يثير بقاء القوات الامريكية على الاراضي السورية مخاوف روسيا من امكانية تقسيم سوريا وانتشار التوتر في المنطقة، في خطوة "غير محسوبة العواقب"، وهذا مع اقتراب دخول الازمة السورية عامها الثامن، وفي الوقت الذي يستعد فيه الجيش السوري لفتح جبهة قتال جديدة في مدينة عفرين حماية لأراضيه ضد العملية العسكرية التركية. ويبدو أن الحرب في سوريا لم تعد تقتصر على رهانات أوجدتها الازمة بين "المعارضة" والحكومة، بل أصبح الصراع بين فاعلين دوليين في البلد "أكثر وضوحا" في الاشهر الماضية، منذ تأكيد الولاياتالمتحدة ابقاء تواجدها في سوريا رغم الاعلان عن دحر التنظيم الارهابي المسمى "الدولة الاسلامية" (داعش) في البلاد أواخر 2017 واطلاق الحكومة التركية في يناير الماضي عملية عسكرية في مدينة عفرين ل"ملاحقة التشكيلات الكردية المعارضة لها". وازداد التوتر بين الولاياتالمتحدةوتركيا الحليفتين ضمن حلف شمال الاطلسي (الناتو) في الاسابيع الماضية بسبب دعم الولاياتالمتحدة لما يسمى "وحدات حماية الشعب" الكردية وحلفائها من "قوات سوريا الديمقراطية"، بينما تعتبر تركيا القوات الكردية في شمال سوريا "إرهابية" بسبب صلاتها المزعومة بحزب العمال الكردستاني المحظور من قبل انقرة. وشنت تركيا هجوما واسع النطاق على منطقة عفرين التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا منذ نحو شهر تقريبا كما ذكرت أنقرة أنها تريد شن هجوم على منبج، وهي منطقة أخرى يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا، بيد أن للولايات المتحدة وجود فيها. وقال قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال جوزيف فوتل، في يناير الماضي إن الولاياتالمتحدة لن تسحب قواتها من منبج رغم التهديد التركي بشن عملية عسكرية ضد "قوات سوريا الديمقراطية"، التي تدعمها الولاياتالمتحدة. ورأى أحمد الأشقر وهو خبير سياسي أن التوتر بين اللاعبين الإقليميين والدوليين "سينعكس سلبا على الجهود الرامية لحل الصراع في سوريا". و قد اثار بقاء القوات الامريكية على الاراضي السورية رغم الاعلان عن نهاية تنظيم (داعش) الارهابي فى هذا البلد مخاوف و قلق روسيا التى أكدت اليوم الاثنين، على لسان وزيرها للخارجية سيرغي لافروف، أن "موسكو قلقة من محاولات بعض القوى استغلال الوضع في سوريا لتحقيق مآربها الجيوسياسية"، محذرا من أن مثل هذه التصرفات "تهدد بتقسيم البلد". وقال لافروف، في كلمة له في منتدى "فالداي" الدولي للحوار، أن موسكو "لديها مخاوف من أن بعض القوى استخدمت الأكراد لتقسيم سوريا وتحاول استغلال الوضع في هذا البلد لتحقيق مآرب جيوسياسية". وشكك رئيس الدبلوماسية الروسية في مزاعم الولاياتالمتحدة بأن بقاء قواتها في سوريا هدفه "الحفاظ على وحدة أراضيها ومحاربة الارهاب"، مشيرا الى أن هذه التبريرات "تحتاج لإثباتات عملية". واتخذت ايران موقفا مماثلا للموقف الروسي حيث اعتبرت بدورها أن تواجد قوات أمريكية في سوريا "وخصوصا في المرحلة الاخيرة هو أمر في غاية الخطورة". يذكر أن تركيا اطلقت عملية "غصن الزيتون" عبر الحدود في عفرين في 20 يناير المنصرم لملاحقة عناصر "وحدات حماية الشعب الكردية" التي تعتبرها أنقرة امتداد لحزب العمال الكردستاني المحظور الذى يقاتل من اجل الحكم الذاتي في جنوب شرقي تركيا. وحسب الأممالمتحدة فان ما لا يقل عن 15 ألف شخص قد نزحوا منذ بدء العملية العسكرية التركية في عفرين. ودفع هذا التصعيد الامني في سوريا بمبعوث الاممالمتحدة الخاص الى هذا البلد، ستيفان ديميستورا، إلى دعوة كل الاطراف المعنية الى "الوقف الفوري للعنف" بعد أن صرح أن "هناك عودة تدريجية للصراع والتنافس على الاراضي" في سوريا.