الشغل في شركات البترول المطلب الوحيد لمحاربة التلاعبات في التوظيف لم يختلف كل من تحدثنا إليهم خلال الزيارة الميدانية التي قادتنا إلى ولاية ورقلة في أن الدعوة إلى تنظيم الوقفة الإحتجاجية ليوم 14 مارس، أو ما إصلطح على تسميته ب " مليونية الكرامة " كانت نابعة من قناعة جماعية لشبان ولايات الجنوب الجزائري بضرورة الظفر بمناصب عمل قارة و دائمة في الشركات البترولية التي تزاول نشاطها على مستوى الجهة الجنوبية من التراب الوطني، لكن حي المخادمة التي يعتبر أحد أكبر الأحياء الشعبية بمدينة ورقلة، بكثافة سكانية تقارب 47 ألف نسمة، كان بمثابة المحطة الرئيسية التي تم فيها التخطيط لهذه المبادرة، رغم أن المنسق العام للحركة الوطنية للدفاع عن حقوق عن البطالين الطاهر بلعباس ينحدر من حي غربوز، إلا ان تنظيمه شمل جميع ولايات الجنوب، و قد كانت لبعثة " النصر " وقفة مع مجموعة من شبان حي المخادمة الذين كشفوا عن حجم معاناتهم مع سوق الشغل، في رحلة بحثهم عن مناصب عمل على مستوى الشركات البترولية. فمحمد عبد الباسط شاب يبلغ من العمر 26 سنة، أكد بأنه تقدم بطلب لدى وكالة التشغيل، لكنه ظل ينتظر فرصته للظفر بمنصب عمل في شركة بترولية من دون النجاح في تحقيق غايته، و الحجة في ذلك أنه لا يحوز على شهادة جامعية تؤهله لشغل منصب إطار سامي في الشركة، رغم أنه أوضح بأن القضية أبعد من ذلك بكثير، لأن الإشكال ليس على حد قوله في المناصب النوعية، و إنما في الطريقة التي تتم بها عملية التوظيف، حيث أن المعايير المضبوطة لا تطبق على بطالي ولايات الجنوب، من أجل التمهيد لتحويل المناصب المفتوحة إلى مجموعة أخرى من ولايات الشمال، لا تستوفي شروط الكفاءة، و إنما معيارها الوحيد أنها محسوبة على أحد المسؤولين في الشركة المعنية". من هذا المنطلق أشار أمين البالغ من العمر 23 سنة إلى أنه و منذ إيداع ملفه لدى وكالة التشغيل بولاية ورقلة خضع في العديد من المرات للفحص الخاص بالانتقاء المهني، لكنه لم يتمكن إلى حد الآن من الظفر بفرصة الشغل في منصب عمل دائم، من دون أن تكشف الشركة المعنية عن نتائج الإختبار، و الإكتفاء بتوجيه إستدعاءات مباشرة للأشخاص الذين تحصلوا على المناصب، لأن الأمور على حد قوله " محسومة بمجرد الإعلان عن تنظيم مسابقة توظيف، و الدليل على ذلك مسابقة توظيف نظمتها إحدى الشركات البترولية في أوائل شهر فيفري الماضي، و التي تم إثرها فتح 25 منصب شغل، لكن الشخاص الذين تم توظيفهم لا يقيمون لا في حاسي مسعود و لا في ولاية ورقلة، رغم أن الحكومة كانت قد اعطت تعليمات تقضي بضرورة منح الأولوية لشبان المنطقة في التشغيل من أجل إمتصاص البطالة ". إلى ذلك فقد كشف موسى عن الوجه الاخر لمعاناة شبان الجنوب مع سوق الشغل، حيث أكد بان جميع الشبان يريدون التوظيف في الشركات البترولية، لأنهم سئموا شغل مناصب مؤقتة في شركات المناولة، بسبب قضية الرواتب الشهرية و كذا التأمين و مدة العمل، على إعتبار ان هذه الشركات تظفر بمشاريع على مستوى المؤسسات البترولية، و عمالها يقومون بنفس المهام التي يؤديها نظرائهم من الشركات الأم، لكن الفرق في الراتب يتجاوز في معظم الأحيان 10 ملايين سنتيم، لأن شركات المناولة لا توفر للعامل جميع حقوقه، و رواتب عمالها لا تتجاوز نصف الرواتب المعتمدة في الشركات البترولية الوطنية، مما زاد من الفوارق في نظام العمل بين الجهتين، الأمر الذي رفع على حد تعبيره من عدد الطلبات في التوظيف على مستوى وكالة التشغيل بولاية ورقلة، لأن الكل يصر على ضرورة الظفر بمناصب في مؤسسات بترولية، مع كثرة الطلبات على مناصب حارس ليلي، طباخ أو عون حراسة و أمن. على صعيد آخر فقد تحدث سمير القاطن ببلدية الرويسات عن ظاهرة بيع إستمارات التشغيل، و وجه أصابع الإتهام إلى أطراف من مديرية التشغيل بولاية ورقلة، لأن هناك كما صرح " مافيا في الإدارة إستغلت زحف شبان ولايات الشمال للمتاجرة بوثائق إدارية، لأن إستمارة التسجيل تباع بمبالغ تتراوح ما بين 4 و 6 ملايين سنتيم لأشخاص ليسوا مسجلين إطلاقا، لكنهم ينجحون في إستكمال ملفاتهم الإدارية على مستوى مختلف مصالح البلدية و المديرية الوصية، من بينها شهادة الإيواء من أجل الظفر بمنصب عمل قار في الشركات البترولية". بالموازاة مع ذلك فقد لفت إنتباهنا قبيل إنطلاق التجمع بساحة التحرير أمام المدخل الرئيسي لبلدية ورقلة شاب في العشرينيات من العمر دخل مناوشات مع المنظمين، و قد إتضح عند إستفسارنا معه بأنه يقيم ببلدية عين البيضاء بولاية ورقلة، و يعمل في شركة بحاسي مسعود، يتقاضى راتبا شهريا بقيمة 14 مليون سنتيم حسب تصريحه إلا أنه أصر على الحضور إلى التجمع و محاولة الظهور فيه كعنصر بارز، معتبرا ذلك مساندة لأبطالي الجنوب، حيث أكد في هذا السياق بان معاناة شبان الولايات الجنوبية في التشغيل متشعبة، و العديد من شركات المناولة تحاول فرض نظام استغلال البشر لإنجاز مشاريعها، و ذلك بتوجيه شبان المنطقة للقيام بأعمال شاقة، رغم أنه إعترف بان شروع اللجنة الولائية التي تم تشكيلها كفيل بوضع حد لهذه الممارسات، سيما و أن المهمة الرئيسية للجنة المعنية تتمثل في مراقبة الملفات من جميع الجوانب.