البشارات بالنجاح: ومع هذا كله كان المسلمون يعرفون منذ أول يوم لاقوا فيه الشدة والاضطهاد بل ومن قبله أن الدخول في الإسلام ليس معناه جر المصائب والحتوف، بل إن الدعوة الإسلامية تهدف منذ أول يومها إلى القضاء على الجاهلية الجهلاء ونظامها الغاشم، وأن من نتائجها في الدنيا بسط النفوذ على الأرض، والسيطرة على الموقف السياسي في العالم لتقود الأمة الإنسانية والجمعية البشرية إلى مرضاة الله، وتخرجهم من عبادة العباد إلى عبادة الله· وكان القرآن ينزل بهذه البشارات مرة بالصراحة وأخرى بالكناية ففي تلك الفترات القاصمة التي ضيقت الأرض على المسلمين، وكادت تخنقهم وتقضي على حياتهم، كانت تنزل الآيات بما جرى بين الأنبياء السابقين وبين أقوامهم الذين قاموا بتكذيبهم والكفر بهم، وكانت تشتمل هذه الآيات على ذكر الأحوال التي تطابق تماما أحوال مسلمي مكة وكفارها، ثم تذكر هذه الآيات بما تمخضت عنه تلك الأحوال من إهلاك الكفرة والظالمين، وإيراث عباد الله الصالحين الأرض والديار· فكانت في هذه القصص إشارات واضحة إلى فشل أهل مكة في المستقبل، ونجاح المسلمين مع نجاح الدعوة الإسلامية· وفي هذه الفترات نزلت آيات تصرح ببشارة غلبة المؤمنين، قال تعالى: ''وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ'' (الصافات:171: 177)، وقال: ''سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ'' (القمر:45)، وقال: ''جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الْأَحْزَابِ'' (ص:11)· ونزلت في الذين هاجروا إلى الحبشة: ''وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي الله مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ'' (النحل:41)· وسألوه عن قصة يوسف فأنزل الله في طيها: ''لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ'' (يوسف:7)· أي فأهل مكة السائلون يلاقون ما لاقى إخوانه من الفشل، ويستسلمون كاستسلامهم، وقال وهو يذكر الرسل: ''وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ'' (إبراهيم:14 ,13)· وحينما كانت الحرب مشتعلة بين الفرس والرومان، وكان الكفار يحبون غلبة الفرس لكونهم مشركين، والمسلمون يحبون غلبة الرومان لكونهم مؤمنين بالله والرسل والوحي والكتب واليوم الآخر، وكانت الفرس يغلبون ويتقدمون، أنزل الله بشارة بغلبة الروم في بضع سنين، ولكنه لم يقتصر على هذه البشارة الواحدة، بل صرح ببشارة أخرى، وهي نصر الله للمؤمنين حيث قال: ''وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ الله'' (الروم: 5 ,4)· وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه يقوم بمثل هذه البشارات بين آونة وأخرى، فكان إذا وافي الموسم، وقام بين الناس في عُكاظ، ومَجَنَّة، وذي المَجَاز لتبليغ الرسالة، لم يكن يبشرهم بالجنة فحسب، بل يقول لهم بكل صراحة: ''يا أيها الناس، قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا، وتملكوا بها العرب، وتدين لكم بها العجم، فإذا متم كنتم ملوكًا في الجنة''· وقد أسلفنا ما أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم عتبة بن ربيعة حين أراد مساومته على رغائب الدنيا، وما فهمه ورجاه عتبة من ظهور أمره عليه الصلاة والسلام· وكذلك ما أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم آخر وفد جاء إلى أبي طالب، فقد صرح لهم أنه يطلب منهم كلمة واحدة يعطونها تدين لهم بها العرب، ويملكون العجم· ------------------------------------------------------------------------ إرق نفسك بنفسك (الطب البديل): الدهن دهن: روى الترمذي في كتاب الشمائل من حديث أنس بن مالك رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر دهن رأسه، وتسريح لحيته، ويكثر القناع كأن ثوبه ثوب زيات· الدهن يسد مسام البدن، ويمنع ما يتحلل منه، وإذا استعمل به بعد الاغتسال بالماء الحار، حسن البدن ورطبه، وإن دهن به الشعر حسنه وطوله، ونفع من الحصبة، ودفع أكثر الآفات عنه· وفي الترمذي: من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ''كلوا الزيت وادهنوا به''، وسيأتي إن شاء الله تعالى· والدهن في البلاد الحارة، كالحجاز ونحوه من أسباب حفظ الصحة وإصلاح البدن، وهو كالضروري لهم، وأما البلاد الباردة، فلا يحتاج إليه أهلها، والإلحاح به في الرأس فيه خطر بالبصر· وأنفع الأدهان البسيطة: الزيت، ثم السمن، ثم الشيرج· وأما المركبة: فمنها بارد رطب، كدهن البنفسج ينفع من الصداع الحار، وينوم أصحاب السهر، ويرطب الدماغ، وينفع من الشقاق، وغلبة اليبس، والجفاف، ويطلى به الجرب، والحكة اليابسة، فينفعها ويسهل حركة المفاصل، ويصلح لأصحاب الأمزجة الحارة في زمن الصيف، وفيه حديثان باطلان موضوعان على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما: ''فضل دهن البنفسج على سائر الأدهان، كفضلي على سائر الناس''· والثاني: ''فضل دهن البنفسج على سائر الأدهان، كفضل الإسلام على سائر الأديان''· ومنها: حار رطب، كدهن البان، وليس دهن زهره، بل دهن يستخرج من حب أبيض أغبر نحو الفستق، كثير الدهنية والدسم، ينفع من صلابة العصب، ويلينه، وينفع من البرش والنمش، والكلف والبهق، ويسهل بلغما غليظا، ويلين الأوتار اليابسة، ويسخن العصب، وقد روي فيه حديث باطل مختلق لا أصل له: ''ادهنوا بالبان، فإنه أحظى لكم عند نسائكم''· ومن منافعه أنه يجلو الأسنان، ويكسبها بهجة، وينقيها من الصدأ، ومن مسح به وجهه وأطرافه لم يصبه حصى ولا شقاق، وإذا دهن به حقوه ومذاكيره وما والاها ، نفع من برد الكليتين، وتقطير البول· ------------------------------------------------------------------------ قرآننا شفاؤنا قال الله تعالى: ''النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6)'' سورة الأحزاب دعاء اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ونعوذ بك من شر ما استعاذ منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وأنت المستعان وعلى نبينا وحبيبنا البلاغ ولا حول ولا قوة إلا بالله'' آمين يا قريب يا مجيب السنة قال حبيبنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : ''فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده'' رواه البخاري ------------------------------------------------------------------------ لمن كان له قلب: الرسالة التي أبكت رسول الله فينطلق جبريل حتى يقوم بين يدي الله تعالى، فيقول الله تعالى·· كيف رأيت أمة محمد؟ فيقول·· يارب ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم· فيقول·· هل سألوك شيئا؟ فيقول·· يارب نعم، سألوني إن أقرئ نبيهم منهم السلام وأخبره بسوء حالهم· فيقول الله تعالى·· انطلق فاخبره·· فينطلق جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في خيمة من درة بيضاء لها أربعة آلاف باب، لكل باب مصراعان من الذهب، فيقول·· يا محمد·· قد جئتك من عند العصابة العصاة الذين يعذبون من أمتك في نار، وهم يقرأونك السلام ويقولون ما أسوأ حالنا، وأضيق مكاننا· فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم إلى تحت العرش فيخر ساجدا ويثني على الله تعالى ثناء لم يثن عليه أحد مثله·· فيقول الله تعالى·· ارفع رأسك، وسل تعطى، واشفع تشفع· فيقول·· ''يا رب الأشقياء من أمتي قد انفذت فيهم حكمك وانتقمت منهم، فاشفعني فيهم''· فيقول الله تعالى·· قد شفعتك فيهم، فات النار فاخرج منها من قال لا إله إلا الله·· فينطلق النبي صلى الله عليه وسلم فإذا نظر مالك النبي صلى الله عليه وسلم قام تعظيما له فيقول·· ''يا مالك ما حال أمتي الأشقياء''· فيقول·· ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم· فيقول محمد صلى الله عليه وسلم·· افتح الباب وارفع الطبق، فإذا نظر أصحاب النار إلى محمد صلى الله عليه وسلم صاحوا بأجمعهم فيقولون·· يا محمد، أحرقت النار جلودنا وأحرقت أكبادنا، فيخرجهم جميعا وقد صاروا فحما قد أكلتهم النار، فينطلق بهم إلى نهر بباب الجنة يسمى نهر الحيوان، فيغتسلون منه فيخرجهم منه شبابا جردا مردا مكحلين وكانت وجوههم مثل القمر، مكتوب على جباههم ''الجهنميون عتقاء الرحمن من النار''، فيدخلون الجنة فإذا رأى أهل النار أن المسلمين قد أخرجوا منها قالوا·· يا ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج من النار وهو قوله تعالى ''ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين'' الحجر (2)· وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ''اذكروا من النار ما شئتم، فلا تذكرون شيئا إلا وهي أشد منه''، وقال: ''إن أهون أهل النار عذابا لرجل في رجليه نعلان من نار، يغلى منها دماغه، كانه مرجل، مسامعه جمر، وأضراسه جمر، وأشفاره لهب النيران، تخرج أحشاء بطنه من قدميه، وأنه ليرى أنه أشد أهل النار عذابا، وأنه من أهون أهل النار عذابا''؟ أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله جاء بالحق من عنده·· اللهم اجرنا من النار·· اللهم اجرنا من النار·· اللهم اجرنا من النار·· اللهم اجرنا والمسلمين من النار·· آمين ·· آمين ·· آمين·