شكلت القرارات المتواصلة التي اتخذتها عدة بلدان مؤخرا حول الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين نقطة تحول تاريخية وخطوة نحو إنهاء الاحتلال الصهيوني, بعد قرابة ثمانية أشهر من الإبادة الجماعية والمجازر على قطاع غزة. وفي هذا الصدد, أعلن رئيس الوزراء النرويجي, يوناس غار ستور, اليوم الأربعاء, أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين اعتبارا من 28 مايو الجاري, مؤكدا أنه "لا يمكن أن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط, إذا لم يكن هناك اعتراف بالدولة الفلسطينية". وبموجب الاعتراف, ستعتبر النرويج أن فلسطين دولة مستقلة لها الحقوق والواجبات المترتبة على ذلك وستتركز جميع العلاقات مع فلسطين على القواعد الأساسية للقانون الدولي, فيما يتعلق بالاستقلال والمساواة والتعايش السلمي. ويعد الاعتراف بدولة فلسطين جزء من متابعة قرار صدر عام 2023 في البرلمان النرويجي, يقضي بأن الحكومة قد تختار الاعتراف بفلسطين كدولة, في وقت قد يكون فيه القرار ذا قيمة لعملية السلام ودون أي شروط تتعلق باتفاق السلام النهائي. بدورها, أعلنت إسبانيا, اليوم, أن قرار اعترافهما بدولة فلسطين سيدخل حيز التنفيذ يوم 28 مايو الجاري. وأكد رئيس الوزراء الإسباني, أمام مجلس النواب الإسباني, أن "الحكومة ستعترف بدولة فلسطينية مستقلة", موضحا أنه يوم الثلاثاء القادم, "ستقر إسبانيا في مجلس الوزراء الاعتراف بالدولة الفلسطينية". واتهم المسؤول الاسباني, في هذا السياق, الكيان الصهيوني بأنه "يعرض للخطر" حل الدولتين في الشرق الأوسط, من خلال سياسة "المعاناة والدمار" التي ينتهجها في قطاع غزة. من جهتها, أعلنت إيرلندا على لسان رئيس وزرائها, سيمون هاريس, الاعتراف بدولة فلسطين, مشيرا إلى أنه "تم اتخاذ هذه الخطوة على نحو مشترك مع النرويج وإسبانيا". وبهذه الخطوة التاريخية, رحبت الرئاسة الفلسطينية بإعلان كل من إيرلنداوالنرويج وإسبانيا الاعتراف بدولة فلسطين, مؤكدة أن هذه القرارات من شأنها تكريس حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. وأكدت الرئاسة, في ثلاث بيانات منفصلة, أن هذه القرارات ستساهم "في تكريس حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه وفي أخذ خطوات فعلية لدعم تنفيذ حل الدولتين". وأشارت إلى أن النرويجوإيرلندا دعمتا "حقوق الشعب الفلسطيني بثبات على مدار السنوات الماضية وصوتت لصالح هذه الحقوق في المحافل الدولية ليأتي هذا القرار المبدئي تتويجا لهذه المواقف واتساقا مع مبادئ القانون الدولي التي تقر بحق الشعوب في التخلص من الاستعمار والاضطهاد والعيش بحرية وعدالة واستقلال". كما نوهت إلى أن "قرار إسبانيا, في هذه الأوقات, يأتي مساهمة من الدول المؤمنة بحل الدولتين كخيار يمثل الإرادة والشرعية الدولية, في إنقاذ هذا الحل الذي يتعرض للتدمير الممنهج جراء السياسات الصهيونية, خاصة من خلال استمرار حرب الابادة الجماعية في قطاع غزة". من جانبها, اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية, أحمد أبو الغيط, القرار "خطوة من شأنها وضع النرويجوإيرلندا واسبانيا على الجانب الصحيح من التاريخ في هذا الصراع", داعيا الدول التي لم تعترف بفلسطين بعد إلى "الاقتداء بالدول الثلاثة في خطوتها المبدئية الشجاعة". كما رحبت بدورها, حركة المقاومة الإسلامية (حماس), بهذا بإعلان واعتبرته خطوة مهمة على طريق تثبيت حق الفلسطينيين في أرضهم وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. وثمنت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" المواقف الشجاعة لهذه الدول الأوروبية, معتبرة هذه الخطوة إثباتا لحقوق الشعب الفلسطيني ودعما لأسس الكيانات القانونية والسياسية لمطالب فلسطين في الاستقلال ومساعيها التحررية وصد لمساعي الكيان الصهيوني لإلغاء وجود الشعب الفلسطيني. لتنضم بذلك النرويج واسبانيا وإيرلندا إلى عدد من دول الكاريبي التي أقرت اعترافها بدولة فلسطين في الأسابيع القليلة الماضية, على غرار جامايكا, ترينيداد وتوباغو, باربادوس وجزر البهاماس. تواصل الاعترافات تكريس لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بأحقية دولة فلسطين في العضوية الكاملة في الأممالمتحدة وتأتي هذه الاعترافات المتواصلة بدولة فلسطين تكريسا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بأحقية دولة فلسطين للعضوية الكاملة في الأممالمتحدة التي تم تبنيه في 10 مايو الجاري, حيث صوت لصالحه 143 دولة وامتنعت 25 عن التصويت, فيما رفضته 9 دول. ونص القرار التي قدم باسم المجموعة العربية, على أن دولة فلسطين مؤهلة لعضوية الأممالمتحدة, وفقا للمادة 4 من الميثاق, ومن ثم ينبغي قبولها في عضوية المنظمة الدولية, وبناء على ذلك, يوصي القرار مجلس الأمن بإعادة النظر في هذه المسألة بشكل إيجابي. ويأتي هذا القرار تتويجا لجهود الجزائر الحثيثة في أروقة الأممالمتحدة من أجل قبول عضوية فلسطين الكاملة في المنظمة الأممية, بعد فشل مجلس الأمن في أبريل الماضي, في اعتماد مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر باسم المجموعة العربية بهذا الشأن. وتجسيدا لما قاله رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, بأن "جهود الجزائر لن تتوقف حتى تصبح دولة فلسطين عضوا كامل العضوية في الأممالمتحدة", أكد ممثل الجزائر الدائم لدى الأممالمتحدة, السفير عمار بن جامع, بعد الفيتو الأمريكي, "سنعود أقوى وأكثر صخبا بدعم من شرعية الجمعية العامة والدعم الأوسع من أعضاء الأممالمتحدة, فإن هذه ليست سوى خطوة أخرى في الرحلة نحو العضوية الكاملة لفلسطين", مشيرا إلى أن "التأييد الساحق لتطبيق دولة فلسطين يبعث برسالة واضحة وضوح الشمس, بأن دولة فلسطين تستحق مكانها الصحيح بين أعضاء الأممالمتحدة". وتواصل الجزائر - منذ إعلان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات, في 15 نوفمبر 1988 من أرض الجزائر, قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس - في أروقة مجلس الأمن, دفاعها عن القضية الفلسطينية, من أجل منح الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وإنهاء حرب الإبادة التي يتعرض لها هذا الشعب الأعزل منذ قرابة ثمانية أشهر.