أكد الوزير الأول، عبد المجيد تبون، اليوم الأربعاء، انه يتعين- في السياق الحالي المتميز بتراجع الموارد المالية بسبب تراجع أسعار النفط- تطبيق آليات مبتكرة لاستكمال البرامج الجارية عن طريق ترشيد جهود الدولة و محاربة التبذير و كذا استحداث سبل تمويل بديلة قصد تنفيذ النموذج الإقتصادي والاجتماعي الذي تصبو إليه الحكومة. وقال الوزير الأول لدى عرضه لمخطط عمل حكومته أمام أعضاء مجلس الأمة، في جلسة علنية ترأسها رئيس المجلس، عبد القادر بن صالح، انه "في سياق يتسم بتراجع الموارد المالية يتعين علينا تطبيق آليات مبتكرة لاستكمال البرامج الجارية عن طريق ترشيد جهود الدولة و محاربة التبذير و استحداث سبل تمويل بديلة قصد تنفيذ النموذج الاقتصادي و الاجتماعي الذي تصبو إليه الحكومة والذي يتمسك به الشعب و وفاء بواجبات الدولة اتجاه الفئات المحرومة و الهشة و توفير شروط بروز اقتصاد متنوع مبني على المؤسسة الاقتصادية الناشئة و الصغيرة و المتوسطة". وفي هذا الصدد، أضاف السيد تبون أن الحكومة تنوي ايضا "مراجعة عميقة لأساليب تنفيذ الميزانية على المستوى المركزي و المحلي و وضع ميكانيزمات مرنة و ناجعة لمتابعة و تصويب البرامج التنموية قصد تحديد الأولويات الاقتصادية على المدى القصير و المتوسط". وفي هذا الإطار، قال السيد تبون على أن أهم محاور مخطط الحكومة في شقه الاقتصادي تتمثل في الحفاظ على المكتسبات الاجتماعية وتعزيزها وإرساء أكبر قدر من الشفافية في النشاط الاقتصادي والتجاري وتحسين مناخ الأعمال وكذا منح الجماعات المحلية دورا أساسيا في النشاط الاقتصادي، مع التركيز على تعزيز الأمن الغذائي للبلاد والحد من اختلال الميزان التجاري. وأشار كذلك الوزير الأول إلى أن مخطط عمل الحكومة يهدف الى تغيير النمط الاقتصادي تماشيا ومتطلبات المرحلة الحالية دون الاخلال أو التخلي عن المكاسب الاجتماعية المحققة لضمان انتقال مرن نحو منظومة اقتصادية عصرية تتحرر تدريجيا من التبعية للمحروقات. كما شدد الوزير الأول على عزم الحكومة تنصيب لجنة وطنية استشارية لدراسة ملف الدعم الموجه للشرائح الهشة في المجتمع تعمل على ضبط وإعداد القوانين والإجراءات الكفيلة بإيصال دعم الدولة لمستحقيه و ذلك في إطار جهود تكريس مبدأ الطابع الاجتماعي للدولة. وأضاف السيد تبون ان مخطط الحكومة يقوم على خمس محاور أساسية و هي تعزيز دولة القانون و الحريات و الديمقراطية و تعزيز الحكم الراشد و اخلقة الحياة العامة سياسيا و اقتصاديا و حماية المكاسب الاجتماعية و مواصلة الاستثمار في التنمية البشرية و تدعيم المجالين الاقتصادي و المالي و كذا السياسة الخارجية و الدفاع الوطني مشيرا الى ان الأولوية ستمنح للجوانب المساهمة في تحسين معيشة المواطن خصوصا قطاعات التربية والصحة والسكن و النجاعة الاقتصادية. كما تهدف الحكومة حسب الوزير الاول الى تسريع وتيرة إنجاز المشاريع خصوصا السكنية منها و إعطاء دفع للتنمية المحلية برفع الغلاف المالي المخصص لبرامج البلديات بعدما تم ملاحظة "أن المدن تزداد جمال و الريف يزداد فقرا" حسبه. ويهدف مخطط عمل الحكومة حسب السيد تبون الى تحقيق نمو للناتج المحلي الخام خارج المحروقات بنسبة 5ر6 بالمائة و رفع الدخل الفردي بنسبة 3ر2 بالمائة و مضاعفة التصنيع و الوصول الى الامن الغذائي لدعم النمو الاقتصادي. وفي سياق ذي صلة، أوضح السيد تبون أن تحقيق تحول اقتصادي نوعي يقتضي دعم نسيج المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و مرافقتها عبر جميع مراحل تطورها لأنها الركيزة الأساسية لتنويع الاقتصاد المستحدث للثروة و مناصب الشغل. كما أضاف السيد تبون أن الشرط الاول في إطلاق المشاريع مستقبلا هو سرعة مردوديتها و بالتالي يقول الوزير الأول "الاستثمارات ذات المردودية بعيدة المدى ليست بأولوية بل سنعطي الاولوية لمشاريع المؤسسات الصغيرة و المتوسطة التي تخلق الثروة و تمنح حلول للمشاكل الآنية كتنويع الاقتصاد و امتصاص البطالة". كما أكد الوزير الأول أن مخطط الحكومة يهدف الى بلوغ التحول الاقتصادي الوطني الذي سيرتكز على إعادة تنظيم السياسات الصناعية و القطاعية و مواصلة الجهود لإيجاد بدائل للاستيراد عن طريق تشجيع و حماية المنتوج الوطني وترقية المؤسسات الناشئة و الصغيرة و المتوسطة و انه سيمنح دعم متعدد الأشكال للمؤسسات المستثمرة في قطاعات المناجم و البترول و الصناعات الغذائية و اقتصاد المعرفة و المهن الرقمية. كما سيتم بحسب الوزير الاول العمل على المحافظة على اليات الإدماج المهني والاجتماعي و التضامن مع الفئات الهشة وتقليص مصاريف تسيير مصالح الدولة وإصلاح النظام المالي و المصرفي و محاربة تضعيف الفواتير و كذا استقطاب الكتلة المالية المتواجدة في السوق الموازية عبر خلق مناخ ثقة و استعمالها في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية. وستشجع الحكومة دعم و تشجيع الشراكة للقطاعين العام و الخاص غير أنه "سيتم مستقبلا التركيز في إطلاق المشاريع على معايير معدلات الاندماج الاقتصادي والصناعي و خلق القيمة المضافة و جودة الخدمة و ديمومة مناصب العمل" يقول السيد تبون. وفي هذا الشأن، قال الوزير الأول ان "أموال باهظة خصصت للاستثمار تقدر ب 70 مليار دج لكن مردودها لم يكن في مستوى التطلعات و بالتالي سنركز جهودنا على الاستثمارات الصغيرة ذات المردودية الكبيرة خصوصا الموجهة للشباب" مشيرا إلى التجربة الجزائرية للصناعة الثقيلة في سنوات السبعينات التي لم تتجاوز المستوى الوطني عكس الدول التي ارتكزت على الصناعات الصغيرة وأصبحت مصدرة حاليا. و في سياق منفصل قال الوزير الأول على ان الحكومة ستبقي على قاعدة 51/49 بالمائة المحددة للاستثمارات الاجنبية بالجزائر" بما انها لم تعق استثمارات الاجنبية و بما انها وسيلة لحماية السيادة اقتصادية للدولة". للذكر يأتي عرض مخطط الحكومة أمام مجلس الامة بعد ان تمت المصادقة عليه الجمعة الماضي بالأغلبية (402 صوت من أصل 462) من طرف نواب المجلس الشعبي الوطني.