إن اليوم الذي صادف نهاية الحرب العالمية الثانية هو أيضا اليوم الذي قامت فيه الدولة الفرنسية بقمع دموي لأولى المظاهرات السلمية من اجل جزائر حرة، حسبما أكده الجامعي الفرنسي أوليفي لو كور قراندميزون في مساهمة له على مدونته الالكترونية حول مجازر 8 ماي 1945 التي اقترفها الجيش الاستعماري في عديد مناطق الوطن. و جاء في مدونة هذا المؤرخ المتخصص في مسائل المواطنة في ظل الثورة الفرنسية و المسائل المتعلقة بالتاريخ الاستعماري إن "تاريخ واحد و وحيد. و تاريخين متعارضين في ذات الوقت و مرتبطين ببعضهما". مشيرا في هذا الصدد إلى "هذا الماضي الذي لا زال مغيبا". و أضاف ذات الأكاديمي أن مجازر سطيف و قالمة التي قام بها الجيش الفرنسي وعديد المليشيات الاستعمارية المتكونة من مدنيين من أصل أوروبي قد خلفت عشرات الآلاف من الضحايا "الذين تم اعتقالهم و تعذيبهم و إعدامهم بصفة عشوائية من اجل فرض النظام و ترهيب السكان +الأهالي+ بشكل دائم. و لاستعادة هيبتها في أوروبا و العالم -يضيف المصدر- "فان فرنسا الحرة مستعدة لكل شيء من اجل الدفاع عن سلامة إمبراطوريتها". أما في فرنسا فان هذا التاريخ يمثل -حسب ذات المؤرخ- "أفراح السلام و الحرية و الديمقراطية المسترجعة" لكن بالنسبة للجزائريين فانه "الرعب و الدم و الدموع التي تسبب فيها إرهاب الدولة الهادف إلى تخليد القمع و الاستغلال الاستعماري". همجية استعمارية غير مسبوقة في هذا الصدد أكد ذات الجامعي أن "همجية استعمارية غير مسبوقة (قد استعرت) من اجل محاولة إيقاف الجزائريين الذين كانت لهم الجرأة على التظاهر سلميا" و يشهد عنف و إرهاب الدولة مع ما رافقه من جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية على فظاعة الاستعمار. و أضاف يقول "أن نسيان المبادئ التي ستصبح أسابيع بعد ذلك أسس للمادة الأولى من ميثاق الأممالمتحدة الذي صودق عليه في 26 يونيو 1945 المتضمن حقوق الشعوب في تقرير مصيرها و كذلك نسيان الالتزامات المنصوص عليها في المقاومة و تدرج في مسودة دستور 27 أكتوبر 1946 التي تؤكد أن فرنسا +مستبعدة أي نظام استعماري يقوم على الظلم+ تضمن ل+الجميع (...) الممارسة الفردية أو الجماعية للحقوق و الحريات المطلوبة أو المؤكدة+ في هذا النص". و تابع المؤرخ الفرنسي قائلا أن فرنسا الاستعمارية باختيارها قتل السكان قد تناست أيضا "الأسس الفلسفية والسياسية و القانونية التي تم تبنيها لاحقا في التصريح العالمي لحقوق الإنسان الذي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948 بباريس".