ليس من مصلحة أي طرف عرقلة جهود الجزائر لإنهاء أزمة مالي شدد وزير المصالحة الوطنية المالي زهابي ولد سيدي محمد، بان كل الأطراف المعنية بالحوار الدائر بالجزائر لإنهاء أزمة مالي "تعي جيدا ما ينتظرها والمشاكل التي قد تنجر على عدم التوصل إلى اتفاق لإنهاء الأزمة"، مؤكدا بان كل الدول المجاورة والدول الكبرى على غرار فرنسا تدعم جهود الجزائر لإنهاء أزمة مالي، مضيفا بانه لا يوجد أي طرف من مصلحته فشل مبادرة الجزائر للحوار بين الماليين يواصل ممثلو الحكومة المالية والحركات المسلحة شمال مالي جلسات مغلقة للحوار الشامل والمباشر برعاية جزائرية، ولم تتسرب تفاصيل بشان الملفات التي طرحت للتفاوض، ولا بشأن ما تردد عن اعتزام بعض الحركات المسلحة في الشمال طرح مطلب يتمثل في الحصول على صلاحيات واسعة في تسيير الأقاليم الشمالية، ليكون هذا الأمر بديلا لمطلب الحكم الذاتي الذي ترفضه السلطات المركزية في باماكو. وأكد وزير المصالحة الوطنية المالي زهابي ولد سيدي محمد، في تصريح "للنصر" قبيل انطلاق المفاوضات، أن كل الأطراف متفقة على حصرية تعاطي الجزائر مع مسار الأزمة في مالي، وقال في هذا الصدد إن "الملف المالي لا يتم بحثه في أي إطار آخر غير المسار الذي ترعاه الجزائر". وقال بان جلوس الأطراف حول طاولة واحدة للحوار هو انجاز في حد ذاته في انتظار التوصل إلى نتائج من شانها إنهاء الصراع في مالي. واعترف المتحدث بصعوبة التوصل إلى اتفاق نهائي، وقال "المفاوضات طبعا شاقة وصعبة ولكن هناك أمل بالتوصل إلى اتفاق"، موضحا بان المباحثات المباشرة بين حكومة مالي والحركات المسلحة في الشمال مهمة وهو ما يؤكد نجاح الدبلوماسية الجزائرية في جمع كل الأطراف، وإشراك دول الجوار للبحث عن المخرج الأنسب لضمان الاستقرار في المنطقة، مضيفا بان جميع الدول المجاورة والمنظمات الإقليمية والدولية كلهم مدعمين الدور الذي تقوم به الجزائر لإنهاء مشكل شمال مالي. وقال زهابي، أن من مصلحة كل الأطراف سواء داخل مالي أو القوى الكبرى (في إشارة إلى فرنسا) أن ينجح الحوار بين الماليين، وأضاف قائلا " لا يوجد أي طرف سواء فرنسا أو غيرها لها مصلحة في استمرار الأزمة في الشمال"، موضحا بان هناك إجماع بين كل الأطراف المساعدة والدول التي ترعى مفاوضات السلام على تأييد الخطوة التي تقوم بها الجزائر من اجل إحلال السلم في البلاد وحل مشكلة شمال مالي. وكان وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة، قد أكد بأن المرحلة الأولية من الحوار الشامل والمباشر بين الحكومة والجماعات المسلحة شمال مالي تشكل خطوة هامة من أجل تسوية الأزمة، مرجحا وضع خارطة طريق لحل الأزمة قبل نهاية شهر رمضان شريطة توفر الإرادة السياسية للفرقاء الماليين. وقال لعمامرة أن الجزائر لن تتخلى عن الأشقاء الماليين وستقدم ما يلزم لتسوية نهائية للأزمة المالية، مؤكدا أن الخلاف بين الفرقاء الماليين ليس جوهريا أو صراع مبادئ مستدلا بتوقيع حركات ازوادية وثيقة بالجزائر تعلن خلالها التزامها بمبدأ الوحدة الترابية لمالي وهو الشرط الذي وضعته باماكو قبل الدخول في أي مفاوضات. من جانبه، أعرب محافظ السلم والأمن بالإتحاد الإفريقي السيد إسماعيل شرقي عن أمله في أن يفضى الحوار الشامل بين الفرقاء الماليين إلى حلول مستديمة للأزمة في المنطقة الشمالية لمالي مؤكدا إلتزام الإتحاد الإفريقي بتحقيق الإستقرار في كل بؤر التوتر بالقارة السمراء. وقال شرقي أن إجتماع الفرقاء الماليين حاليا في الجزائر "هام جدا خاصة و أنه سيمكن الحكومة المالية من الحوار المباشر مع الحركات المسلحة في الشمال" معربا عن أمله في أن يفضى إلى التوقيع على إتفاق نهائي طويل المدى حتى يتعزز السلم ولا يتكرر هذا النزاع. وأكد أن الإتحاد الإفريقي يدعم مسعى الحوار المباشر الذي ترعاه الجزائر معتبرا أنه "من المهم أن تكون هناك آلية للمتابعة كفيلة بضمان تطبيق الإتفاق الذي نتمنى أن يأتي عما قريب ليمكننا من الإنتقال إلى مرحلة جديدة في العلاقات بين الطرفين لصالح إستتباب الأمن و الإستقرار في مالي". ويشير اغلب المحليين إلى أن الوضع القائم على الأرض يصب في جهة الحركات الازوادية، حيث نجحت هذه الحركات منذ ماي الماضي من السيطرة على مناطق في شمال مالي، على غرار منطقة "كيدال" بعد انسحاب الجيش النظامي، إضافة إلى أجزاء من منطقتي "غاوة" و "تومبوكتو"، ولكن هذا لم يمنع السلطات المركزية في باماكو، من إعلان رفضها أي تفاوض بشان الوحدة الترابية والطابع الجمهوري للدولة، كما أن باماكو دخلت الحوار هذه المرة مدعومة بفصائل مسلحة في الشمال موالية للحكومة. وان كان مطلب الحكم الذاتي، لا يلقى دعما من اغلب المساعدين على الحوار، فان العديد من المطالب الأخرى التي ترفعها الحركات الشمالية، يمكن التفاوض بشأنها، على غرار بعض المطالب السياسية التي رفعتها الحركة الوطنية لتحرير ازواد، ومنها "تدوير" منصب رئيس الجمهورية بين الشمال والجنوب، من جانبها تقترح الحكومة اقتراحات تتعلق بلامركزية التسيير ومنح صلاحيات للأقاليم الشمالية في إدارة الشؤون المحلية، وهي اقتراحات تسعى من خلالها باماكو كبح جماح الانفصاليين، ومن بين الاقتراحات التي يرجح أن تقدمها الحكومة، انتخاب حكام الأقاليم، وليس من خلال التعيين، مع تمكينه من صلاحيات واسعة لاتخاذ القرارات التي تسمح بمعالجة المشاكل المطروحة من قبل المواطنين.