فرقة كركلا تستحضر حكايا ألف ليلة و ليلة في لوحات "كان يا ما كان" قدمت سهرة أول أمس فرقة كركلا القادمة من أعماق بلاد الأرز إشارة انطلاق الجزء الثالث من ليالي سيرتا بعروض "كان ياماكان "الفنية التي تمزج الموسيقى بالأغاني و اللوحات الكوريغرافية، مكرسة لغة الجسد للتعبير عن الهوية العربية و كنوز التراث المتجذر في عمق التاريخ و عبق الحضارات العربية. السهرة الأولى من هذه التظاهرة الصيفية التي يحتضن فعالياتها الممتدة من 16 إلى 25 أوت الجاري ،ملعب بن عبد المالك رمضان بوسط المدينة من توقيع الديوان البلدي لترقية النشاطات الثقافية و الفنية لقسنطينة بالتنسيق مع الديوان الوطني للثقافة و الاعلام ،لم تستقطب سوى عددا قليلا من العائلات التي فوجئت بتأخر الانطلاق الرسمي للحفل إلى غاية الساعة العاشرة و 20 دقيقة تقريبا بدل التاسعة كما تم الاعلان عنه مسبقا. و هكذا اضطرت العائلات لمتابعة فصول التدريبات و التحضيرات التي قامت بها على ركح الملعب فرقة كركلا اللبنانية التي قدمت إلى قسنطينة من سطيف حيث أحييت حفل افتتاح مهرجان جميلة في سهرة الخميس الفارط . العديد من الحضور علقوا مازحين على ارغامهم على متابعة "البروفة"التي أخرت انطلاق العروض بقولهم بأنهم بذلك شاهدوا "كان ياماكان"مرتين مرة بالملابس العادية العصرية و مرة بملابس العثمانيين و أبناء بلاد الرافدين و الشام في العرض الرسمي .بينما وضع آخرون ذلك في خانة عدم تقدير الجمهور و اللامبالاة بالمواعيد خاصة و أن العرض الأول قدم قبل 24 ساعة فقط في مهرجان جميلة و تم التدرب عليه عدة مرات.وما إن انطلقت الفقرة الأولى رسميا من "كان ياماكان" حتى تجاوب الكثير من الحضور مع اللوحات النغمية الراقصة و المغناة التي قدمتها الفرقة التي يترأسها الموسيقار و الفنان اللبناني العالمي عبد الحليم كركلا الذي تعود على المشاركة في إحياء العديد من المناسبات و المهرجانات الثقافية الجزائرية بأعمال من إبداعه. حيث عرض بقسنطينة بمعية فرقته في العام الفارط ملحمة "أبطال القدر"بمناسبة خمسينية الاستقلال. رحلة عبر أجواء حكايا ألف ليلة و ليلة العبقة بسحر الشرق و حضاراته المتعاقبة و تراثه الزاخر بالطبوع الفنية و الألوان و الأنغام و تصاميم الأزياء و الاكسسوارات و الديكور شملت ثلاث محطات ،حملت الحضور بعيدا ،فعايش مواقف الحب و الكراهية المغلفة بنزعات الخيانة و الرغبة الجامحة في الانتقام عبر لوحات حبلى بالأنغام و الرقصات و الأحاسيس و المؤثرات البصرية و الصوتية بطلها ملك عاشق لا يمكن إلا أن يكون شهريار الحكايا ، فكان بطل الفقرة الأولى من العروض الساحرة. الفقرة الثانية نقلت الحضور إلى أجواء الأسواق العربية في الأزمنة الغابرة حيث كان كل شيء يباع و يشترى حتى البشر خاصة الإماء .و تم التركيز في لوحاتها الإيقاعية على رجل يبدو أنه يمارس السحر و الشعوذة و الاحتيال ،فكان يحيك المكائد و ينصب الفخاخ لكي يستولي على أموال الأثرياء ثم يوزعها على الفقراء المساكين . أما الفقرة الثالثة و الأخيرة من "كان يا ماكان " التي قدم لوحاتها 70 فنانا عربيا لأكثر من ساعتين، فكان عبارة عن عرض يجسد مختلف معالم التراث الفني و الثقافي الجزائري أسندت مهمة تقديمه لعشر فنانين جزائريين يتقدمهم المغني الشاب محمد لمين و ماسي و خريجة "ألحان و شباب" التلمسانية رجاء مزياني، فأبدعوا في استعراض الطبوع الفنية الجزائرية بشكل باهر ساحر عريق طيلة 25 دقيقة. الجدير بالذكر أن صديق الجزائر المايسترو عبد الحليم كركلا الذي أسس فرقته الشهيرة ذات الصيت العالمي في سنة 1986، صرح بأن "كان يا ماكان "تصنف ضمن مشروع الحداثة الذي تنتهجه الفرقة و بمثابة رسالة إلى العالم للتعريف بالهوية و التراث العربي و اعتبرها هدية للجزائر و الجزائريين الذي تشبع بفنونهم.