الهواتف الذكية و الآيباد تطغى على هدايا الناجحين في كل الأطوار التعليمية "آيباد"، "بي أس بي"، "بلاي ستايشن"،"بلاي 2 أو 3"، "هواتف ذكية"...و غيرها من الأجهزة الإلكترونية الحديثة التي تمكنت من إزاحة عبارة هدية رمزية، هذا ما وقفنا عليه خلال قيامنا باستطلاع بوسط مدينة قسنطينة،حول أهم الهدايا المنتقاة من قبل الأولياء لأبنائهم الناجحين في دراستهم. فهدايا اليوم لم تعد رمزية كما في الماضي خاصة عندما يتعلق الأمر بالأبناء، بعد أن بات الكثيرون يشترطون نوعيتها من الآباء مسبقا و يحددون أي هدية يريدون، و لا يبقى أمام الأولياء سوى تلبية رغباتهم، و منحهم ما يريدون إذا هم حققوا علامات و معدلات جيّدة في الدراسة، لدرجة تحوّلت الهدية إلى مظهر من مظاهر الابتزاز ببعض العائلات التي عوّدت أبناءها على الهدايا القيّمة مع نهاية كل فصل دراسي.و أجمع عدد من باعة الهواتف النقالة و الألعاب الالكترونية و كذا أصحاب محلات أدوات الإعلام الآلي على تزايد الطلبات على سلعهم في نهاية جوان و بداية جويلية وذلك تزامنا مع الإعلان عن نتائج الامتحانات المصيرية، حيث ذكر التاجر طلحي سهيل بأن الطلبات تختلف بحسب إمكانيات كل عائلة، مؤكدا تزايد الطلب على الهواتف المزوّدة بكاميرات من قبل الآباء لإهدائها للأبناء الحائزين على شهادة السانكيام و التي تتراوح أسعارها ما بين 6500دج فما فوق، فيما يتم انتقاء ما هو أكثر حداثة بالنسبة للحائزين على شهادة البكالوريا و بشكل أقل بالنسبة للناجحين في البيام. و قال البائع بلال بشارع عبان رمضان بقسنطينة بأن أغلب هدايا اليوم لا تخرج عن خانة الأجهزة الالكترونية سواء كانت في شكل ألعاب أو أجهزة إعلام آلي أو اتصال، مضيفا بأن أكثر الزبائن يميلون إلى الألعاب الالكترونية عندما يتعلّق الأمر بالأطفال، ذاكرا بعض أنواع الهدايا المحبّذة للأكثرية كال"أم بي 4و 5" و "بلاي ستايشن" و ال "بي أس بي"...و غيرها من الألعاب التي قال بأن السعر لم يعد يتحكم في عملية انتقائها لأن الكثير من الآباء يعملون كل ما في وسعهم لتوفير ثمن الجهاز الذي يرغب الابن أو الابنة في الحصول عليه، و مع تزايد الهوس بتفوّق الأبناء في الدراسة، ارتفعت بورصة أسعار الهدايا و أعباءها على ميزانية الأسرة بعد تحكم العديد من العوامل في ذلك و بشكل خاص التمظهر و التقليد. و ذكر تاجر آخر بأن محله سجل بحر الأسبوع المنصرم زيادة الطلب على جهاز "بي أس بي "بنوعيه "سليم و فات" و ثمة من اشتروه بالتقسيط قبل شهر من ظهور نتيجة امتحان السانكيام.و قال رؤوف بائع أجهزة إعلام آلي بأن الفترة الممتدة من نهاية جوان إلى منتصف جويلية باتت موسما للهدايا بامتياز، مؤكدا تضاعف الطلبات هذه الأيام على "الأيباد 2،3 و 4"، مشيرا إلى ظاهرة شراء بعض الأولياء الواثقين من نجاح أبنائهم لهداياهم مسبقا أو الدفع المسبق لحجز الهدية في انتظار ظهور النتيجة، معلقا بأن "أبناء اليوم مدللين للغاية". و استغرب عدد من الباعة المختصين في بيع الأجهزة الالكترونية ممن تحدثنا إليهم، من التناقضات الصارخة في مجتمعنا الذي يشتكي فيه الكثيرون من تراجع القدرة الشرائية في حين يعكس الواقع تهافت كل الفئات الاجتماعية على الهدايا الثمينة.و ذكرت إحدى الزبونات التي كانت تسأل عن ثمن هاتف نقال مزّود بالويفي بأنها وعدت ابنتها التي اجتازت مؤخرا امتحان البيام بهاتف بويفي إن هي تحصلت على علامة 17في الامتحان، و قد خرجت في جولة البحث عن هاتف بثمن يناسب القيمة التي نجحت في توفيرها كما قالت. عندما تتحوّل عادة التهادي إلى ابتزاز و يرى أستاذ علم النفس، و المرشد النفسي رابح لوصيف بأن الهدية لا يجب أن تخرج عن حيّز الاعتراف و تقدير الجهد و تشجيع الأبناء على العمل أكثر لتحقيق نجاحات أكبر في حياتهم، بالحرص على تقديم الهدايا المعبرة عن فرحة الأهل بالناجح كدعوته لمأدبة عشاء مع العائلة و الأصدقاء و منحه هدية رمزية حسب مقدور العائلة و ليس بدافع التمظهر و تقليد الآخرين. و اعتبر تنافس الآباء في إهداء الأبناء الناجحين هدايا قيّمة بأسعار غالية جدا مع كل نجاح حتى في الامتحانات العادية، لا تنفع الأبناء بقدر ما تضرهم، خاصة بالنسبة للأولياء الذين عوّدوا أبناءهم على المنافسة من أجل المقابل المادي و الذي يحاولون إخفاءه تحت ثوب الهدية التشجيعية، مما جعل بعض التلاميذ يدرسون من أجل إرضاء أوليائهم و بالتالي حوّلوا عادة التهادي إلى شكل من أشكال الابتزاز، باشتراطهم نوع الهدية التي يرغبون في الحصول عليها مسبقا و في حال رفض الوالدين الانصياع لرغباتهم يتراجعون في الدراسة. و نصح بضرورة تشجيع الهدايا في شكل ألعاب جماعية ذهنية و الابتعاد عن تلك المساهمة في عزل الأبناء كالألعاب الالكترونية التي لا تنمي ذكاءهم بقدر ما تزيد من خطر عزلتهم، في حين تبقى الهدايا البسيطة أكثر نجاعة و إيجابية في تنمية قدرة التفكير و التحكم في الأمور لديهم كالدراجة بدل البي أس بي ذو التحكم الافتراضي.كما حث على ضرورة إختيار نوع الهدية حسب سن و مستوى الأبناء الدراسي، مع الابتعاد عن الدلال المفرط.