الفايسبوك يكشف إختلالات التواصل و الاتصال الشفوي عند الجزائريين تتفاجأ أحيانا كثيرة و أنت تتصفح صفحتك أو صفحات أصدقائك على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك ، بتعليقات و صور لموتى أو مرضى في المستشفيات و أخرى تخدش الخصوصية و حتى الحياء، فتستوقفك إما لتفاهتها أو لغرابتها أو لجرأتها ، و تجعلك تتساءل عن خلفية نشرها خصوصا و أن بعضها لا يتناسب مع طبيعة المجتمع الجزائري ، فيما يعبر بعضها الآخر عن جهل مطلق للطريقة السليمة و الصحية لاستعمال هذه الفضاءت التي تكرس هامشا من الحرية لم يتعود عليه الكثيرون . الفراغ حول التصوير إلى مهنة لمن لا مهنة له تعرف هذه الظاهرة المرتبطة بالنشر العشوائي لكل أنواع التعليقات و الصور على مواقع التواصل الاجتماعي و بالأخص فايسبوك بحكم شعبيته الكبيرة في الجزائر ، انتشارا واسعا فأصبحنا نقف على سلوكيات غريبة ، فتجد هذا يضع صورة لشخص في حالة وفاة يرفقها بتعليق يوضح فيه أن المتوفى والده أو والدته التي غادرته للتو أو هي صورة لضحية حادث مرور وكأن التواصل و نقل الحدث أهم عنده من التفاعل مع المصيبة ، كما تجد آخر ينشر صورة له أو لأحد أقاربه وهو يرقد في أحد المستشفيات موصولا بأجهزة طبية ، أما البعض فيعمدون إلى تصوير كل لحظة من لحظات حياتهم أو حياة أبنائهم و نشرها بالتفصيل و بشكل متواصل ، وهم نائمون وهم يأكلون ، يقودون السيارة ، يشاهدون التلفاز أو في عيادة الطبيب ، على الشاطئ وهم يدرسون أو يلبسون ما يعلقون بأنه زي جديد، بالإضافة إلى تفاصيل دقيقة أخرى وصلت حد التفاهة و الهوس عند البعض. الملاحظ أن هذا السلوك الذي يمارسه الكثيرون فقط لملأ الفراغ و قتل ساعات من الوقت لم يعد مقتصرا على فئة معينة بل تجد فتيات و أشخاص ذوي مستوى ثقافي و علمي محترم يمارسونه دون قيود أو اعتبارات اجتماعية، فالكل أصبح مصورا هاويا و الكل يملك الحرية في استعمال هاتفه النقال لالتقاط صوره أو صور لغيره أينما كان و وقت ما شاء ومن ثم نشرها، طالما توفر له الفضاء و الفرصة لذلك ، حتى و إن كان ما ينشره من صور فيه استباحة لخصوصية الآخرين. يعمد البعض إلى تصوير فتيات أو سيدات ترقصن في حفلات و أعراس و يقومون بعد ذلك بنشر الصور أو الفيديوهات على الفايسبوك من باب الطرافة حسبهم ، الأمر الذي يعد اعتداء على خصوصية هؤلاء الأشخاص قد تكون له نتائج وخيمة ، في وقت تنشر فتيات على بعض الصفحات المتخصصة في الألبسة و الجمال ، صورا خاصة لفتيات أخريات يرتيدن شيئا يردن عرضه و مشاركته مع الغير أو تصوير أشخاص معينين في أوضاع محرجة أو خطيرة و نشر الصور و الفيديوهات لتتحول إلى مادة دسمة للسخرية و التعليق دون مراعاة لمشاعر أو ظروف أصحابها. كل ذلك يعكس المفهوم الخاطئ للحرية التي توفرها هذه الفضاءات لدرجة وصلت حد تسليط الأذى على الآخرين ،خصوصا عندما يتعلق الأمر بالتعليقات و الانتقادات اللاذعة التي يتجرأ البعض على نشرها على حائط صفحة شخص آخر و التي تصل حد الشتم و التجريح وخدش الحياء أحيانا . اتفاق على انعدام ثقافة التواصل و سوء استخدام التكنولوجيا يتفق العديد من مستخدمي الشبكة العنكبوتية و رواد مواقع التواصل الاجتماعي بقسنطينة ، بأن ما يحدث على موقع فايسبوك و غيره، أمر يستحق النقاش خصوصا و أن هذه السلوكيات أصبحت تلاحظ بشكل كبير ،كما أن التعدي على الخصوصية و درجة التفاهة التي وصلت إليها بعض المواد التي يتم نشرها جعلت بعضهم يتجه إلى تجميد أو غلق حسابه بشكل نهائي ، كما أكده منير 23سنة، طالب بكلية الهندسة . هذا الأخير أخبرنا بأنه أصبح يتجنب استخدام هذه المواقع لإدراكه بأنها تحولت إلى وسيلة للتشهير و الإساءة أكثر منها وسيلة للتواصل ،معللا ذلك بالقول بأن السواد الأعظم من روادها يجهلون ثقافة التواصل البناء ،كما يتعمدون إساءة استعمال كل ما له تأثير قوي في المجتمع لأنهم يعانون عقدا و مشاكل في التواصل لذلك قرر غلق حسابه، بعدما اقتنع بأنه أصبح مضيعة للوقت أدمنها لفترات طويلة .أما أمينة 27 سنة، خريجة كلية الحقوق بجامعة قسنطينة ، فقد أضافت :" لا أفهم ما الذي يفعله هؤلاء الأشخاص ما الفائدة من نشر صور مخلة بالحياء أو التعدي على خصوصية شخص آخر ، أنا شخصيا أجد في فايسبوك مساحة للتواصل مع صديقاتي بعدما عجزت عن تحصيل وظيفة و اضطررت إلى ملازمة البيت كما أن الموقع يساعدني على البقاء على تواصل مستمر مع كل ما هو جديد بخصوص فرص العمل و حتى اهتماماتي في مجال الأناقة و الموضة ، بالرغم من أنني لا أنكر تحفظي على بعض من ينشر من صور." فيما علق أستاذ اللغة الفرنسية عبد الوهاب صاحب 42سنة ، بأن سوء استخدام التكنولوجيا و جهل البعض لخطرها هو ما شجع الظاهرة مضيفا:" أغلبية مستخدمي مواقع التواصل يجهلون حتى طريقة حماية حساباتهم و منع تحميل صورهم أو الحيلولة دون السماح للغير بالنشر على جدرانهم ، فالمهم بالنسبة للجميع هو التقليد دون الاهتمام بالنتائج"واستطرد قائلا :" مجتمعنا بطبعه يعاني مشكلة في التواصل نحن نبرع في النقد الهدام و السخرية و التجريح هكذا نحن". ضغط المجتمع ولد الانفجار الظاهرة كما أوضح أستاذ علم النفس الاجتماعي لخضر عمران ، انعكاس لصورة مجتمع منغلق على عاداته و تقاليده تحكمه طابوهات كثيرة تفرض نفسها بقوة و تضع ضوابط على التعبير و أساليبه .وهو الانغلاق الذي يجد الجيل الجديد صعوبة في تقبله، لكونه منفتحا على العالم و تأثير حضاراته المختلفة ، لذا يقبل بشراهة على هذه الفضاءات لأنها تمنحه مساحة حرة للتعبير عن كل ما يجول في ذهنه ، كما توفر له مجالا لإبداء رفضه لسلطة المجتمع و التزامه بقيوده ما يبرز من خلال التعليقات و الصور الجارحة . كما أنها تعطيه كذلك فرصة للتعبير عن نفسه و تقاسم أفكاره و حتى بعض جوانب حياته، لذا تجد كثيرا من الناس يتوجهون لنشر صورهم و تقديم تفاصيل تخص حياتهم و نشاطاتهم رغبة في البروز و الشعور بالأهمية و التميز. هذا فضلا عن غياب أي تكييف لوسائل الاتصال الحديثة مع طبيعة المجتمع و غياب كل أشكال الرقابة أو الضبط و كلها عوامل سمحت لبعض المنحرفين و غير الأسوياء من استغلال هذه المواقع للتواصل مع الغير.كما أن العزلة التي خلقها العلم الافتراضي أسهمت في تغذية هواجس أشخاص يفتقدون لثقافة التربية الاجتماعية ." فنحن عندما نفتقد لفضاء خاص نلجأ للتعدي على فضاءات الآخرين". كما عبر.