بينت المصادقة يوم أمس الثلاثاء على اتفاق صيد جديد بين الاتحاد الأوروبي و المغرب مرة أخرى أن العديد من البلدان التي تزعم أنها تدافع عن الديمقراطية و حقوق الانسان تتخلى عن هذه المبادئ عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على مصالح اقتصادية و استراتيجية. و بالرغم من الجهود التي تبذلها عدة حكومات و برلمانيين أوروبيين للحيولة دون المصادقة على اتفاق الصيد الجديد الذي يتناقض تماما مع القانون الدولي كونه يضفي شرعية على نهب ثروات الشعب الصحراوي المحتل يعد هذا الاتفاق ثمرة مجموعة ضغط تقليدي لصالح الاحتلال المغربي و هذا منذ البداية في 1975. و كانت نفس مجموعة الضغط التقليدي التي وضعتها قوات استعمارية قديمة : فرنسا و اسبانيا قد سجلت إخفاقا في 2011 بعد أن عمل البرلمان الأوروبي على تجميد ذات اتفاق الصيد بين المغرب و الاتحاد الأوروبي كونه لم يستثن الأراضي المحتلة للصحراء الغربية. و كانت يقظة بعض النواب الأوروبيين الذين وقفوا إلى جانب الشرعية الدولية و العدل قد سمحت بالتحرك في الوقت المناسب و تجميد ابرام هذا الاتفاق و الذي يخرق مثلما هو الحال بالنسبة للاتفاق الثاني حق الصحراويين في الاستفادة من ثرواتهم الطبيعية. و يؤكد كل من الإشعار الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في 1975 و كذا الإشعار القانوني الذي وجهه في 2002 الأمين العام المساعد لمنظمة الأممالمتحدة المكلف بالشؤون الخارجية بوضوح أن المغرب لا يمارس أي سيادة أو إدارة شرعية على الصحراء الغربية. و يتعلق الأمر حسب ذات الهيئات بقوة محتلة غزت عسكريا الأراضي الصحراوية منذ 38 سنة. و بالإضافة إلى التنديد بالانتهاك الممنهج و المتكرر لحقوق الانسان بالصحراء الغربية يعبر التقرير الأخير للنائب الأوروبي شارل تانوك الذي صادق عليه البرلمان الأوروبي (22 أكتوبر 2013) عن "الأمل في أن لا يجدد الاتحاد الأوروبي اتفاق الصيد مع المغرب ما دام لم يتم بعد تسوية مسألة الصحراء الغربية". و بمجرد انتشار خبر المصادقة عليه أثار هذا الاتفاق الجديد ردود فعل للتنديد من كل أقطار العالم بدأ بالولايات المتحدة. كما اعتبرت المنظمة غير الحكومية "ويسترن صحارا ريسورس ووتش" أن هذا البروتوكول "ينتهك" حقوق الانسان في نفس اليوم من احياء الذكرى 65 للإعلان العالمي لحقوق الانسان. و بعد أن ذكر باتفاقيات منظمة الأممالمتحدة المتعددة لصالح احترام حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره سجلت المنظمة استياء الصحراويين أمام اختيار الاتحاد الأوروبي الدائم للمغرب كشريك تجاري في بلدهم مع غض النظر عن "الانتهاكات الصارخة و المنهجية لحقوق الانسان" التي تستمر قوة الاحتلال في ممارستها في الأراضي الصحراوية. و بالإضافة إلى اخرق القانون الدولي و عدم احترام حق الشعوب الأساسي في تقرير المصير يعد اتفاق الصيد "صفقة سلبية" بالنسبة لمخزون السمك في المنطقة. و في هذا الصدد حث تقرير لمنظمة "غرين بيس" الاتحاد الأوروبي على عدم المصادقة على الاتفاق لأسباب بيئية. و من جهته أكد ممثل الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية لدى الاتحاد الأوروبي محمد سيداتي أن الحكومة الصحراوية وجبهة البوليزاريو "ستلجآن إلى كل الطعون الممكنة لإبطال هذا الاتفاق و تعويض الشعب الصحراوي الذي يتم نهب ثرواته". و قال أن المغرب ليس له الحق في ابرام اتفاقات مع بلدان أخرى لاستغلال موارد طبيعية بالصحراء الغربية التي تعود السيادة الكاملة عليها للشعب الصحراوي وحده. و نوه ممثل الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية لدى الاتحاد الأوروبي بالنواب الأوروبيين الذين صوتوا ضد هذا الاتفاق ومن أجل احترام الشرعية الدولية وحق الشعب الصحراوي في التمتع بثرواته. و قال أنه "ينبغي توجيه عرفان متميز للنواب الأوروبيين الذين عبروا من خلال تصويتهم عن رفضهم لهذا الاتفاق غير المقبول" مشيدا في هذا السياق "بمواقف حكومات السويد و الدنمارك و بريطانيا وهولندا وفنلندا التي رفضت تأييد مثل هذا الاتفاق احتراما لقواعد القانون الدولي". و في 10 ديسمبر االمصادف لليوم العالمي لحقوق الانسان وبعد نقاش حاد بين أنصار الشرعية والقانون الدوليين والمؤيدين لاستغلال الموارد الطبيعية للصحراء الغربية دون موافقة شعبها صادق البرلمان الأوروبي في جلسة علنية على بروتوكول اتفاق جديد للشراكة في مجال الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي و المغرب. تعتبر الصحراء الغربية أخر مستعمرة في إفريقيا تم احتلالها سنة 1975 من قبل المغرب وسجلت منذ 1966 ضمن قائمة الأراضي غير المستقلة وبالتالي خاضعة للقرار 1514 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة حول منح الاستقلال لهذه الأقاليم.