في الوقت الذي يكثر فيه الحديث عن أمن الطرق بعد الارتفاع الرهيب لحوادث المرور، التي باتت تحصد الأرواح بالجملة، تصاعدت الأصوات الداعية إلى ضرورة فرض قوانين ردعية، غير أننا لم نسمع انتقادات لحظيرة السيارات الجزائرية التي باتت تشكل خطرا رهيبا، بالنظر لوضعية هذه الحظيرة، بعدما تحولت لمكب لكل الأنواع التي لا ترقى لاحترام المعايير الدولية المتعلقة بالسلامة· شكّل الحديث عن الإجراءات المتخذة من طرف شركة ''تويوتا''، فرع الجزائر القاضي باستدعاء أصحاب السيارات من أجل إعادة مراقبتها، نقطة تحول مهمة في طريقة النظر لحظيرة السيارات الجزائرية وعدم تطابقها لقواعد السلامة· ففي خضم الحديث عن الوضع الذي آلت إليه سلامة الطرق، تناسى مسؤولونا الحديث عن سلامة السيارات، التي كثيرا ما تكون ضمن الأسباب الرئيسية للحوادث· ليس غريبا على الجزائريين التفريق بين السيارات الأوروبية الصنع التي تحترم معايير السلامة والأمن والجودة مقابل السيارات المصنوعة خارج أوروبا أو في أوروبا الشرقية في إشارة لعدم احترامها لذات مقاييس السوق الأوروبية· يتجسد هذا الحديث في أسعار السيارات التي عادة ما تكون مرتفعة إذا ما تعلق الأمر بالأوروبية الصنع· الجدير بالذكر أن سوق السيارات في الجزائر يشهد غزوا للسيارات التي لا تنطبق عليها المعايير الأوروبية للسلامة، على اعتبار أن ماركات السيارات الأوروبية المستوردة ليست أوروبية الصنع، ما يعني أنها لا تحترم معايير السلامة، هذا ما يذكرنا بالانتشار الواسع للسيارات الصينية التي لقيت انتقادات واسعة عبر العالم، في إشارة إلى عدم اهتمام المصنع الصيني بالسلامة، وهو ما لم يسمح لها بدخول الأسواق الأوروبية، وإن كان عدد من الخبراء يشير إلى أن امتناع أوروبا عن استقبال السيارات الصينية مبعثه الخشية من المنافسة· وبالرغم من ذلك، فإنه لا يختلف اثنان حول الفرق الشاسع بين معايير السلامة للسيارات الأوروبية والصينية المسوقة في الأسواق الجزائرية· وقد سبق لماركة ''شانا'' أن استدعت عددا معتبرا من السيارات من نوع ''بيني'' بعد التأكد من الخلل التقني· هذا ما يقودنا للحديث عن الإجراءات المتخذة من طرف السلطات العمومية ببلادنا التي سبق لها وأقرّت قانونا لتنظيم سوق السيارات، حيث قامت وزارة التجارة بالتشاور مع جمعية وكلاء السيارات بالجزائر، غير أن القانون اقتصر على تنظيم الشق التجاري دون الاهتمام بالتفصيل في كل ما يتعلق بجانب الجودة، مع الإشارة إلى أن القانون أشار إلى عدة نقاط، أهمها إدخال سيارات تراعي مقاييس الأمن والسلامة وتحترم نظافة البيئة· فقد ترك الأمر للمؤسسة الوطنية للمراقبة التقنية للسيارات، التي أوكلت لها مهمة التأكد من سلامة السيارات وعدم تشكيلها خطر على الراكب والمشاة، في إشارة إلى أن السلطات دعمت من مكانة هذا الجهاز الرقابي، الذي بات يضم 203 عون معتمد ينشط 022 منهم، ومن حيث عدد العمال تم تكوين أكثر من 7141 مراقب تقني· هذا بالإضافة إلى الدور الذي تقوم به مديريات الرقابة الاقتصادية وقمع الغش التي تهتم هي الأخرى بالمخالفات في مجال سلامة السيارات، وليتحول السوق الجزائري لمكب لكل أنواع السيارات التي تحترم معايير الجودة والسلامة، لتساهم في تدهور أمن الطرقات بالجزائر·