تعكف الجزائر و جنوب إفريقيا منذ سنوات على إضفاء البعد الاستراتيجيي لتعاونهما الاقتصادي وترقيته ليبلغ مستوى العلاقات السياسية التي تجمعهما بالنظر إلى الامكانيات الكبيرة التي يتوفر عليها البلدان المؤسسان للإتحاد الإفريقي. ومن بين المجالات التي يقوم عليها هذا التعاون تلك التي حددتها نتائج أشغال الدورة الخامسة للجنة التعاون العليا بين البلدين والمنعقدة بالجزائر العاصمة يومي 25 و 26 ماي من سنة 2010 . وتعتبر زيارة العمل التي سيشرع فيها رئيس جنوب إفريقيا إلى الجزائر الرئيس جاكوب زوما بداية من اليوم الأحد مناسبة لتقييم مدى تفعيل نتائج تلك الدورة و كذا مواصلة مساعي تطويرالتعاون الثناني إلى جانب تنسيق المواقف حول مختلف المسائل القارية والدولية ذات الاهتمام المشترك. ففي الشق الاقتصادي كانت الدورة الخامسة للجنة التعاون العليا قد توجت بالتوقيع بالأحرف الأولى على ستة اتفاقات و برامج ومذكرات تفاهم تخص مجالات تعاون تشمل الاستعمال السلمي للطاقة النووية و برنامج عمل في مجال الرياضة للفترة 2010-2012 و مذكرة تفاهم بين شركة سوناطراك و "بترليوم ساوث أفريكا". كما تضمنت الاتفاقيات التوقيع أيضا على مذكرة تفاهم في مجال العمل و الضمان الاجتماعي وأخرى في قطاع السياحة للفترة 2010-2012 . وتعتبر الاتفاقيات الموقعة في اطار اللجنة لا سيما في مجال الطاقة بمختلف أشكالها "استثمارا" بالنسبة للمستقبل يترجمه حرص الجزائروجنوب إفريقيا على مرافقة و تشجيع كل المبادرات الموجهة لاستغلال الفرص التي حددت إلى جانب فتح مسالك شراكة جديدة تخرج بنتائج هامة. وعلاوة على هذه الميادين اتفق البلدان على تخصيص مليوني دولار (مليون لكل طرف) في إطار التعاون العلمي و التكنولوجي الثنائي إلى جانب تحديد المجالات ذات الإهتمام المشترك وإطلاق عروض لإقامة مشاريع مشتركة وتشجيع تنقل الباحثين و تبادل البرامج العلمية بين البلدين. ولا يقتصر التنسيق والتعاون على العلاقات الثنائية بل يتعاداه إلى الإطار الجهوي والقاري من خلال دور الدولتين في مبادرة الشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا (نيباد) خاصة و أن الجزائر تعد أحد الفاعلين فيها منذ إنشائها. وفي التعاون السياسي يمكن تسجيل "ارتياح" الدولتين — من خلال مواقف رئيسيهما بوتفليقة و زوما— للدور "النشط" الذي يلعبانه في ترقية السلم و الاستقرار و حسن الجوار في منطقتيهما وفي إفريقيا وفي العالم. و عليه فان الجزائروجنوب إفريقيا تتقاسمان وجهات النظر حول العديد من القضايا من بينها الصحراء الغربية التي يعتبرانها "مسالة تصفية استعمار" ينبغي أن يرتكز حلها "على حق تقرير مصير" شعبها عبر تنظيم استفتاء حر ونزيه. أما فيما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط فان الطرفين يدعمان التوصل إلى حل "عادل و دائم" للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني الذي سيمنح الشعب الفلسطيني الحق في إقامة دولته وعاصمتها القدس. من جهة أخرى تظهر مختلف اللقاءات في المحافل القارية والدولية "التزام" البلدلين بمكافحة الإرهاب الدولي و دعمهما لتعزيز الجهود الإفريقية في مجال التعاون مع المجتمع الدولي في هذا الخصوص.