يتمسك سكان بلدية تكوت بولاية باتنة منذ قرون خلت بتقليد يسمى "شايب عاشوراء" الذي يعتبرونه كلما حلت عاشوراء مناسبة للفرح والتواصل مع عادات الأجداد . وجرت العادة عند سكان هذه المنطقة أن يبدأ الاحتفال بشايب عاشوراء الذي هو عبارة عن مهرجان تنكري يدوم عشرة أيام ليلة العاشر من شهر محرم ويشمل مختلف أحياء هذه المدينة التي تبعد بحوالي 90 كلم عن عاصمة الأوراس . ويقوم العرض الذي تفيد الذاكرة الشعبية بأنه يعود إلى القرن العاشر قبل الميلاد على شخصية مريمة المحورية وهي امرأة بارعة الجمال تجسد العطاء والأرض وتعد الأنثى الوحيدة في المهرجان التنكري ثم الأسد وهو يرمز للملك و كذا القوة والبطش وحامي مريمة إلى جانب المدبر أي الحكيم ثم الجنود الذين يقتصون من كل من يسعى للنيل من مريمة بأمر من الملك . ويفتخر الكثير من مسني تكوت بأن "شايب عاشوراء" يستمد أصوله من قصة الملك الأمازيغي شيشنق الأول و انتصاره على الملك الفرعوني و اعتلائه عرش مصر. ويقول الشيخ لخضر بزاعة (82 عاما) بأن هذه "الاحتفالية عبارة عن تمثيلية ترمز إلى تمسك سكان المنطقة الأوائل بالأرض التي تجسدها مريمة ." ويتفاعل سكان منطقة تكوت الذين ينتظرون هذه المناسبة بفارغ الصبر مع تظاهرة "شايب عاشوراء" لتتحول أغلب بيوت المدينة الصغيرة إلى مسرح مفتوح الأبواب لأبطال العرض . -رقص وموسيقى وأقنعة والممثلون شباب و يتميز استعراض "شايب عاشوراء" بمشاهد مسرحية متنوعة تحمل مقومات أب الفنون ويبدو في شكل احتفالي تمتزج فيه الرقصات بالموسيقى التقليدية التي يحضر فيها البندير بقوة وكذا الأهازيج الشعبية . أما الممثلون فأغلبهم شباب من أبناء تكوت متمسكون بالعادات المتوارثة أبا عن جد يستخدمون أقنعة و ألبسة تنكرية في تقديم العرض الذي يبدأ بعد صلاة العشاء بدخول جمع غفير من السكان إلى ساحة بوسط المدينة تتقدمهم مريمة بلباسها الأمازيغي الأصيل والأسد والمدبر والجنود ثم تتعرض مريمة لمحاولة الاختطاف وهنا تبدأ معركة مع بعض الخاطفين تحت هتافات الحضور ودق البندير والأهازيج . وتستمر الاحتفالية في شكل مبارزات بالسيوف ومطاردات في أزقة تكوت وأحيائها وسط زغاريد النسوة والمسنات و تقام أحيانا استعراضات بهيجة راقصة تجسد الارتباط بالأرض والاستماتة في الدفاع عنها . ويسدل الستار على "شايب عاشوراء" الذي لا تتخلف دار بتكوت عن المشاركة فيه بحفل بهيج توزع فيه الهدايا التي تجمع من خلال التبرعات أثناء الاحتفالية على الفقراء والمساكن وسط أجواء مميزة تنم عن تماسك أهل المنطقة بتراثهم الأزلي العريق.