طالبت أحزاب المعارضة المغربية مجلس النواب، الثلاثاء، إلى عقد اجتماع للجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن، بحضور وزير النقل، لدراسة ارتفاع أسعار المحروقات و أثره على اقتصاد البلاد. فمرة أخرى, تواجه الحكومة المغربية بقيادة عزيز أخنوش, ملفا اجتماعيا يؤرق المواطن المغربي, ويتعلق بارتفاع أسعار المحروقات, الذي أبدت أحزاب المعارضة قلقها بشأنه وطالبت الحكومة بإيجاد حل عاجل له. جاء ذلك في بيان نشره الموقع الرسمي للمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية المعارض. ووقع الطلب كل من نواب الحزب الاشتراكي والحزب الحركي وحزب التقدم والاشتراكية, بالإضافة إلى المجموعة النيابية للعدالة والتنمية. و دعت الأحزاب الموقعة على الطلب إلى "دراسة تداعيات ارتفاع أسعار المحروقات على قطاع النقل بشكل خاص". و كانت الجمعية المغربية للنقل (غير حكومية) دعت أعضاءها, أول امس الإثنين, إلى زيادة أسعار النقل بنسبة 20 بالمئة, بسبب ارتفاع أسعار المحروقات في السوق المحلية. و بررت الجمعية الخطوة بتجاوز "أسعار المحروقات سقف 10 دراهم للتر الواحد (أكثر من 1 دولار), خاصة الغاز والسولار, وهو السعر الذي وعدت الحكومة السابقة بالحفاظ عليه كسقف أقصى". و قالت أحزاب المعارضة إن الزيادة التي أعلنتها الجمعية "ستنعكس على القدرة الشرائية للمواطنين, لأن قطاع النقل له ارتباط وثيق بصادرات وواردات المغرب", مشيرة الى ان أسعار النقل "ما تزال مرتفعة بسبب تداعيات جائحة كورونا, وبسبب العشوائية التي يشهدها القطاع". و أبدت أحزاب المعارضة قلقها إزاء نهج الحكومة لسياسة التبرير بخصوص المنحى المقلق لارتفاع أسعار المحروقات ومعظم المواد الاستهلاكية الأساسية, وعدم مبادرتها باستعمال صلاحياتها في التدخل الناجع لضبط الأسعار وتخفيف تأثير تقلبات السوق الدولية, بغاية حماية القدرة الشرائية لعموم المواطنات والمواطنين, وخاصة الفئات الهشة. ==مؤشرات تنذر باحتقان اجتماعي== و كان المغاربة احتجوا الاحد الماضي في عدة مدن رفضا لارتفاع الأسعار التي تشهدها الأسواق المحلية خلال الاشهر الأخيرة, حيث تجمع المئات أمام مقرات نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالرباط و أغادير والدار البيضاء ومكناس و آسفي وغيرها. و طالب المحتجون بزيادة أجور العمال والتراجع عن رفع أسعار المواد الأساسية والمحروقات. كما رفعوا لافتات كتب عليها "لا لغلاء الأسعار" و "أجور هزيلة و أسعار حارقة" و "يا حكومة الهزيمة اعطوا للشعب الكلمة" و "هذا المغرب الجديد.. مغرب الغلا والتشريد". من جهتهم, يتهيأ مهنيو النقل البري في المغرب إلى تنظيم احتجاجات جماعية تنديدا بالارتفاع المستمر لأسعار المحروقات, الذي ادى بإفلاس عدد هام من المقاولات النقلية, و ردا على تعنت حكومة المخزن حول هذه المسألة. و اكد منير بن عزوز, الأمين الوطني للنقابة الوطنية لمهنيي النقل البري, في تصريحات صحفية, أن "العديد من الهيئات النقابية لمهنيي النقل البري للبضائع والمسافرين وسيارات الأجرة, سيجتمعون صباح يوم الخميس المقبل لدراسة كل الصيغ والتعبيرات الاحتجاجية دفاعا عن الشركات النقلية". و أوضح أنه كان للارتفاعات "المهولة" و"المتتالية" التي عرفتها أسعار المحروقات في المغرب, "أضرارا كبيرة" على الشركات والمقاولات النقلية, ادت بإفلاس "عدد هام" منها. و في حالة عدم تحمل الحكومة المغربية مسؤوليتها في "مراجعة حقيقية" لقرار الزيادات في أسعار المحروقات, وعدم تعاطي رئيس الحكومة مع هذا الملف ب"الجدية والمسؤولية اللازمتين", فإن, يقول بن عزوز, "كل الخيارات تبقى مفتوحة أمام تنظيماتنا للرد على الاستهتار بمستقبلنا المهني والخدماتي", منها على وجه الخصوص قرار شن "اضراب عام بالتوقف الجماعي عن العمل". من جهته, اكد خالد العلمي الهوير, نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل, أن "موجة غلاء غير مسبوقة يعرفها المغرب خلال الفترة الأخيرة, مع ارتفاع أسعار المحروقات, مما يؤثر بشكل قوي على العديد من الخدمات والمواد الاستهلاكية وبالتالي يضرب القدرة الشرائية لأغلبية المواطنين وهو ما نبهت له نقابتنا بالاحتجاج الأحد الماضي". و نقلت مصادر اعلامية محلية عن الهوير أن "عدم تدخل الحكومة لحماية القدرة الشرائية للمواطن و ارتفاع نسبة البطالة وملامح الجفاف كلها مؤشرات تنذر باحتقان اجتماعي". و أكد القيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي المعارض, شقران إمام, من جانبه, أن "ارتفاع أسعار المحروقات وعدد من المواد الاستهلاكية مع ندرة سقوط الأمطار بما ينبئ بسنة جافة وقاسية, يستدعي من الحكومة التفكير في حلول مستعجلة للحيلولة دون تفاقم الأوضاع لدى شرائح واسعة داخل المجتمع وخصوصا القرويين". و أضاف أن "على الحكومة العمل على إعداد قانون مالي تعديلي يأخذ بعين الاعتبار تغير عدد من الفرضيات المتعلقة بأسعار المحروقات وتوقعات الموسم الفلاحي وغيرها, والحكومة مطالبة بالتعاطي الشفاف مع وضعية تستدعي تعبئة وطنية". من جانبه, اعتبر لحسن السعدي, البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار, أن "الحكومة واجهت منذ تنصيبها مجموعة من الصعوبات, ورثتها عن التدبير الكارثي للسنوات العشر الأخيرة, وتداعيات جائحة كورونا والانكماش الاقتصادي و ارتفاع أسعار المواد الأولية في السوق العالمية و ارتفاع تكاليف النقل الدولي والجفاف".