على مر الاشهر, تثبت حكومة اخنوش بالمغرب ضعفا في أدائها وتعثرا في تسيير القضايا الملحة, لا سيما في ظل الاخفاقات المتكررة في تفعيل الحوار الاجتماعي, ما زاد في تعميق الازمات المتعددة الاوجه التي تؤرق المجتمع المغربي. وفي هذا الاطار, سجلت الدراسة التي أنجزها استاذ القانون, محمد طارق, بعنوان "شعار الدولة الاجتماعية في الميزان.. قراءة في حصيلة السنة الاجتماعية الأولى", عدم مبادرة الحكومة إلى تنفيذ الالتزامات المتوافق عليها وعدم انخراط الفرقاء في تنزيل المقتضيات ذات الصلة بإقرار السلم الاجتماعي. و أكدت الدراسة وجود تأخر في تنزيل مخرجات الاتفاق الاجتماعي, حيث لم تستطع الحكومة التوافق مع الشركاء الاجتماعيين على إقرار الزيادة العامة في الأجور, وكذا فيما يتعلق بمراجعة نظام الضريبة على الدخل من خلال مراجعة الأشطر ونسب الضريبة, ولم تتمكن من إقراره بموجب قانون مالية 2023. وإلى جانب ذلك, لم يتم إحداث درجة جديدة للترقي في أسلاك الوظيفة العمومية, مع تسجيل ضعف إرساء الحوار و تنفيذ الاتفاقات في المؤسسات والمقاولات العمومية. ونبهت الدراسة إلى أنه "لم يتم اعتماد إجراءات تشريعية وتنظيمية جديدة لتمكين الموظف المتضرر من مواجهة آثار الأمراض, وحوادث الشغل بالوظيفة العمومية, ولا تمت مراجعة المقتضيات التشريعية المتعلقة برخص المرض المتوسطة, أو الطويلة الأمد". كما لم يتم إصدار التقرير السنوي حول المناخ الاجتماعي, والذي كان مبرمجا في مارس 2023, ولم تتم هيكلة اللجنة الجهوية للحوار الاجتماعي واللجنة الإقليمية, ولم يتم تفعيل لجنة تشريعات العمل المنصوص عليها في الميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي, ولم يتم إحداث المرصد الوطني للحوار الاجتماعي, ولم يتم إحداث أكاديمية التكوين في مجال الشغل, ولم يتم تفعيل المؤسسات التي تعمل على تكامل و التقائية آليات الحوار الاجتماعي. وحسب صاحب الدراسة, فلم تقدم الحكومة أي عرض يهم تنفيذ الالتزامات المتعلقة بتيسير عمل المرأة, ولم تتمكن الحكومة من إنشاء 100 حضانة سنويا التي التزمت بإحداثها لفائدة عمال وعاملات المقاولات. و أوصت الدراسة بضرورة تكثيف المجهود الحكومي, وتعبئة التوافق المجتمعي من أجل تجاوز الاختلالات البنيوية التي عرفتها السنة الاجتماعية 2022-2023, وإقرار الزيادة العامة في الأجور, بما يحقق توازنا ماليا للأسر المغربية لدعم قدرتهم الشرائية, ومراجعة نظام الضريبة على الدخل, وحسن تطبيق قانون الشغل في الوحدات الإنتاجية بالقطاع الخاص, وتفعيل الحوارات القطاعية. وترى الدراسة أن الحكومة ستكون ملزمة قبل تاريخ 30 أبريل بتقديم أجوبتها "في خضم سياق وطني موسوم بالعديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية, أبرزها ضبط أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية, والتحكم في التوازنات المالية". حكومة "أثبتت محدوديتها" وفي ذات السياق, قال الكاتب والباحث الاكاديمي, بلال التليدي, في مقال رأي بعنوان : "نخب المال والأعمال يستثمرون في الأزمة", ان الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة "أثبتت محدوديتها أمام واقع استمرار ارتفاع أسعار الخضر والفواكه والمواد الغذائية". والمفارقة, يردف الكاتب, أن استيراد حوالي 11 ألف رأس من الأبقار من البرازيل لم يكن له أي تأثير على أثمان اللحوم الحمراء في السوق المحلية, "مما عزز شكوكا باستثمار بعض رجال الأعمال التابعين لأحزاب التحالف الحكومي في الأزمة". و أضاف التليدي أن هذه المؤشرات "التي تكشف فشل سياسة الحكومة, تخفي في الجوهر أزمة رؤية". من جهتها, قالت عضو المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية, سلوى البردعي, إن من بين أبرز أسباب ارتفاع أسعار الخضر والفواكه بالمغرب, إشكالية المضاربة بأسواق الجملة. و أوضحت البردعي في تصريح لوسائل الاعلام المحلية أن خيارات الحكومة "اتجهت نحو الزراعات الموجهة للتصدير, مما قلل المنتجات التي يستهلكها المواطن المغربي", منبهة إلى أن الزراعات الموجهة للتصدير تستنزف الفرشة والموارد المائية بشكل كبير. ودعت المتحدثة, حكومة المخزن إلى التدخل العاجل لإيجاد "حلول آنية وسريعة" لمعالجة أزمة ارتفاع الأسعار والتي جعلت المواطن غير قادر على ابتياع ما يحتاجه من مواد غذائية واستهلاكية. وفي سياق انهيار القدرة الشرائية للمواطن المغربي, توجه عضو المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية, مصطفى إبراهيمي, بسؤال شفوي لوزيرة الاقتصاد والمالية, حول الإجراءات التي ستتخذها الوزارة والحكومة للحد من الفقر وتوسيع الطبقة المتوسطة. و أوضح إبراهيمي في سؤاله أن المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب, أعلنت من خلال تقرير لها صدر مؤخرا, أن حوالي 3.2 مليون شخص إضافي تدهورت أوضاعهم المعيشية, بسبب ارتفاع الأسعار وتداعيات كوفيد-19. و أشار النائب البرلماني إلى أنه في 2022, عادت وضعية الفقر والهشاشة بالمغرب إلى مستويات سنة 2014, مما سيؤثر على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسر وسيؤدي إلى زيادة الفوارق الاجتماعية. و أضاف أن الهشاشة بالمملكة شهدت ارتفاعا ملحوظا, حيث انتقلت من 7.3 في المائة سنة 2019 إلى 10 في المائة سنة 2021 على المستوى الوطني, ومن 11.9 في المائة إلى 17.4 في المائة في المناطق القروية, ومن 4.6 في المائة إلى 5.9 في المائة في المناطق الحضرية. وذكر بأن الأسعار في المغرب شهدت ارتفاعا كبيرا خلال الأشهر الماضية, مما تسبب في تسارع معدل التضخم منذ مطلع 2022, تجاوز 10 % كنسبة عامة و20 % بالنسبة للمواد الغذائية شهر فبراير 2023. وبالحديث عن الوضع المزري الذي يعيشه اغلبية المغاربة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي, تتواصل الدعوات والمطالب في المملكة بالمشاركة المكثفة في التظاهرات والاحتجاجات المقررة يوم الفاتح مايو المنددة بتدهور القدرة الشرائية التي نزلت إلى أدنى المستويات, أمام الانسحاب الكامل للحكومة والتنصل من مسؤولياتها, تطبيقا لسياسة الهروب إلى الأمام.