عبرت منظمات أرباب العمل عن رضاها عن مشروع القانون المتعلق برفع التجريم عن فعل التسيير، معتبرة أن هذا الإجراء سيساهم في "إطلاق عنان" مبادرات مسيري المؤسسات و قراراتهم المتخذة. و في هذا الخصوص، أكد رئيس الاتحاد الوطني للمقاولين العموميين مصطفى مرزوق أن المؤسسات "لا يسعها سوى الافتخار بمشروع هذا القانون الذي سيحرر المسير و يحفز تدخله في التسيير الفعال". و يرى السيد مرزوق أن اللجوء إلى القوانين الحالية (قانون التجارة و قانون الصفقات العمومية...) و رفع المسؤوليات الجزائية للمسير عند وقوع خطأ في التسيير، إضافة إلى عدم اللجوء تلقائيا إلى الحجز الاحتياطي تشكل نقاطا أخرى إيجابية في نص هذا القانون. و بعد أن عدد الإجراءات المتعلقة بعدم الأخذ بعين الاعتبار للرسائل المجهولة و تكوين القضاة و كذا اللجوء إلى الأعوان المختصين في القضايا الاقتصادية، اعتبر نفس المسؤول أن كل الإجراءات المتضمنة في نص المشروع تعمل على "الحفاظ و منح ضمانات للإطارات المسيرة لتحسين نجاعة المؤسسات". و يتعلق الأمر "بتقدم معتبر" من أجل وضع ما تضمنته أشغال فوج العمل الذي أنشئ عقب الثلاثية ال16 حسب السيد مرزوق. و نفس الانشغال المتعلق بحماية مسيري المؤسسات تطرق إليه رئيس النادي الجزائري للتفكير حول المؤسسة سليم عثماني الذي يرى أن مقترحات وزير العدل تتعلق بمسيري القطاع العام و الخاص معا و الذين يتعرضون في كثير من الأحيان إلى "تشويه السمعة و حتى من طرف الصحافة". و حسب السيد عثماني يعد عدم اخذ رسائل التبليغ المجهولة بعين الاعتبار مرحلة أساسية لحماية المسيرين. و يعد تكوين القضاة و الحد من اللجوء إلى الحجز المؤقت من الإجراءات التي بمقدورها إعادة الثقة للمسيرين حسب المسؤول الذي أكد أن الهدف من هذا القانون هو تحرير مبادرات المسيرين "لإصلاح الاقتصاد". و من جانبه أوضح رئيس منتدى رؤساء المؤسسات بالنيابة أحمد طيباوي أن عدم تجريم التسيير يعد "ضروريا" للمؤسسات العمومية التي تواجه عدة عراقيل. و قال السيد طيباوي في هذا الخصوص" تواجه المؤسسة العمومية اليوم عدة عراقيل لا سيما تلك المتعلقة بالتسيير و التي لا تسمح لها بالتطور مثل قريناتها المنافسة من القطاع الخاص" و هو ما يتطلب -يضيف ذات المصدر- رفع المسؤولية الجزائية للأخطاء المهنية التي تقع فيها إطارات المؤسسات العمومية عند اتخاذها لقرار يكون فيه نوع من المخاطرة. و شدد قائلا" نحن لانقول أن نترك الأشخاص يقومون بأي شيء دون رقابة و لكن هناك عدة وسائل لعقلنة و الحد من الأخطاء المهنية لا سيما عن طريق العقوبات و و التسريح و لكن ليس السجن". و يشاطر رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل بوعلام مراكش نفس الطرح حيث وصف هذه المقترحات "بالحدث الكبير الذي من شأنه تغيير طريقة تطبيق العدالة جذريا". و أوضح السيد مراكش " هذه المرة الأولى- في إطار الحوار الاجتماعي- التي تكون فيها إجراءات ملموسة تتجاوز مرحلة التصريحات بالإرادة الطيبة" مضيفا أن فعل التسيير سيجد مرة أخرى مكانته الحقيقية في المؤسسة. و في مفهوم رئيس الكنفدرالية توجد العقوبة المهنية التي يجب أن تطبق على المسيرين في إطار نشاطاتهم و هو ما يعد أكثر عقلانية من تطبيق عقوبات تمتد إلى الملاحقات لجميع أنواع الجنح و سجنهم. و يرى أنه لا يجب تجريم المهنة و لكن الجنحة في حالة إثبات التجاوزات المالية. و لم يأت رأي البنوك مخالفا عن المؤسسات فقد حيت البنوك بدورها اقتراحات وزارة العدل داعية إلى الطابع الجنائي لمنح القروض. وقال المفوض العام لهيئة البنوك والمؤسسات المالية عبد الرزاق طرابلسي أن المتابعات ضد الاطارات لا ينبغي اتخاذها الا في حال تقديم هيئات التسيير ( على غرارمجلس ادارة البنك ) لشكوى. وتأسف ممثل الجمعية لغياب أحكام خاصة بالنشاط البنكي في اقتراحات مشروع هذا القانون. واعتبر السيد طرابلسي أن "رفع التجريم عن فعل التسيير شامل ويخص جميع المؤسسات العمومية. لكن بالنسة لنا في البنوك فاننا نبحث عن رفع التجريم عن فعل القروض". وأكد أنه من الأفضل الحديث عن "طابع جنائي لعملية الاقراض" عوض رفع التجريم عن عملية الاقراض". وبحسب السيد طرابلسي فان رفع التجريم عن المصرفيين الذين يؤدون عملهم "بصفة عادية" ويرتكبون أخطاء مهنية أصبح اليوم أمر حتمي. ودعا في هذا الخصوص قائلا "لا نبحث عن حماية أولئك الذين يرتكبون جناية أو مخالفة ولكن نطالب بكل بساطة عدم متابعة المصرفيين الذين يؤدون عملهم بصفة عادية ويرتكبون أخطاء مهنية". وقال أنه في حال مواصلة اعتبار الأخطاء المتعلقة بالمخاطرة البنكية كجناية يعاقب عليها فاننا لن نستطيع الاستفادة من البنوك التي يتركز نشاطها حول المخاطر البنكية لمنح القروض. وللتذكير فان وزير العدل طيب لوح كان قد قدم بداية شهر الجاري مشروع القانون المتعلق برفع التجريم عن فعل التسيير خلال اجتماع حكومي ترأسه الوزير الأول عبد المالك سلال. وتهدف الحكومة من خلال الإجراءات المتخذة في مشروع هذا القانون الى ضمان التوازن بين المحافظة على المال العام و المصالح الاقتصادية للحكومة من جهة، وحماية المسير من خلال امكانية اتخاذه لمبادرات في محيط قضائي امن ومحيط اقتصادي يتميز بالشفافية في التسيير والمنافسة الشرعية من جهة أخرى.