تصر إثيوبيا على المضي قدما في عملية التعبئة الثانية لسد النهضة الذي تبنيه على أحد روافد نهر النيل، مؤكدة أن العملية ستتم في الموعد المقرر، فيما تؤكد دولتي المصب مصر و السودان على ضرورة التوصل لاتفاق ملزم قانوناً يؤطر تحركات أديس أبابا. وأعلنت أديس أبابا أنها ستمضي قدما في عملية التعبئة الثانية لبحيرة السد في يوليو المقبل, موضحة أن العملية ستتم بمقدار 13.5 مليار متر مكعب, أي ما يقارب ثلاثة أضعاف عملية الملء الأولى المنفذة العام الماضي بمقدار 4.9 مليار متر مكعب. وفي هذا السياق أكد مجلس الأمن القومي الإثيوبي, السبت, عقب اجتماع لتدارس الوضعية الأمنية في البلاد, ومسألة سد النهضة, والانتخابات العامة المرتقبة شهر يونيو المقبل, أن "الملء الثاني للسد سيتم في الموعد المقرر, رغم التحديات التي تواجهها البلاد من الداخل والخارج". وشدد بيان للمجلس, على أن "الانتخابات المقبلة, والملء الثاني لسد النهضة الكبير, والحفاظ على السلم والأمن على المستويين الوطني والإقليمي, هي التحديات التي يتعين على إثيوبيا رفعها لضمان مستقبل أفضل", مضيفا أن "مجابهة هذه التحديات تستلزم انخراط السكان الذين ينبغي عليهم أن يضموا جهودهم لجهود الحكومة بغية مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية التي تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد". اقرأ أيضا: ملف أزمة سد النهضة بين قبول ورفض وساطة رباعية لتحريك المفاوضات وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي, أكد مؤخرا أن التعبئة الثانية لسد النهضة ستتم خلال أشهر هطول الأمطار في يوليو/أغسطس. وقال, عبر "تويتر", "تتم التعبئة التالية لسد النهضة فقط خلال أشهر هطول الأمطار الغزيرة في يوليو/أغسطس, ما يضمن الفوائد في الحد من الفيضانات في السودان", مشيراً إلى أنه "قبل التعبئة الثانية, ستقوم إثيوبيا بإطلاق المزيد من المياه من تخزين العام الماضي من خلال المنافذ المنشأة حديثًا ومشاركة المعلومات". وأضاف أن "إثيوبيا تعتزم تلبية احتياجاتها من بناء سد النهضة وليس لديها أي نية لإلحاق الضرر بدول المصب". == مصر و السودان تسعيان لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد == رفضت مصر والسودان, منذ أيام مقترحاً إثيوبياً بشأن تبادل المعلومات حول عمليات السد لإنهاء الأزمة, وأكدا أنهما يسعيان لاتفاق ملزم قانوناً يؤطر تحركات أديس أبابا بشأن هذا المشروع, الذي تعتبره إثيوبيا حيوياً لمستقبلها الاقتصادي, فيما تتخوف القاهرة والخرطوم من إلحاقه لأضرار بثروتيهما المائية. وأكدت مصر, التي تتخوف من تأثير السد على حصتها السنوية من مياه نهر النيل, والبالغة 55.5 مليار متر مكعب, أن تنفيذ الملء الثاني للسد "سيؤثر بدرجة كبيرة على نظام نهر النيل وسيضر دولتي المصب", مشيرة إلى أن سد النهضة الإثيوبي "لا يطابق المواصفات العالمية". وذكرت وزارة الموارد المائية والري, في بيان أنه "بالإشارة لقيام إثيوبيا بفتح المخارج المنخفضة بسد النهضة تمهيداً لتجفيف الجزء الأوسط من السد للبدء في أعمال التعلية لتنفيذ عملية الملء للعام الثاني, فإن الادعاء الإثيوبي بأن المخارج المنخفضة, وعددها فتحتان, قادرة على تمرير متوسط تصرفات النيل الأزرق هو إدعاء غير صحيح". وأضافت أن "القدرة الحالية للتصرف لا تتعدى 50 مليون متر مكعب يوميا لكلا الفتحتين, وهي كمية لا تفي باحتياجات دولتي المصب, ولا تكافئ متوسط تصرفات النيل الأزرق". وقالت أن "تنفيذ عملية الملء الثاني هذا العام واحتجاز كميات كبيرة من المياه, سيؤثر بدرجة كبيرة على نظام النهر, لأن المتحكم الوحيد أثناء عملية الملء في كميات المياه المنصرفة من السد سيكون هذه المخارج المنخفضة". وأوضح أن "الوضع سيكون أكثر تعقيدا بدءا من موسم الفيضان في يوليو القادم, لأن الفتحات ستقوم بإطلاق تصرف أقل من المعتاد استقباله في يوليو وأغسطس, وهو ما يعنى معاناة السودان ومصر في حال ورود فيضان متوسط, والوضع سيزداد سوءاً في حال ورود فيضان منخفض, الأمر الذى يؤكد على حتمية وجود اتفاق قانوني ملزم يشمل آلية تنسيق واضحة". وشدد على أن "شروع الجانب الإثيوبي في بدء عملية الملء الثاني هو استمرار للنهج المتبع بفرض سياسة الأمر الواقع بإتخاذ إجراءات أحادية من شأنها إحداث ضرر بدولتي المصب, وذلك لغياب آلية تنسيق واضحة بين الدول الثلاث في إطار إتفاق قانوني عادل وملزم". من جهته يدعو السودان الى "تغيير منهجية التفاوض وتوسيع مظلة الوساطة الأفريقية بشأن سد النهضة لتصبح رباعية بضم الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى جانب الاتحاد الأفريقي, الأمر الذي رفضته إثيوبيا رسميا وأعلنت تمسكها بالوساطة الإفريقية". واتهم السودان إثيوبيا بتهديد أمنه القومي بإصرارها على الملء الثاني لسد النهضة دون اتفاق. وفي هذا السياق قالت وزيرة الخارجية السودانية, مريم الصادق المهدي "إن إثيوبيا تعرض أمن 20 مليون سوداني, وأمن السودان القومي للخطر بالطريقة التي أعلنوها لتنفيذهم للملء الثاني المزمع في يوليو المقبل". وأضافت أن "الإثيوبيين اعتدوا على السودان, وتعدوا على أسس حسن الجوار بالطريقة التي أجروا بها الملء الأول للسد في يوليو الماضي", مشددة على "ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل السد". للإشارة فإن مصر والسودان كثفتا من تحركاتهما الدبلوماسية مؤخرا سعيا لحشد الدعم لاتفاق ملزم, بعد فشل جولة المفاوضات الأخيرة في كينشاسا, وإعلان أديس أبابا اعتزامها تنفيذ التعبئة الثانية للسد. للتذكير فإن الدول الثلاث عقدت مفاوضات ماراثونية على مدار سنوات حول سد النهضة دون جدوى, كان آخرها جولة المفاوضات التي جرت خلال الفترة من 3 إلى 5 أبريل الجاري في الكونغو الديمقراطية, التي تتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي, دون التوصل إلى اتفاق. وتبني إثيوبيا سد النهضة على مجرى النيل الأزرق, وسيكون أكبر سد للطاقة الكهرومائية في إفريقيا, وتقول إن المشروع حيوي لنموها الاقتصادي, حيث تسعى إلى أن تصبح أكبر مصدر للطاقة الكهربائية في إفريقيا, بأكثر من 6 آلاف ميغاوات. ويثير المشروع خلافات بين الدول الثلاث, حيث تتخوف القاهرة من تأثير سلبي على حصتها السنوية من المياه البالغة 55.5 مليار متر مكعب, بينما يحصل السودان على 18,5 مليار متر مكعب.