظلم والاضطهاد الاستعماري، والفوارق بين الجزائريين و الكولون، وظهر بن مهيدي الطفل في إحدى المشاهد وهو يخرج من المدرسة متجها إلى المخبزة، وقربها شاهد صاحبها الفرنسي يهين العامل الجزائري ويصفه بالحمار، وفي لقطة أخرى يتوقف عند اعتداء شاب من المستعمرين على سيدة كانت تتسول أمام محل، فيتألم بسبب ما رآه ويشتبك مع الشاب لتطارده الشرطة بعد ذلك لكنه يتمكن من الاختباء في مدرسة قرآنية. تتطور أحداث الفيلم ويكبر العربي، ويظهر على خشبة المسرح ممثلا إلى جانب زيغود يوسف، الذي أدى دوره الممثل يوسف سحيري، ثم يبدأ حسه النضالي والثوري في التبلور، ويشارك في مظاهرات 8 ماي 1945، التي طالب فيها الجزائريونفرنسا بتنفيذ وعدها بالاستقلال بعد أن ساعدوها في التخلص من النازية. تقابل هذه المظاهرات بوحشية وتوقع 45 ألف شهيد، ويدخل العربي المعتقل، ويأتيه من يتوسط له للخروج، لكنه يرفض أن يغادر السجن منفردا، و يعبّر بعد ذلك عن رغبة جامحة في الالتحاق بالمنظمة السرية التي أسسها شباب في الحركة الوطنية، ثم يظهر كمعارض شرس لانتخابات المجلس الوطني الجزائري، ويقول بعد أن استلم الكلمة في أحد التجمعات، أن النظام الاستعماري يريد من خلال هذه الانتخابات احتقار الجزائريين وإظهارهم كمواطنين من الدرجة الثانية مستعرضا تاريخه في ذلك، ويقول إن الجزائر جزائرية ولا يمكن للنظام الاستعماري أن يكون ديمقراطيا. يقترب موعد الثورة التي كان بن مهيدي أكثر المتحمسين لها بعبارته الشهيرة " ألقوا بالثورة للشارع يحتضنها الشعب" وتبدأ تفاصيل مثيرة في التكشف من خلال مشاهد الفيلم، أبرزها اجتماع الستة الشهير، الذي تم فيه إعلان لحظة الصفر ونشر بيان موجه للشعب الجزائري يشرح أهداف العمل المسلح ومعالم الدولة الجزائرية مستقبلا. يلقب بن مهيدي في العمل باسم "الحكيم"، لقدرته على تحقيق التوافق بين الأطراف، حيث استطاع بحنكته ضمان اسمرار مؤتمر الصومام بعد أن كاد يتوقف، كما كلف بقيادة المنطقة المستقلة في العاصمة وبدأ التحضير لمعركة الجزائر التي تمثل إحدى محطات الثورة إلى جانب إضراب الثمانية أيام. و مع تطور الأحداث يتم اعتقال الرجل بعد التوصل إلى مكانه في حي أوروبي في العاصمة نهاية شهر فيفري 1957، وقد استطاع المخرج تصوير المشهد بطريقة واقعية مبهرة، إذ يظهر فيه بن مهيدي مكبل اليدين، يقف أمام المحققين الذين حاولوا استعطافه، غير أنهم فشلوا في ذلك معبرين عن انبهارهم بشخصيته. وفي أخر مشاهد الفيلم، تبدأ لحظات التعذيب بحضور السفاح بيجار، إلى غاية لقطة إعدامه شنقا دون محاكمة، ليلة الثالث إلى الرابع من مارس 1957. حسن دريدح المخرج بشير درايس لم نحذف سوى دقيقتين من 200 دقيقة تم تصويرها قدر المخرج بشير درايس، صاحب فيلم العربي بن مهيدي، عدد من حضر عرض عمله خلال انطلاقة مهرجان عنابة السينمائي بنحو 6500 متفرج، وذلك بحسب ما أحصته المحافظة كما قال، إذ تمكن 1500 شخص فقط من الدخول بسبب محدودية المقاعد بالمسرح، ولذلك تقررت برمجة عرض ثان للفيلم. وكشف المخرج أمس، خلال ندوة صحفية نشطها على هامش العرض، أن الأسباب التي أخرت إنتاج وعرض العمل لسنوات، كانت مرتبطة بتحفظات سجلتها وزارة المجاهدين حول أحداث تاريخية ما استدعى مراجعتها، منها تعليق محمد بوضياف على سبب عدم مشاركة جمعية العلماء المسلمين في التحضير لاندلاع الثورة. وأضاف المخرج بأنه قام بحذف دقيقتين فقط من أصل 200 دقيقة تم تصويرها، كما تحدث عن مشكل عدم تجديد رخص التصوير في كل مرة قائلا " كما نصور 3 أيام ونتوقف شهرا". وفي إجابته عن سؤال حول الميزانية التي خصصت للفيلم، أوضح بأنها في حدود 60 مليار سنتيم، انفقت بين تكاليف الإنتاج والتنقلات، وكانت كل ولاية يتم التصوير فيها، تأخذ حصتها من نفقات الإطعام والتنقل وغيرها من الخدمات التي يتم توفيرها. واعتبر درايس، الميزانية مقبولة وغير مرتفعة مقارنة بحجم الميزانيات التي ترصد لبعض الأعمال في الخارج، مشيرا إلى أن فيلم الخارجون عن القانون لرشيد بوشارب كلف ميزانية 400 مليار سنتيم. وأضاف المتحدث، بأنه يمكن استرجاع الأموال التي انفقت على الفيلم من خلال بيع تذاكر العرض، وإبرام اتفاقيات شراء مع قنوات تلفزيونية. وفي سؤال للنصر، حول برمجة عروض للفيلم بالولايات، تأسف المخرج لعدم توفر قاعات سينما تستوعب عددا كبيرا من الجمهور، وهو ما استوجب الاستعانة بأوبرا الجزائر أولا، ومسرح عنابة رغم طاقة الاستيعاب المحدودة، داعيا إلى التفكير في إنجاز قاعات سينما وفق المواصفات العالمية. كما أعاقت مشكلة عدم توفر قاعة للسينما بولاية أم البواقي، عرض الفيلم في مسقط رأس الشهيد حسب درايس، الذي تحدث عن عدم وجود نص قانوني يضبط نشاط عرض الأفلام في القنوات الفضائية الجزائرية، مشيرا، إلى إنتاج نحو 30 فيلما مند سنة 2000، لم تعرض على القنوات الوطنية. وأشار إلى ترقب عرض فيله في الخارج، إذ ستكون البداية شهر ماي مع مهرجان كان السينمائي، كما عبر المخرج عن إعجابه بجمهور عنابة الذي تابع الفيلم بهدوء واهتمام كبيرين، وتفاعل مع لقطات مؤثرة. المخرج عبد الله الخطيب الاحتفاء بالسينما الفلسطينية ليس جديدا على الجزائر خصصت محافظة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي حيزا واسعا للسينما الفلسطينية ضمن الدورة الرابعة للتظاهرة الممتدة إلى غاية 30 أفريل الجاري، وذلك من خلال برنامج خاص بعنوان "تحيا فلسطين" بالتعاون مع مؤسسة الفيلم الفلسطيني في خطوة تعد الأولى من نوعها بتسليط الضوء على الإنتاج السينمائي الفلسطيني. النصر، التقت بالمخرج الفلسطيني عبد الله خطيب الذي يشارك في المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة، إلى جانب مجموعة من المخرجين الفلسطينيين، على غرار محمد المغني، لينا سويلي، المشاركان بفيلم طويل، والمخرج أمين نايف ابن الضفة الغربية، حيث أخبرنا المتحدث، أنه سعيد بالتواجد في الجزائر وبالاحتفاء بسينما بلاده معلقا:" في الحقيقة هناك علاقة تاريخية بين الشعب الفلسطيني والشعب الجزائري، دائما هناك معاملة خاصة للفلسطينيين في هذا البلد بغض النظر عما إذا كان المجال السينما أو مجالات أخرى". مضيفا: " نشعر كثيرا بهذه الخصوصية، فمن الناحية الإدارية تم التكلف بالإجراءات لكي نحضر ونشارك في هذه النسخة من مهرجان عنابة، المميز بجمهوره، و بتعامل الناس على السجادة الحمراء التي تعكس الشغف بالسينما وحب الناس والضيافة والكرام". وعن الرسالة التي تريد السينما الفلسطينية إيصالها للعالم، رد عبد الله الخطيب بالقول: " السينما هي إحدى الأدوات التي نحاول من خلالها كفلسطينيين، أن نوجد منصات خاصة للتعبير حتى نستطيع التحدث عن قصصنا الاجتماعية ونروي حكاية شعبنا على المستوى السياسي و الاجتماعي و حتى العاطفي، هناك تنوع دائما في السينما الفلسطينية هناك أفلام قصيرة و طويلة، ومخرجون كبار ودائما تكون رسالتنا هي فلسطين". وقال أيضا: " نحاول أن نستغل وجودنا في المهرجانات الدولية العالمية لنتحدث عن فلسطين وعما يحدث داخل الأراضي المحتلة".