تواجه حكومة عزيز اخنوش تحديات كبيرة, أبرزها غضب الشارع الذي التهبت فيه الحناجر الرافضة للوضع الاقتصادي والاجتماعي والذي عمقته أشهر عملها الذي أبان عن مجافاتها لتطلعات الشعب المغربي ومخالفتها للوعود الانتخابية. فقد اثبتت أزيد من سنة من أشغال الحكومة, ضعفا في المردودية وتسجيل غياب أي إضافة للقطاعات المختلفة في البلاد, مما اعتبر انتكاسة مدوية في الادارة والتسيير لحكومة طبعتها صفة الفساد ومحاباتها لمرتكبيه. وتتواصل ردود الفعل المناوئة ل"حكومة الاعيان" التي عمقت من الازمات الخانقة في البلاد وتركت الباب مفتوحا لاستشراء كل أشكال الفساد وهدر المال العام ووصف رئيسها بأنه رمز من رموز "زواج المال والسلطة", ناهيك عن الأصوات المغربية التي تؤكد "ضعف مشروعيتها وغرابة ظروف تعيينها". وعن هذا يقول حزب العدالة والتنمية إنه "بات واضحا للجميع عجز الحكومة الحالية البين في تدبير الشأن العام, فضلا على النكوص الواضح في اعتماد المقاربة التشاركية, مما أدى الى نشوب العديد من الاحتجاجات المتتالية". و أبرز الحزب في التقرير السياسي المعروض على مجلسه الوطني المنعقد يومي السبت والأحد, أنه قد تبين أن هذه الحكومة قد باعت الوهم للمغاربة, و انهارت ثقة المغاربة بشكل غير مسبوق فيها وفي رئيسها والعديد من وزرائها. و اعتبر أن الأشهر الماضية من تولي حكومة أخنوش المسؤولية, أكدت "خطورة الجمع بين المصالح والسلطة, حيث سادت الريبة والشك في عمل الحكومة وإجراءاتها وفي مجموعة من المبادرات التي تعلن عنها والمسابقات التي تنظمها, التي أصبحت محط طعن وتشكيك و احتجاج وشبهات فساد وتنازع المصالح, وكان آخرها الاحتجاجات الكبيرة والواسعة على مدى نزاهة وشفافية ظروف وشروط المسابقة الخاصة بالمحاماة والنتائج المعلنة عنها". و انتقد ذات الحزب التصرفات اللامسؤولة للحكومة ومواجهتها للاحتجاجات بالصمت واللامبالاة, أو بتصريحات متهورة وغير مسؤولة وغير مضبوطة وبنفس متعال ومستفز, معتبرا ذلك تأجيجا للاحتجاج وتشكيكا وتعزيزا للشبهات وتقويضا للثقة في الحكومة. حكومة "منفصلة" عن الواقع وعن هموم الشعب وجدد التقرير السياسي لحزب العدالة والتنمية التأكيد على أن حكومة أخنوش "منفصلة عن الواقع وعن هموم الناس", وأنها لا تبالي بانتقادات و احتجاجات المواطنين لأنها حكومة ليست وليدة صناديق الاقتراع, ولا تعبر عن إرادة و أصوات المواطنين. ففي مقابل الوعود السخية التي وزعتها خلال الانتخابات, فشلت هذه الحكومة في معالجة الوضع الاجتماعي والمعيشي لفئات واسعة من المجتمع, والتي تئن تحت وطأة غلاء الأسعار وتؤدي ثمن جشع شركات المحروقات وضعف الحكومة وعجزها عن ممارسة مهامها في مراقبة الأسعار وتأخر مجلس المنافسة في ممارسة اختصاصاته. و اعتبر الحزب أن قانون مالية 2023 تكريس لزواج المال بالسلطة, وقد أكد إخلاف الحكومة لوعودها والتزاماتها في البرنامج الحكومي, فضلا عن تنكرها لالتزامات الاتفاق الاجتماعي. انتكاسات الحكومة المغربية وفشلها في حل الازمات المتعددة التي يتخبط فيها المواطن, دفعت بالأخير الى فقدان ثقته بها, وهو ما كشفت عنه الارقام التي قدمتها المندوبية السامية المغربية للتخطيط في مذكرتها الاخيرة حول نتائج عمل الحكومة. فقد كشفت نتائج البحث الدائم حول الظرفية لدى الأسر, أن مؤشر ثقة الأسر تابع, خلال الفصل الرابع من سنة 2022, منحاه التنازلي ليصل لأدنى مستوى له منذ بداية البحث سنة 2008. ورصدت المندوبية تردي الأوضاع المعيشية للأسر المغربية في ظل استمرار الغلاء, و ارتفاع لجوئها إلى المديونية وقروض الاستهلاك رغم ارتفاع سعر الفائدة. ورغم هذه الارقام المعتمدة على الدراسات المعمقة والابحاث الميدانية ورغم الثورة الشعبية وغضب الشارع الذي يواجهه أخنوش, لم يتوان الاخير في محاولاته تزوير الحقائق والادلاء في كل مرة بتصريحات تجانب الواقع كما جرى في خرجته خلال جلسة المناقشة العامة لمشروع قانون مالية 2023 بمجلس النواب. فقد حاول الدفاع عن تدبير حكومته للبلاد في سنتها الأولى, قائلا حرفيا: "حققنا أكثر مما كان متوقعا في السنة الأولى, دبرنا الوضع اليومي والجفاف وتقلب الأسواق العالمية دون تجاوز سقف القروض والمساس بميزانية الاستثمار كما وقع في سنوات ماضية, وأطلقنا برامج في كل التزامات البرنامج الحكومي", مما أثار الكثير من الاستغراب داخل المغرب وخارجه واستياء لدى الرأي العام الذي لا يجهل حقيقة الوضع المعاش والازمات المتعددة التي تعرفها المملكة. وعن هذا, رد الكاتب المغربي أمين بوشعيب, باستغراب, عن الفارق الشاسع بين ما جاء في المذكرة التي أصدرتها مندوبية التخطيط, وما جاء في مداخلة أخنوش, ففي الأولى نجد نتائج مبنية على البحث الميداني ومعززة بالنسب المئوية والأرقام الناطقة, وفي الثانية نجد أن أخنوش اكتفى بالحديث عن السياسات بشكل عام وفضفاض مع تضمينه بعض الأرقام المبنية على التوقعات والافتراضات, وبدل مناقشة الأرقام والمعطيات التي وردت في المذكرة. للتذكير, كشف استطلاع رأي أنجزه "المركز المغربي للمواطنة" مؤخرا, وجود حالة كبيرة من عدم الرضا على أداء الحكومة فيما يخص تدبير الملفات الإجتماعية والاقتصادية. وتصدر رئيس الحكومة المغربية, عزيز أخنوش, قائمة الشخصيات العمومية الاكثر مساهمة في فقدان الثقة في العمل السياسي بالبلاد. وبلغ تدني سياسة الحكومة المغربية لحد غض النظر عن الفساد ورفضها محاربته, فقد كشف أخنوش عبر العديد من القرارات على أن هذه المسألة ليست من أولوية حكومته, وهو ما ظهر جليا خلال سحبها لقانون يجرم الإثراء غير المشروع. وكان تجريم الإثراء غير المشروع من أهم المخرجات التي اقترحتها هيئة الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة في المغرب, وظهور الحاجة إلى مشروع قانون جنائي جديد, لكنه تعثر بعد سنوات من العرقلة حتى تم سحبه من طرف حكومة أخنوش, في خطوة أدينت على نطاق واسع من قبل المعارضة وفعاليات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية.