صرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية يوم الاثنين ان مسودة الدستور التي اقرتها لجنة الخمسين سيتم تسليمها يوم غد الثلاثاء للرئيس المصري المؤقت عدلي منصور. ومن المقرر ان يدعو الرئيس المصري الناخبين للاستفتاء على مشروع الدستور خلال الساعات الموالية لتسلمه المسودة فيما سيتم تنظيم الاستفتاء خلال شهر جانفي المقبل. وحولت لجنة تعديل الدستور المواد الخلافية التي لم تستطع التوافق حولها الى السلطة التقديرية للرئيس ومنها النظام الانتخابي الذي وافقت اللجنة ان يكون مختلط بين الفردي والقائمة دون تحديد النسب كما اعطت للرئيس الحق في تقدير اجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية او العكس فيما تم اعطاء للمجلس العسكري حق تعيين وزير الدفاع خلال فترتين رئاسيتين متتاليتن. كما اقرت اللجنة مادة محاكمة المدنيين امام القضاء العسكري التي انتقدتها منظمات وناشطون حقوقيون . وقالت لجنة الخمسين "إنها أعطت الرئيس حق تحديد النظام الانتخابي حتى تقفل الباب أمام تضارب المصالح لأن بعض الأحزاب الممثلة في اللجنة ستخوض الانتخابات". ونوه رئيس الوزراء المصري حازم الببلاوي بمشروع الدستور الجديد واعتبره إنجاز كبير ولفت ان الحكومة "مبتهجة لكنها تبقى منتبهة لمحاولات إفساد هذه الحالة". واوضح أن هناك أطرافا لا تريد لهذه المرحلة أن تمر بسلام خاصة الاستفتاء على الدستور وستقوم بمحاولة مواجهة هذه المرحلة بكافة أشكال التعطيل مشيرا الى ان الحكومة بحثت كل هذه الاحتمالات كما بحثت كل الجوانب الاجرائية والوسائل لانجاح عملية الاستفتاء. وكانت انصار جماعة الاخوان المسلمين قد صعت منذ الجمعة الماضي من عمليات الاحتجاج في الشارع ومحاولة دخول الميادين الرئيسية بالقاهرة للاعتصام بها متحدية قانون التظاهر. وفسر مراقبون هذا التصعيد بانه يدخل في اطار مخطط للتغطية على عملية التصويت على مسودة الدستور داخل لجنة الخمسين ومحاولة الدخول في صدامات دامية مع الجيش وقوات الامن لاظهار السلطة بمظهر العاجز عن السيطرة على الوضع والتشكيك في نزاهة ومصداقية الاستفتاء على الدستور. وعلى صعيد القوى السياسية والمجتمعية فان معظم القوى المتحالفة مع التيار المدني المعارض للاخوان رحبت بالدستور باعتباره "مرحلة اساسية" في خارطة الطريق فيما عبرت احزاب "التحالف لدعم الشرعية" التي تؤيد الرئيس المعزول محمد مرسي وجماعة الاخوان المسلمين رفضها للدستور الجديد وعدم الاعتراف به باعتباره منتج لسلطة "غير شرعية". وفي هذا الاطار نوهت الكنسية والازهر بالتوافق الحاصل على الدستور الجديد وقال ممثل الأزهر بلجنة الخمسين نجار الشريف إن الدستور الجديد لا يخالف مبادئ الشريعة الإسلامية ولايهدر الحقوق داعيا المصريين إلى رفض ما أسماها بالأصوات "الناشزة التى تشكك فى هذا الدستور الذي يعد "بوابة الأم". ومن جهة اخرى اعلنت قيادات عدد من أحزاب المنتمية للتيار المدني عن الحشد من التصويت ب"نعم" على الدستور الجديد حال طرحه للاستفتاء. واعرب حزب التجمع و أحزاب التيار المدني الاجتماعي الذى يضم 14 حزبا جموع المصريين إلى التكاتف خلف الدولة المصرية ودعم خارطة الطريق والحشد للتصويت ب"نعم" على الدستور. واعتبر التحالف أن خروج المصريين للتصويت ب"نعم" هو "بداية الطريق لتأسيس النظام السياسى الجديد في إطار التعددية الحزبية ". كما قال الحزب الشيوعي المصري إنه رغم تحفظاته على إلغاء نسبة العمال والفلاحين وكذلك إقرار مادة المحاكمات العسكرية فضلا عن المادة الخاصة باشتراط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تعيين وزير الدفاع الا ان موازين القوى و"تربص أعداء ثورة 30 جوان" بها تجعل ان هذه التحفظات "لن تثنينا" عن التصويت ب"نعم" للدستور الجديد من اجل عبور المرحلة الانتقالية فى أسرع وقت ممكن. كما قال قيادي بالحزب المصري الديمقراطي الذي يضم في عضويته رئيس مجلس الوزراء المصري حازم الببلاوي ان حزبه لم يتخذ موقفا بعد من الدستور وأن كان الاتجاه العام سيميل الى التصويت ب"نعم". اما حزب النور السلفي —الحزب الاسلامي الوحيد المشارك في لجنة الخمسين لتعديل الدستور — ورغم ترحيب قياداته بالتوافق الحاصل على الدستور الجديد فقد اعلن نائب رئيسه نادر بكار إن "النور" متمسك بخارطة الطريق كما هي دون تغيير في اشارة الى اعتراض الحزب على المادة التي تتيح للرئيس المؤقت تقديم اجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية. ولم يحدد بكار موقف حزبه — الذي يعد واحدا من اقوى الاحزاب السياسية المؤثرة في الشارع المصري حسب نتائج الاستحقاقات السابقة— من التصويت على الدستور مشيرا الى ان ذلك متروك للناخبين. ويميل التيار السلفي في مصر عموما الى اتخاذ موقف ايجابي من الاستحقاقات المقررة في خارطة الطريق انطلاقا من معارضته لنهج الاخوان المسلمين ولارتباطاته بقوى محلية وخارجية مؤيدة للمسار المنتهج في مصر منذ 3 جويلية الماضي رغم وجود في قواعده متعاطفين مع الاخوان من منطلق مناصرة التيار الاسلامي . حزب مصر القوية الذي يتزعمه الاخواني المنشق عبدالمنعم ابو الفتوح من جهته أنتقد بشدة أداء لجنة تعديل الدستور وقال ان اللجنة لا تعبر إلا عن مصالح "فئة خاصة " تمثل "تحالف الثورة المضادة الموجود في السلطة حاليا" ولا تعبر عن التنوع الحقيقي الموجود في مصر واصفا طريقة تمرير الدستور بأنها "هزلية". وهذا الموقف قريب من موقف احزاب "تحالف دعم الشرعية" المؤيدة لجماعة الاخوان المسلمين التي ترفض الدستور الجديد ولا تعترف بالسلطة القائمة حاليا وهددت بافشال الاستفتاء على الدستور المقرر اجراؤه في جانفي المقبل.