حذرت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة, سايفاني ويليامز, من الخطر الداهم للتدخل الأجنبي في ليبيا, الذي يظهر جليا من خلال المرتزقة والقواعد العسكرية الموجودة بالبلاد, بما يشكل "انتهاكا مروعا وخطيرا" لسيادة الدولة الليبية وللحظر المفروض على الأسلحة, مشددة في ذات الوقت على ضرورة المضي قدما في المسار السياسي. وخلال كلمتها الافتتاحية للاجتماع الافتراضي الثالث للجولة الثانية لملتقى الحوار السياسي الليبي, أمس الأربعاء - خاطبت المسؤولة الأممية الليبيين, محذرة: "+ديروا بالكم+, هناك الآن أزمة خطيرة في ما يتعلق بالوجود الأجنبي في بلدكم". وكشفت في هذا الصدد, عن وجود 10 قواعد عسكرية في جميع أنحاء ليبيا, تشغلها قوات أجنبية بشكل جزئي أو كلي, إلى جانب 20 ألف عنصر من القوات الأجنبية و/أو المرتزقة, في "انتهاك مروع للسيادة الليبية". وأوضحت ويليامز قائلة: "قد ترون أن هؤلاء الأجانب موجودون هنا كضيوف, لكنهم الآن يحتلون منزلكم, فوجودهم في ليبيا ليس لمصلحتكم بل لمصلحتهم, فهم من يتسببون في تدفق السلاح إلى بلادكم - التي ليست بحاجة إلى المزيد من الأسلحة - وهو ما يشكل "انتهاكا خطيرا للحظر المفروض على السلاح". وكانت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) قد وقعت في ال23 أكتوبر الماضي بجنيف, برعاية الأممالمتحدة, على اتفاق لوقف إطلاق النار دائم في ليبيا, نص في أحد بنوده على ضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد في غضون 90 يوما من تاريخ توقيعه. ويؤكد محللون ليبيون على أن الاتفاق قادر على إخراج المرتزقة من البلاد, في حالة واحدة, و"هي توفر النية الحقيقية لدى المجتمع الدولي". وتشير التقارير إلى وجود مرتزقة من كافة الاتجاهات في ليبيا, فهناك العديد من الطرق التي تستخدمها مختلف الأطراف لتجنيد هؤلاء المقاتلين, سواء عن طريق الشركات الأمنية الخاصة الأجنبية أو عن طريق الميلشيات والجماعات المسلحة, ناهيك عن استخدامها للغطاء الإنساني, تحت مظلة "المنظمات الخيرية", لتهريب هؤلاء المقاتلين الأجانب والأسلحة عبر طرق مختلفة ليتم استخدامها في تنفيذ العديد من الأنشطة غير المشروعة داخل ليبيا, بما يضمن استمرار النزاع وإطالة أمده. وإلى جانب توظيف هؤلاء المرتزقة في القتال بشكل أساسي, يقوم هؤلاء المسلحون بأعمال إجرامية أخرى على غرار الخطف والاتجار بالبشر وتجارة المخدرات, وغيرها من الأنشطة, بما يضمن لها التمويل والاستمرار. على الرغم من توقيع ليبيا على الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم عام 2000, إلا أن التشريعات والقوانين الداخلية للدولة لا تحتوي على مواد تحرم أنشطة المرتزقة أو تنص على تسليط عقوبات عليهم. == السياسة السياحية لم تخدم المسار السياسي == وفي ظل المعطيات الميدانية الخطيرة, تؤكد ستيفاني ويليامز على إلحاحية المضي في المسار السياسي الذي يعول عليه الشعب الليبي لإخراج البلاد من الأزمة متعددة الأوجه التي تعيش على وقعها منذ قرابة العقد من الزمن. وأوضحت المسؤولة الأممية في هذا الصدد, أن أفضل سبيل للمضي قدما نحو حل للأزمة, يكون من خلال الحوار السياسي الليبي, الذي "قطع شوطا طويلا" في تونس. واستطردت قائلة: أعلم أن هناك الكثير ممن يعتقدون أن هذا الحوار يتعلق فقط بتقاسم السلطة, لكنه في حقيقة الأمر يتعلق بمشاركة المسؤولية من أجل الأجيال القادمة, ورجائي منكم, أن تمضوا قدما لأن الوقت ليس في صالحكم,فالتقاعس والعرقلة سوف يكلفان الشعب الليبي الكثير". وأكدت ويليامز إلى أن هناك أزمة حكم في ليبيا, وأفضل طريقة لمعالجتها هي توحيد مؤسسات الدولة, مشيرة في ذات السياق إلى أنه, في حين أن هناك الكثير من "السياحة السياسية" المتجهة إلى دول وعواصم مختلفة, يبقى عامة الليبيين يعانون, في ظل غياب أية مؤشرات على تحسن أوضاعهم. وكانت وليامز, قد أعربت - في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي شهر نوفمبر الماضي - عن تفاؤلها بخصوص مستقبل ليبيا بعد "التقدم الكبير" المحرز في مسار التسوية نحو السلام والاستقرار وتوحيد صفوف الليبيين بعد سنوات من الانقسام والفوضى. وأكدت أن "الأشهر القليلة الماضية, قد شهدت إمكانية حدوث نقلة نوعية في كيفية رؤية العسكريين والسياسيين والقادة الليبيين لدورهم في رسم مسار مستقبل البلاد من مسار يتسم بتقاسم السلطة المبني على المصالح المتبادلة, قائم على تقسيم الثروات بين القلة المحظوظة, إلى رؤية تتسم بتقاسم المسؤولية من أجل إنقاذ البلاد من المزيد من الدمار". وشددت ويليامز على أن "الليبيين يستحقون إن لم يكن الدعم, فعلى الأقل وقف تدخل الجهات الدولية الفاعلة الرئيسية, خاصة وهم يسعون إلى صياغة مستقبل سياسي سيادي للأجيال الليبية المستقبلية." وبالرغم من تأكيدها بوجود حاجة لمزيد من العمل, تقول ويليامز إن "الليبيين قاموا بما ينبغي عليهم عمله, ونحن مدينون لهم بأن نقوم بدورنا وذلك من خلال الاحترام والدعم الكامل للاتفاقات الليبية - الليبية التي تم التوصل إليها بموجب قرار مجلس الأمن 2510 لسنة 2020 , وخلاصات مؤتمر برلين, ويشمل ذلك أيضا احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية الليبية والتنفيذ التام لحظر التسليح الذي تفرضه الأممالمتحدة على ليبيا". وكانت العاصمة التونسية قد احتضنت مطلع نوفمبر الماضي, وعلى مدى قرابة أسبوع, أعمال ملتقى الحوار السياسي لبحث خارطة طريق تنهي الأزمة الليبية . وأعلنت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا على إثره, عن توافق الأطراف السياسية الليبية على موعد تنظيم الانتخابات المقبلة.