شكلت الحقوق الاساسية و الحريات العامة احدى المحاور الستة التي يرتكز عليها مشروع تعديل الدستور, و هو المحور الذي تبرز من خلاله الارادة في تكريس هذه الحقوق و الحريات من خلال ادراج حوالي عشرين من الاحكام الجديدة. و بالتالي فان تكريس الحقوق الأساسية والحريات العامة تم توثيقها في مادة جديدة (34) التي تنص على ترقية مبدأ إلزامية احترام الأحكام الدستورية المتعلقة بالحقوق الأساسية والحريات العامة وضماناتها لجميع السلطات والهيئات العمومية. و انتقلت من مجرد تنصيص الى مرحلة تلتزم الادارة و الهيئات الاخرى للدولة فيها بالمعايير المنصوص عليها في القانون الاساسي في علاقاتها مع المواطن. و في نفس السياق, ينص مشروع تعديل الدستور ليس فقط على طابع الزامية احترام الحقوق الاساسية و الحريات العامة, و لكن ايضا على انه لا يمكن تقييد هذه الاخيرة الا بموجب قانون و لأسباب مرتبطة بحفظ النظام العام والامن و بحماية حقوق و حريات اخرى كرسها الدستور. و أوضحت لجنة الخبراء المكلفة بإعداد اقتراحات حول مراجعة الدستور, برئاسة احمد لعرابة, ان هذه الاحكام ذات الطابع الالزامي تجاه كامل السلطات العمومية تشكل "امرا جديدا يستحق الاشارة اليه بالنظر للامن القانوني و الديمقراطي الذي تكتسيه". و أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في رسالة تكليف وجهها لرئيس لجنة الخبراء أنه "يجب أن ينصب التفكير على توسيع وإثراء مجالات حرية المواطن من خلال تكريس حريات فردية وجماعية جديدة, عند الاقتضاء, وتدعيم الحقوق الدستورية المكفولة". و "يتعلق الأمر هنا, بإعطاء مضمون ومعنى للحقوق والحريات المكرسة,وبشكل أخص حماية حرية التظاهر السلمي وحرية التعبير وحرية الصحافة (...), على أن تمارس بكل حرية ولكن دون المساس بكرامة وحريات وحقوق الغير", حسبما اوضح الرئيس تبون. و يكرس المحور المتعلق بالحقوق الاساسية و الحريات العامة, من جهة اخرى, مبدا الامن القانوني حيث تسهر الدولة عند وضع التشريع المتعلق بالحقوق و الحريات على ضمان الوصول اليه و وضوحه و استقراره". و بخصوص عدم انتهاك حرمة الانسان, يعاقب القانون بالإضافة الى المعاملات القاسية و اللاإنسانية او المهينة على "التعذيب" و"الاتجار بالبشر". و تم ادراج مادة اخرى (40) بخصوص حقوق المرأة, تنص على ان "الدولة تحمي المرأة من كل اشكال العنف في كل الاماكن و الظروف". و يضمن القانون استفادة الضحايا من هياكل الاستقبال و من انظمة التكفل و من مساعدة قضائية". و هناك الجديد أيضا بخصوص الحقوق و الضمانات القانونية, حيث "يتعين اعلام كل شخص موقوف بأسباب توقيفه" (المادة 44). و في ذات السياق تأتي الفقرة 1 من المادة 46 لتتدارك نقصا حيث تنص على ان "كل شخص كان محل توقيف او حبس مؤقت تعسفيين او خطا قضائي, له الحق في التعويض". و دائما في مجال الضمانات, المادة 47 تنص على انه "لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة و شرفه" و له الحق في سرية مراسلاته و اتصالاته الخاصة في اي شكل كانت". و لا مساس بهذه الحقوق "الا بأمر معلل من السلطة القضائية". و نفس المادة تنص على ان "حماية الاشخاص عند معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي, حق اساسي". اقرأ أيضا : تعديل الدستور.. قواعد جديدة تنسجم مع رهانات المرحلة ومبادئ الشرعة الدولية التظاهر السلمي يمارس "بمجرد التصريح" و تنص المادة 51 على ان "حرية ممارسة العبادات مضمونة و تمارس دون تمييز وفق احترام القانون" و ان "الدولة تضمن حماية اماكن العبادة من اي تأثير سياسي او ايديولوجي". أما فيما يخص الحريات فان المادة 52 تضمن و تكرس حرية الراي و التعبير اما حرية الاجتماع و حرية التظاهر السلمي فمضمونتان و تمارسان "بمجرد التصريح". و فيما يتعلق بترقية المجتمع المدني فان "الدولة تشجع الجمعيات ذات النفع العام" حيث "لا يمكن حل الجمعيات الا بمقتضى قرار قضائي" (المادة 53). اما فيما يتعلق بحرية الصحافة المكتوبة و السمعية البصرية او الالكترونية فإنها مضمونة في المادة 54 حيث تم ادراج عديد الاحكام من اجل توضيح الامور. في هذا الصدد تتضمن حرية الصحافة على وجه الخصوص "حرية تعبير و ابداع الصحفيين و متعاوني الصحافة" و كذلك "حق الصحفي في الوصول الى مصادر المعلومات في اطار احترام القانون" الى جانب "الحق في حماية استقلالية الصحفي و السر المهني" فضلا عن "الحق في انشاء الصحف و النشريات بمجرد التصريح". كما تتضمن "الحق في انشاء قنوات تلفزيونية و اذاعية و مواقع و صحف الكترونية ضمن شروط يحددها القانون"، الا انها تحظر نشر خطاب "التمييز و الكراهية". اقرأ أيضا : دسترة السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات "ضمان" نزاهة العمليات الانتخابية من جانب اخر سبق لأحزاب سياسية ان اشتكت في الماضي من تجاوزات و انحياز الادارة، لذلك فان المادة 57 نصت على ان "الدولة تضمن معاملة منصفة تجاه كل الاحزاب السياسية". أما الادارة فيجب عليها "ان تمتنع عن كل ممارسة تحول بطبيعتها دون ممارسة حق انشاء احزاب سياسية". أما فيما يخص العلاقة بين الادارة و المواطن فان مادة جديدة (77) قد ادرجت تنص على ان "لكل مواطن الحق في تقديم ملتمسات الى الادارة بشكل فردي او جماعي لطرح انشغالات متعلقة بالمصلحة العامة او بتصرفات ماسة بحقوقهم الاساسية. و يتعين على الادارة المعنية الرد على الملتمسات في اجل معقول، بخصوص ملتمساتهم.