لا ترقى المشاركة الإفريقية في مهرجان "كان" 2012 الى طموحات سينماءات القارة السمراء التي تمتلك بشهادة النقاد والعارفين مبدعين و طاقات شابة صاعدة رغم الإمكانيات المادية المحدودة . و قد انحصرت المشاركة في هذه الدورة ال65 للمهرجان في 5 أعمال في مختلف فروع المهرجان منها فيلم بعد "الموقعة " للمخرج المصري يسري نصر الله احد تلاميذه شاهين و "التائب" للجزائري مرزاق علواش المشارك في خانة "اكيازان دي رياليزاتور" إلى جانب مشاركة مغربية وسنغالية . هذه المشاركة المحتشمة للسينما الإفريقية في إحدى اكبر المحافل السينمائية في العالم تتجلى أيضا على مستوى سوق الفيلم الذي أنشئ سنة 1959. ويعد الموعد المنتظر سنويا من السينمائيين و الشركات المنتجة لتسويق أفلامها و رصد زبائن جدد و اكتشاف انتاجات جديدة بينما تبقى الأفلام الإفريقية بعيدة . وإذا كان النقاد يعزون ذلك لقلة الإنتاج و الإمكانيات لصنع الأفلام في القارة التي تتخبط في مشاكل اقتصادية و صراعات و نزاعات جهوية لا حد لها فان آخرون يعيبون على الفيلم الإفريقي عدم التفتح على العالم في تناوله و طرحه للمواضيع مما جعله متقوقع حسبهم في خانات محددة تقتصر مشاهدتها في الغالب على فئات قليلة من هواة السينما و المتعاطفين مع إفريقيا . وأمام هذا الوضع يتساءل البعض عن الجدوى من الجوائز و التكريمات التي حضت بها أعمال إفريقية في العديد من المهرجانات حيث أعطت ل"كان" بشهادة الجميع أفلاما رائعة مثل "وقائع سنيين الجمر" للجزائري محمد لخضر حمينة " الفائز عام 1975 بالسعفة الذهبية الوحيدة إفريقيا و عربيا و فيلم "يلين"لسليمان سيسي (Yeelen de Souleymane Cissé ) الحاصل على جائزة لجنة التحكيم سنة 1987 و كذا فيلم "الرجل الذي يصرخ" للتشادي محمد صالح هارون (جائزة لجنة تحكيم لدورة ال63 ل كان) . كما اظهر فيلم "خارجون عن القانون" لبوشارب حسب النقاد المواقف "التمييزية" للمهرجان بحرمانه من أي جائزة في دورة 2010 تحت تأثير او احتجاجات اليمين المتطرف و الحركى لمشاركته . علما وان فيلمه '' الأهالي'' أو " انديجان" كان قد فاز في دورة سابقة بجائزة التمثيل جماعية لكن هذا التألق في المهرجانات سواء كان او غيرها لم يساعد في انتعاش السينما الإفريقية . إلا أن أراء النقاد و السينمائيين قد تختلف في تقييم هذه المشاركة التي يعتبرها المخرج المغربي كمال المحوتي ايجابية لأنها "تساهم في خلق دينامكية في السينماءات المحلية كما تساهم في دعم طرق تمويل الأفلام بالمنطقة". و أضاف المحوتي في تصريحات للصحافة أن بروز فيلم مغاربي او إفريقي في مثل هذه المحافل يتأتى بفضل جهود و موهبة السينمائي لان دور المهرجان يقتصر على منح الفيلم فرصة المشاهدة من النقاد و الجمهور فقط . و بالنسبة لحضور الفيلم الإفريقي في دورة "كان" الحالية التي افتتحت مساء يوم الأربعاء فان هذا الحضور هزيل خاصة امام صعود سينماءات جديدة مثل التركية و البرازيلية و ايضا عودة السينما الهندية و بطريقة جد منظمة. لكن مع ذلك يحاول السينمائيون الأفارقة التواجد في فروع أخرى للمهرجان و حتى المشاركة أحيانا بصفة شخصية للاستفادة مما يمنح "كان" من فرص لتجسيد مشاريعهم. و من بين المشاركين في تظاهرة "ظرة خاصة" التي يرأسها هذا العام المخرج والممثل البريطاني تيم روثو يوجد المخرج المغربي نبيل عيوش بفيلم تحت عنوان "خيول الله" و يتناول الفيلم التطرف الإسلامي والعمليات الإرهابية.كما تشارك الممثلة ليلى بختي من أصل جزائري في لجنة التحكيم . و تبقى الأنظار حاليا مشدودة للفيلم الإفريقي الوحيدة في المنافسة الرسمية "بعد الموقعة" للمصري يسري نصر الله الذي يأتي بعد فترة غياب للسينما المصرية استمرت لأكثر من 15 عاما و هي التي سجلت اضورها في المهرجان سنة 1952 بفيلم "دنيا" للمخرج محمد كريم . و تدور احداث فيلم "بعد الموقعة " حول موقعة الجمل الشهيرة و اعتبر المتتبعون لإحداث المهرجان ان ذلك كان عاملا مهما في اختيارالفيلم ضمن قائمة المسابقة و يشمل الفيلم مشاهد حقيقية تظهر أهالي نزلة السمان علي الجمال والأحصنة يضربون المتظاهرين في "ميدان التحرير" .