فشلت الحكومة المغربية في احتواء غضب و تدمر طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان ووضع حد للاحتقان المتنامي داخل وخارج أسوارها, حيث تتواصل الاحتجاجات واسعة النطاق في ظل استمرار الجهات المسؤولة في الاستهتار بالمسؤولية والدوس على حقوق الطلبة المضربين. و أمام تعنت الحكومة في التعامل مع الأزمة وفشلها في تلبية تطلعات واحتياجات الطلبة, طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بوقف التصعيد اللامسؤول ضد طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان, ووضع حد للاحتقان المتنامي عبر فتح حوار مع ممثلي الطلبة والاستجابة لمطالبهم المشروعة. وقالت الجمعية, في بيان تضامني مع الطلبة, أنه وفي الوقت الذي كان فيه الرأي العام الوطني ينتظر من الحكومة المغربية, ممثلة في شخص الوزيرين المسؤولين عن التعليم الجامعي والصحة, فتح حوار جاد ومسؤول مع ممثلي الطلبة حول ملفهم المطلبي الملح, أقدم المسؤولون على اتخاذ إجراءات انتقامية لا مسؤولة. وحذرت من أن استمرار العمل بهذه الإجراءات سيعصف بالتعليم العالي العمومي في مجال الطب والصيدلة وطب الأسنان. وأكدت الجمعية الحقوقية على أن هذه الإجراءات لم تتوقف عند عدم فتح باب الحوار مع "اللجنة الوطنية لطلبة كليات الطب وطب الأسنان والصيدلة" الممثلة للطلب, حول ملفهم المطلبي, بل تجاهلت نضالاتهم المتواصلة, خاصة منذ 16 ديسمبر 2023, مع التنكر لمطالبهم المشروعة والقيام بحملة رسمية للتشهير بهم واعتبارهم يخدمون أجندات معينة بتحريك من جهات خارجية. وأضاف حقوقيو الجمعية أن الأمر وصل إلى درجة إغلاق أبواب الكليات في وجوه الطلبة ومنعهم، قسريا, من الولوج إليها, وتتويج كل ذلك بإقدام رئيس الجامعة بالدار البيضاء, على اتخاذ قرار خطير متعارض مع جميع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ومع القوانين المحلية الجاري بها العمل في مجال الحق في حرية الرأي والتعبير والتنظيم وممارسة العمل النقابي والجمعوي, يقضي بالإعلان عن "حل" جميع مكاتب الطلبة بكلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء, وحظر جميع أنشطة هذه المكاتب ابتداء من يوم 19 مارس الجاري. نفس القرار, يضيف البيان, اتخذه في اليوم الموالي, رئيس جامعة أخرى بالرباط, إذ أعلن عن "حل" نوادي الطلبة بكلية الطب والصيدلة بالرباط وحظر جميع أنشطتها ابتداء من يوم 20 مارس الجاري. وبالموازاة مع ذلك, تم استدعاء 53 طالبا وطالبة للمثول أمام مجالس تأديبية, حيث تؤكد كل المؤشرات الواقعية أنها ستتخذ في حقهم قرارات انتقامية قاسية وقد تبينت أولى معالمها, على سبيل الذكر في اتخاذ قرار توقيف طالب وطالبة بالرباط لمدة سنتين وطالب ثالث لمدة ستة أشهر وتوقيف عشرة طلبة اخرين لمدة سنتين, وفق ما صرحت به مجموعة من الطلبة ضحايا هذه التوقيفات. ونبهت الجمعية لتطورات هذا الاحتقان المتصاعد المرشح للمزيد من التأزم, والذي ينذر بسنة بيضاء, داخل قطاع الطب بكليات الطب والصيدلة وطب الأسنان, منذ دخول طلبة شعبيتي الطب والصيدلة في إضراب شامل ومفتوح عن التداريب الاستشفائية والدروس النظرية والتطبيقية مع مقاطعة جميع الامتحانات ابتداء من يوم 16 ديسمبر 2023 ودخول طلبة طب الأسنان في مسلسل نضالي مستمر ومتلائم مع خصوصيات شعبهم. وحملت الجمعية مسؤولية استمرار هذا الوضع إلى الحكومة ككل, وبصفة خاصة, إلى الوزيرين المسؤولين عن القطاع. وأدانت كل القرارات الارتجالية والانتقامية المتخذة في حق الطلبة والتي لا يمكنها أن تؤدي إلا إلى المزيد من الاحتقان والتوتر في قطاع جامعي أساسي, هو قطاع الطب والصيدلة وطب الأسنان, محملة الدولة مسؤولية كل العواقب الوخيمة التي ستؤدي إليها. وطالبت أكبر جمعية حقوقية بالمغرب الدولة المغربية بوضع حد لجميع أشكال التضييق على الطلبة وعلى حقهم في حرية الرأي والتعبير والتنظيم والاحتجاج السلمي, وبالتراجع الفوري عن إغلاق كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان في وجوههم, ووقف عرض بعضهم على مجالس تأديبية صورية لاتخاذ قرارات انتقامية قاسية في حقهم, واتخاذ كل ما يلزم من إجراءات إيجابية لتفادي الاصطدام بشبح سنة بيضاء, وفي مقدمة هذه الإجراءات فتح حوار جدي مع ممثلي الطلبة يفضي إلى الاستجابة لمطالبهم المشروعة. و على خلفية تعليقات وزير الصحة الذي استخدم فيها مصطلحات تقلل من شأن المنظومة الصحية, حينما وصف طلبة الطب ب "المنتوج القابل للاستهلاك", بالإضافة الى اتهامات مجانبة للصواب, أكد الطلبة أنهم سيردون بإنزالات وطنية بالعاصمة الرباط وسيشاركهم فيه كل الطلبة ومن مختلف الأقطاب.