أكد وزير المالية, لعزيز فايد اليوم السبت بالجزائر العاصمة, الاهمية المركزية التي توليها السلطات العمومية لمواصلة مسار عصرنة القطاع المصرفي و تطوير السوق المالي، معلنا في هذا الصدد أن التشغيل البيني للدفع بالهاتف النقال سيتم اطلاقه بعد أيام قليلة، فيما يرتقب ادراج بنك التنمية المحلية في بورصة الجزائر مع الدخول الاجتماعي المقبل, لتليه مؤسسات اخرى. وأوضح السيد فايد, خلال ندوة صحفية نشطها, بمقر الوزارة, بعنوان "مخرجات اجتماعات الربيع 2024 لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والقضايا الاقتصادية ذات الصلة", التي شارك فيها الأسبوع الماضي بواشنطن, ان عصرنة قطاع البنوك تحتل "مكانة بارزة" ضمن اهتمامات السلطات العمومية وهذا في اطار برنامج اصلاح شامل أسس له القانون النقدي و المصرفي الجديد, بالموازاة مع تعزيز تواجد البنوك الوطنية في الخارج, لا سيما بالسنغال وموريتانيا و استحداث البنك الوطني للإسكان. وأضاف السيد فايد ان مسعى السلطات العمومية في الوقت الراهن يرتكز في المجال المالي على تنويع مصادر تمويل الاقتصاد والاستثمار و كذا الادخار وتطوير الشمول المالي و اطلاق الصيرفة الاسلامية وكذا تفعيل السوق المالي (البورصة) وهو -كما قال- "ما انعكس ايجابا على التنمية و تطوير الاقتصاد". وفي هذا الخصوص أكد الوزير انه سيتم "اعتبارا من الدخول الاجتماعي المقبل" ادراج بنك التنمية المحلية في بورصة الجزائر من خلال فتح جزئي لرأسمال هذه المؤسسة المصرفية العمومية و هذا بعد "النجاح الباهر'' الذي كللت به عملية ادراج اسهم القرض الشعبي الجزائري الشهر الفارط. وأبرز في ذات الصدد ان دخول بنك التنمية المحلية الى البورصة من شأنه زيادة الثقة في المنظومة المالية الوطنية من جهة و في موثوقية المؤسسات المدرجة من جهة اخرى، مؤكدا ان ادراج القرض الشعبي الجزائري الذي سمح باستقطاب 112 مليار دج على شكل اكتتابات في رأسمال المؤسسة البنكية يشكل "نقطة تحول" في تطور السوق الماليالجزائري بوصفه اداة إضافية لتمويل الاقتصاد. كما اكد وزير المالية أن الحركية الجديدة التي تشهدها بورصة الجزائر في الفترة الاخيرة ستسمح في المستقبل القريب بدخول مؤسسات جديدة, لا سيما الناشطة في قطاع التأمينات اضافة الى "مؤسسة عمومية" أخرى. و في تفصيله لجملة الاصلاحات التي يعرفها قطاع المالية أكد ان قانون التأمينات الجديد الموجود في مراحل الاعداد الاخيرة سيمكن من تعزيز مهام الضبط و الاشراف لسوق التأمين من خلال استحداث سلطة مستقلة وتكريس التأمين التكافلي و إدراج التأمين المصغر من اجل الوصول الى شمول مالي و تأميني أكبر. إشادة بالمؤشرات الايجابية للجزائر من قبل صندوق النقد و البنك الدوليين وبالموازاة مع ذلك سيسمح هذا النص -يضيف السيد فايد- بإعطاء دفع جديد للرقمنة في مجال التأمينات مع تعزيز ملاءة شركات التأمين عبر توضيح آليات الرقابة الداخلية بها. وعن سؤال بخصوص الدفع بالهاتف النقال بالجزائر والمنحصر حاليا لدى ثلاث مؤسسات مالية منها بريد الجزائر، أفاد الوزير انه سيتم تفعيل التشغيل البيني (l'interopérabilité) "قبل نهاية الشهر الجاري". و يشار الى أن حلول الدفع عبر الهاتف النقال في الجزائر, مطبقة حاليا فقط بين زبائن نفس البنك أو المؤسسة المالية, لكن مع إطلاق التشغيل البيني فإنه يمكن إجراء معاملات حتى وإن كان بنك صاحب الدفع مختلف عن بنك المستفيد, ما سيسمح بتسديد المشتريات عبر رمز الاستجابة السريعة وإجراء تحويلات من حساب إلى حساب آخر. من جانب آخر توقف وزير المالية عند مشاركته الاخيرة في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي و البنك الدولي التي شكلت فرصة للتأكيد على "مواصلة دعم الاصلاحات الاقتصادية الجارية في البلاد من اجل ارساء أسس لنمو اقتصادي مستدام". وقال السيد فايد: "هناك بوادر مشجعة بالنظر الى الطابع الايجابي للمؤشرات الاقتصادية للجزائر و التي تدعم التزامنا المستمر بمواصلة الاصلاحات الهيكلية". وأبرز أن اجتماعات الهيئتين الماليتين كانت فرصة "لإشادة الجميع بالنتائج الايجابية التي حققها الاقتصاد الجزائري و المؤشرات التي أضحى يظهرها بفضل الاصلاحات الرائدة التي تعكف الجزائر على تجسيدها لا سيما في مجال الاستثمار المحلي والاجنبي وتحسين بيئة الاعمال و تعزيز الحكم الراشد و تنويع الاقتصاد". أما عن فحوى اللقاءات التي أجراها مع ممثلي كل من البنك الدولي و صندوق النقد الدولي فأكد وزير المالية انها تركزت بالاساس حول مشروع رأس المال البشري والذي عقد بشأنه اجتماع وزاري رفيع المستوى وبحث التأثير المحتمل للذكاء الاصطناعي على تنمية رأس المال البشري من حيث تحفيز اكتساب كفاءات جديدة وتوسيع المعارف. كما عرفت مختلف اللقاءات التي نظمت بمناسبة هذه الاجتماعات بحث الاوضاع الاقتصادية الدولية مع تسليط الضوء على التحديات العالمية بالنظر الى الازمات المتتالية التي تشهدها الساحة الدولية. من جانب آخر أكد وزير المالية أن مسار انضمام الجزائر الى بنك التنمية الجديد التابع لمجموعة "بريكس" يوجد في مراحله النهائية وهو متواصل وفق الجدول الزمني المتفق عليه. وحسب توضيحات السيد فايد فإن التفاصيل المتعلقة بنسبة مساهمة الجزائر في رأسمال هذه المؤسسة المالية متعددة الاطراف هي قيد الدراسة حاليا وفق توجيهات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، لافتا الى انه سيتم "الاعلان قريبا عن انضمام الجزائر الى بنك التنمية الجديد". وعلى هامش مشاركته في اشغال اجتماعات الربيع لمؤسسات ''برون وودز'' كان لوزير المالية لقاء مع رئيسة البنك ديلما روسيف حيث تطرقا خلاله إلى تقدم مسار انضمام الجزائر إلى هذه المؤسسة المالية وسبل التعاون بينهما في تمويل المشاريع التنموية الإستراتيجية والمهيكلة للاقتصاد الجزائري، وفق ما أكده السيد فايد.