أطلقت "الجمعية المغربية لحماية المال العام" حملة للتوقيع على عريضة إلكترونية موجهة شخصيا إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش لمطالبته بتجريم الإثراء غير المشروع, لما يشكل ذلك من أهمية في "مكافحة الفساد والرشوة المستشرية" في المملكة. وأكدت الجمعية أن المغرب "سبق له أن صادق على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد, وهي الاتفاقية التي نشرت بالجريدة الرسمية وضمن بنودها ما يتعلق بضرورة اتخاذ الدول لتدابير قانونية لتجريم الإثراء غير المشروع", ما يضع المغرب أمام "التزامات يجب الوفاء بها". و في هذا السياق, وجه المحامي محمد الغلوسي, رئيس ذات الجمعية, عبر منشور له, دعوة إلى جميع المغاربة للانضمام الى حملة تجريم الإثراء غير المشروع, قائلا :"لا يمكن للمفسدين ولصوص المال العام أن يستغلوا مواقع المسؤولية ويراكموا ثروات مشبوهة عبر فساد عابر للقارات ويشكلوا شبكات ومافيات إجرامية مع تجار المخدرات والبشر ويهددون بها الدولة والمجتمع, ومع ذلك يظلون في منأى عن المساءلة والمحاسبة, وهو ما يشجع على استمرار الفساد والرشوة ونهب المال العام مع ما يشكله ذلك من تهديد حقيقي للاستقرار والسلم الاجتماعي". واستطرد بأن "ذلك وغيره يفرض حتماً ودون أي تأخير تجريم الإثراء غير المشروع و على كل الضمائر الحية والغيورين على مستقبلنا جميعا تنظيم حملة كبيرة وواسعة للمطالبة بتجريم الإثراء غير المشروع, باعتبار ذلك يشكل مدخلا لتخليق الحياة العامة". و من هذا المنظور, اعتبر السياسي والناشط الحقوقي, يوسف بوستة, إطلاق العريضة "يسير في الاتجاه الصحيح للتحسيس بخطورة الإثراء غير المشروع الذي هو جزء من الفساد", موضحا أن الخطوة تهدف للتوعية بخطورة تغول الفساد في بلادنا", ووصفها ب"مبادرة غيورة على حماية المال العام الذي أصبح عرضة للنهب والسلب والهدر خاصة من طرف المسؤولين في السلطة والمناصب الحكومية والسياسية والنقابية". من جانبه, أكد الحقوقي المغربي, صافي الدين البدالي, عضو المكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية المال العام, في تدوينة على منصة فايسبوك, أن هذه الخطوة الموجهة مباشرة لرئيس الحكومة , تأتي بعدما تأكد للجمعية بأن الحكومة "لا ترغب في إصدار قانون تجريم الإثراء غير المشروع على الرغم من مصادقة المغرب على اتفاقية الأمم لمكافحة الفساد التي سبق أن تم نشرها بالجريدة الرسمية". و تقاسم نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي من الحقوقيين وعموم الراي العام, على نطاق واسع هذه العريضة وتشاركوا رابطها و أعادوا توزيعها على صفحاتهم وفي مجموعات. و ليست هذه المرة الاولى التي تؤخذ مثل هذه المبادرات ضمن معركة تجريم الإثراء غير المشروع, بل سبقتها العديد من الخطوات, لكن هذه العريضة تعتبر الأولى من نوعها في هذا السياق, وقد شرع المواطنون -وفق ما تناقلته صفحات على مواقع التواصل لاجتماعي -في توقيعها. و كان عشرات النشطاء والحقوقيون احتجوا في فبراير الماضي أمام قبة البرلمان في الرباط للمطالبة بتجريم الإثراء غير المشروع, معتبرين هذه الخطوة "مدخلا أساسيا لمكافحة الفساد". الوقفة التي دعت لها الجمعية ذاتها رفعت خلالها شعارات تندد ب"هدر المال العام" وألقى رئيسها الغلوسي حينئذ كلمة أكد فيها أن "تكلفة الفساد يدفع ثمنها المواطنون الفقراء عبر ضرب مصلحتهم العامة و حقهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية". وتحت قبة البرلمان, سبق للمجموعة النيابية لحزب "العدالة والتنمية" أن قدم مقترح قانون حول منع الإثراء غير المشروع, بالنظر إلى ما بات يشكله الفساد من "تهديد بنيوي يعرقل التنمية, وبالنظر إلى سحب الحكومة لمشروع القانون الجنائي دون أن تبادر إلى نص تشريعي جديد يتعلق بالإثراء غير المشروع".